إعلان

الاندندبنت: عراقي يروى تفاصيل الحياة تحت حكم داعش

02:01 م الأحد 22 مارس 2015

تنظيم داعش في العراق

 
كتبت- هدى الشيمي:

في الرابع من أكتوبر العام الماضي، تمكن تنظيم داعش من الاستيلاء على مدينة هيت العراقية، في غضون ساعات قليلة، بحسب صحيفة الاندبندنت البريطانية.

ذكرت الصحيفة أن المدينة التي يعيش فيها حوالي 100 ألف سني، تأثرت بعد سيطرة داعش عليها، وخلق ذلك بعد التغييرات، فهناك من انضم للتنظيم، وهناك من استاء بشدة.

وكان من بين المستائين لسيطرة داعش على هيت، فيصل البالغ من العمر 35 عاما، يعمل موظف في الحكومة، متزوج ولديه طفلين، وأحد المراقبين الجيدين لوضع الزراعة والصناعة والنقل في مدينته على مدار الخمسة أشهر الماضيين.

انتقل فيصل من هيت إلى العاصمة الكردية أربيل، وهناك وصف للصحيفة حياته تحت حكم داعش، بدءً من اليوم الذي استولى فيه التنظيم على مدينته.

-         الإستيلاء على المدينة في ساعات:

في البداية أطلع فيصل الصحيفة على كيفية دخول داعش مدينته، فقال "في الساعة الرابعة فجرا، سمعنا صوت انفجار ضخم، حيث قام التنظيم بتفجير قنبلة على المدخل الرئيسي للمدينة"، مشيرا إلى أنهم بعد ذلك بدأوا القتال في الخارج والداخل.
 
وأرجع فيصل سبب قتال التنظيم في الداخل والخارج إلى هجوم بعض المقاتلين من خارج المدينة على القوات العراقية، أما في الداخل فكان هناك قوات محلية من أهل المدينة، شنوا هجمات على الجيوش العراقية من الخلف، وتمكنوا من الاستيلاء على جميع مراكز الشرطة، لتكون المنطقة كلها تحت سيطرة داعش بعد ساعة واحد.

وأشار فيصل إلى أنه لم يواجه أي مشاكل مع نقاط المرور التي تضعها داعش على مداخل ومخارج هيت، لأن المسئولين عنها كانوا جيرانه الذين يعرفهم ويعرفونه، ولديهم قائمة بالأشخاص التي يسعى التنظيم في إلقاء القبض عليهم.

-         المياه الملوثة:

واستطرد "بعد استيلاء داعش على هيت منعت توصيل الطعام لمدينة حديثة، لأنها لا تزال تحت سيطرة الحكومة العراقية، وردا على ذلك، أوقفت حديثة إمداد الكهرباء عن هيت، وباقي المدن التي تسيطر عليها داعش".

وترتب على عدم وجود الكهرباء، بحسب فيصل، توقف كل العمليات التي تعتمد على الطاقة الكهربائية من بينها تنظيف وتطهير الماء،  مما أدى إلى نقص وجود الماء، ولجأ الناس للحصول على المياه الملوثة من بحر الفرات.

لأن هيت تعتبر مركز الزراعة، وأحد أهم المناطق الزراعية في العراق، فإن الحصول على الطعام بأسعار زهيدة لم يكن صعبا، ولكن المشكلة كانت في عدم قدرة الكثيرين على الحصول على الطعام لأنهم توقفوا جميعا عن العمل، ولم يعد لديهم مالا، فلم تعد أي جهة تدفع الرواتب الشهرية للعاملين سوى الحكومة العراقية، والتي ترغب في الحفاظ على ولاء المواطنين، لكي لا تتمكن داعش من الوصول لبغداد.

أما داعش فتتمكن من توفير بعض الخدمات للسكان، عبر حصولها على بعض اسطوانات الغاز التي يمكن استخدامها في المنازل، لتحضير الطعام، أو تسخين المياه، ليتم تعبئتها مرة أخرى، في مدينة الرقة التي تعد عاصمة الخلافة.

-         التدخل في كل الأمور:

وبالنسبة لفيصل، فإن أكثر ما يكرهه في سياسة داعش هي التدخل في كل شيء، فقال "يدخلون أنوفهم في كل شيء، مثل التعليم والمساجد، وملابس النساء، والزكاة، وكل شيء يتعلق بالحياة".

أخبرته عائلته أن حوالي 2000 مقاتل يزورون يوميا المتاجر في المدينة، لجمع الضرائب، تحت اسم "الزكاة"، ولم يقتصر الأمر على المحلات التجارية فقط، بل أنهم يأخذون ضرائب من رواتب الموظفين.

 وهناك بعض التفاصيل التي تؤكد أن التنظيم يحاول يفرض نفسه بأقصى قوته، من بينها ملابس النساء، والتي يجب أن تكون رداء أسود يغطي كل جسدها، من بينهم وجهها ورأسها، وإذا لم تكن مالكة لواحد منهم، فعليها شرائه من المتاجر بحوالي ثمانية دولارات، وتذهب النقود لخزانة داعش.

أما التعليم، فغير التنظيم المناهج التي كانت موجودة بالمدارس لسنوات، واستبدلوها بأخرى حديثة، والتي تٌدرس في الرقة، والفالوجة، فعدّلوا في مناهج الفلسفة والكيمياء، وألغوا الفنون بمختلف أنواعها مثل الرسم والموسيقي، بالإضافة إلى علم النفس، والديانة المسيحية، وطالبوا المعلمين بإلغاء أي جزء في المناهج له علاقة بالانتخابات أو الديموقراطية.

وتابع فيصل قوله "لم يعد بإمكان معلمي الأحياء التحدث عن نظريات التطور، وتوقف معلمو اللغة العربية عن تدريس القصائد بمختلف أنواعها، والتي تعتبرها داعش قصائد وثنية".

وأضاف فيصل قائلا إن داعش استبدلت كافة الأئمة والعاملين في المساجد بالدعاة من خارج العراق وسوريا، أغلبهم من المملكة العربية السعودية، وتونس وليبيا، وأفغانستان، بعضهم يكتفي بقول خطبة الجمعة فقط، أما عن الدعاة القدامى فقد ذهبوا إلى بغداد بعد أن أخرجتهم داعش من المساجد.

-         النفط الخام والهواتف المحمولة:  

وعن البنزين والغاز، قال فيصل أنها متاحة في هيت ولكنها غالية السعر وذات نوعية رديئة، وأرجع ذلك إلى استيلاء قوات التنظيم على حقول النفط الخام في سوريا، ثم تكريرها بطريقة بدائية، لبيعها في المناطق التي تسيطر عليها، مما سببت في تدمير محركات السيارات، والآلات، والمولدات الكهربائية.

كما لفت لخوف داعش الشديد من الهواتف المحمولة وشبكات الانترنت، والتي غالبا ما تستخدم في توصيل المعلومات عنها، وتساعد في الكشف عن مواقعهم، وأماكن قيادتهم ووحداتهم العسكرية، مما يساعد التحالف الغربي بقيادة أمريكا على العثور عليهم، وشن الهجمات التي بمقدرتها القضاء عليهم.

وحتى فبراير الماضي، كانت الهواتف المحمولة تعمل في بعض المواقع في المدينة، ولكن بعد وقوع قتال بين داعش وبعض المقاتلين خوفا من وجود جواسيس، قاموا بهدم أبراج الإرسال الخاصة بالهواتف وشبكات الانترنت.

لم يعد الانترنت يعمل في مقاطعة الأنبار منذ ثمانية أشهر، ويقنع أفراد التنظيم المواطنين باستخدام الأقمار الصناعية التي يراقبوها، وفي الفترة الأخيرة وفرت خدمات انترنت محدودة، لا تعمل إلا في المكاتب التي تسيطر عليها داعش سيطرة كاملة، فلا يوجد امكانية للدخول على الانترنت، من المنازل، أو الهواتف المحمولة، فقال فيصل "داعش لديها القدرة على مراقبة الحواسب الآلية، لمعرفة ماذا تقول، ومع من تتحدث".

-         الانضمام لداعش:

ونقلا عن فيصل، فإن أغلب المنتمين لداعش تكون الأسباب وراء قتالهم في صفوفه "اقتصادية"، وقال إنه يعلم الكثير من المنضمين لداعش، من أجل الحصول على المال، حيث تدفع لهم رواتب تصل أحيانا إلى 175.000 دينار، أي ما يعادل 80 جنيه استرليني، بجانب المنازل، والغاز، والسكر، والشاي، والخبر، وغيرهم من المواد الغذائية، والخدمات.

كما أكد أن داعش لا تزال مصدر هام وأساسي في الحصول على المال، والتي تصادر ممتلكات المواطنين الذين عملوا في الشرطة، والقضاء، وقوات الأمن العراقية، وتقوم محكمة الشريعة، والتي يعمل بها قضاة ليبيين وتونسيين، بالحصول عل أي شيء يوجد في هذه المنازل، سواء كان أثاث، أو حلي، وغيره.

وصرّح تاجر كردي عاش في الموصل للصحيفة في نوفمبر الماضي، أن تنظيم داعش لا يزال قويا، تزداد قواته، وتتسع الأراضي التي يسيطر عليها، على الرغم من الهجمات المستمرة التي يشنها التحالف الدولي عليها باستمرار.

يعتبر علي حسين مصطفى، الطالب الجامعي ذو 21 عاما، والذي ترك الموصل منذ فترة، حكم داعش أفضل كثيرا من الحكومة العراقية، فيما يتعلق بالمواطنين، والتعاون معهم، إلا أنه انتقد تصرفات بعض المقاتلين عند نقاط المرور، والذين تحرشون بالنساء اللائي لم يقمن بتغطية وجهوهن.

ولكنه أكد أن كل من حوله يروا أن حكم داعش سيء جدا، أو ربما أسوأ مما مروا به عندما كانت الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، منذ عام 2003، وحتى 2011.

-         مقاومة داعش:

رأى فيصل أن داعش مجرد مشروع إيراني أمريكي، عندما تنتهي مخططاته سيغادر المنطقة، مشيرا إلى أن السنة الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها داعش واثقين من أن التنظيم لا يسعى لتأسيس دولة، ولكنه يهدف إلى القضاء على المناطق السنية.

وأعرب عن استيائه من الحكومة العراقية، التي لا تعطي داعش الاهتمام المطلوب، ولا تسعى بجدية للقضاء عليها، أو استعادة المدن التي قامت بالاستيلاء عليها.

وعن الضربات الجوية من قبل التحالف الدولي بقيادة أمريكا، قال إنه لم يقم بشيء سوى اضعاف التنظيم، أو الحاق خسائر بسيطة جدا به، ولكنه لم يتسبب في أكثر من ذلك.

وبعد مقارنة تنظيم القاعدة بداعش، أكد فيصل أن مقاتلي القاعدة كانوا ملائكة بالنسبة لأفعال شياطين داعش، وبرر ذلك لعدم رغبة أي عراقي في مغادرة وطنه أثناء وجود القاعدة في العراق منذ عام 2005 وحتى عام 2006.

وتابع "نحن نكره الحكومة، ولكن داعش ليس البديل الجيد، الذي يعوضنا عما عشناه، فنحن نكره داعش أيضا، إلا أنهم أفضل من المليشيات الشيعية، والذين بإمكانهم تحويل الوضع إلى جحيم".

  لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان