إعلان

الفلوجة: رحلت داعش والدمار أطاح بأحلام العودة

12:10 م السبت 15 أكتوبر 2016

الدمار في الفلوجة - صورة أرشيفية

كتبت - أماني بهجت:
نشر مركز بولتيزر لتغطية الأزمات تقريرًا من مدينة الموصل العراقية عن المعركة مع داعش، وبحسب التقرير فهذه المعركة هي واحدة من أهم المعارك لطرد داعش من العراق وما يقع بنفس الأهمية هو إعادة إعمار المنطقة والعلاقات مع الناس.
ووفقًا للتقرير، أصبحت الفلوجة كمدينة أشباح خالية تمامًا بعد أن كانت واحدة من المدن المعمورة وتقع على بعد ساعة غرب بغداد بالسيارة.
وسيطرت داعش على هذه المدينة منذ عامين عندما دخلوا للعراق من سوريا واحتلوا مناطق عبر البلدين. وظلت المدينة تحت حكمهم حتى طردهم منها الجيش العراقي في يونيو.

ولكي يتمكن الجيش العراقي من استعادة السيطرة على المدينة اضطر إلى إخلائها تمامًا، والقتال الذي نشب تباعًا دمر كل ما يمكن للعين رؤيته. وإلى الآن الأجواء في المدينة لا تزال فارغة إلى حد كبير بشكل لا يصدق.

خليل عباس - هو أحد سكان الفلوجة، ويتحرق شوقًا لإعادة إعمار المدينة وقام بإعداد عائلته للعودة لقريتهم على أطراف الفلوجة وحزم كافة أمتعتهم، حتى الدجاج لإعداد الطعام. يقول عباس إنه متفائل "أشعر بالسعادة لعودتي لمنزلي مع عائلتي حيث يمكننا عيش حياة طبيعية في استقرار. إن شاء الله سنستعيد حياتنا القديمة".

وبحسب مُعد التقرير جان فيرجسون لا يستطيع كثيرون فعل ذلك، أي العودة إلى مدينة الفلوجة. فيتكدس أخرون في المخيمات ولا يسمح لهم بالعودة، البعض الأخر لم يحصل على تصريح أمني من قوات الأمن. يحاولون جميعًا العودة إلى منازلهم. فر هؤلاء من القتال العنيف عندما استعاد الجيش العراقي السيطرة على مدينة الفلوجة من داعش.
والآن ما يريدونه هو العودة، في مركز للفرز خارج المدينة يأمل أن يتم إعطائهم تصاريح حكومية للعودة لديارهم، ولكن قبل ذلك عليهم إقناع المسؤولين في مركز الفرز أنهم ليسوا أعضاءً في التنظيم الإرهابي.

يقول جاين فيرجسون إن الحكومة بأجهزتها الأمنية من الأمن الوطني والمخابرات ومحاربة الإرهاب والمخابرات الحربية والمخابرات الشرطية لديهم قائمة بالأعضاء المشتبه انضمامهم لداعش وكل من يتقدم بطلب العودة إلى الفلوجة يتم فحصه إذا ما كان على هذه القائمة أم لا، وعندما يتم فحص الأسماء يتم عمل لائحة سوداء بالمشتبه فيهم ويتم القبض عليهم.

يشرح اللواء حمزة المحمد من الجيش العراقي كيف تتم العملية، إذا تقدمت عائلة بطلب العودة للفلوجة، فهذه العائلة تحت اسم شخص ما، فلنفترض أن هذا الشخص يسمى أحمد، نقوم بالتحري عن الشخص –المسؤول عن العائلة- فباقي العائلة نساء وأطفال.
وبحسب فيرجسون، إذا جاء الفحص أبيض فهذا يعني أنه حر للعودة. ويتم إعطائهم شريحة وبعض الرصيد ومن ثم يتوجهون إلى الفلوجة.
أما عن أولئك الذين عادوا، فالشوارع يسيطر عليها الهدوء التام، فمع الوقت الذي انتهت فيه زخات الرصاص في الفلوجة كان الجميع قد لاذ بالفرار.
كل الطرق المؤدية إلى المدينة تم تدميرها وشوهت بفعل الحرب. توجد علامات ضئيلة تدل على الحياة. وفقًا لمسؤولين حكوميين، ما يقرب من 5% فقط من السكان المؤيدين لداعش عادوا للمدينة. وبحسب الحكومة، فالعديد من المنازل لا تزال مفخخة. سيستغرق تنظيف هذه الشوارع وجعلها آمنة مجهود كبير.

تفتقد بعض العائلات أفرادها بعد أن قام الجيش باحتجازهم عند فرارهم من المدينة.
احتجزت قوات الأمن بعض أهالي الفلوجة أنها إخلائها بحثًا عن محاربين تابعين لداعش. ومن يتم إطلاق سراحه يتم إرساله إلى المخيمات.
حمد خلف تم اعتقاله مع 4 من أبنائه البالغين، ولكن تم إطلاق سراحه هو واثنين منهم فقط. حدث ذلك منذ 4 أشهر ولم يسمع حمد أي شئ عن ابنيه الآخرين.
يقول حمد خلف أن ولديه متحفظ عليهم، ويحكي أن أحد الأشخاص جاء وقال له "لقد رأيت أحد أبنائك مع داعش"، ولكني أقول أن ابني شخص طبيعي ولا يتبع داعش وليس معهم.
وعلى لسان فيرجسون: في كثير من الحالات كما يقول يصل الأمر إلى الأحقاد الشخصية ويغلب على عمليات الاحتجاز التعسف.
يقول حمد خلف أن نفس الأمر تكرر مع الالآف من الناس وليس فقط ابنيه. ويضيف أن أبنائه أبرياء، وإنه يتم احتجازهم بدون تفسير. ويضيف إذا كان هناك شخص يكره الأخر فسيبلغ الشرطة أن هذا الشخص ينتمي لداعش.
يصيب الذهول فاطمة زوجة حمد لعدم معرفة مكان أبنائها.
تقول فاطمة "أشعر إنهم لن يطلقوا سراحهم أو سيبقوهم في الاحتجاز لشهر أو شهرين أخرين، يمكن ألا أراهم، يمكن أن أموت ولا أراهم ثانيًة.
وبحسب فيرجسون فالأمريكيون حاربوا في معركة الفلوجة في 2004 ولم يتمكنوا من تحرير المدينة من قبضة المتطرفين السنة التابعين للقاعدة في العراق.
ورفض السنة هنا الإطاحة بصدام حسين وصعود الشيعة للحكومة في بغداد ورحب العديد منهم بالقاعدة كمدافعين عنهم.

إرث سفك الدماء هذا يعني أن بعض الأشخاص في هذا المخيم لا زالت لديهم ذكريات مريرة من التدخل الأمريكي في بلادهم.

ماجد صالح وهو أحد اللاجئين من الفلوجة يقول: لقد فقدت 31 شخصا من عائلتي بسبب الأمريكيين، منهم نجل شقيقتي الذي كان يبلغ من العمر 4 أشهر، نجل شقيقتي وشقيقته ووالدهم، كلهم تم قتلهم. ماذا يمكن أن أقول أكثر؟

يحكي فيرجسون بعد إنسحاب الجيش الأمريكي من العراق، أصبحت سياسات حكومة بغداد التي يقودها الشيعة أكثر طائفية. حيث تركت السنة في مناطق مثل الفلوجة في حرمان، حتى رحب كثير منهم بشكل مبدئي بداعش، النسخة الجديدة الأكثر طموحًا من القاعدة.

يرى صهيب الراوي، محافظ محافظة الأنبار وهو سني أن الفتنة الطائفية لها اليد العليا في ذلك.
يقول صهيب: "واجه المجتمع السني الظلم. وتم قتل العديد من القادة أو هربوا خارج البلاد. لذلك شعر المجتمع بالظلم. أنا لا أبرر للمتطرفين السنة ولكن هذا ما أشعل الوضع السياسي والأمني في المناطق السنية."
ووفقًا لفيرجسون فإن اليوم تحاول الحكومة العراقية استعادة الفلوجة بما في ذلك الأمن الشامل والفحص المخابراتي لكل السكان، ولكن هذا لن يعطي لأهل الفلوجة الحياة التي كانوا يمتلكونها يومًا، والتي هي الآن مجرد ذكرى.
يقول ماجد صالح: "ماذا يمكن أن نقول عن الفلوجة؟ لقد كنا ننعم بالماشية كطعام الآن نعيش على طعام الماشية. لقد رحلت الفلوجة، ضاعت، ضاعت الفلوجة".
وينهي فيرجسون تقريره قائلًا إن الفلوجة تم تدميرها بسبب الحرب من قبل وتم إعادة إعمارها، ومن غير المرجح أن تتوقف الانفجارات المتكررة حتى يشعر أهل الفلوجة أنهم جزء من العراق اليوم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان