جيمي كارتر يكتب: خطة تضعها "خمس دول" تنهي الأزمة السورية
ترجمة: محمد عبد العزيز:
كتب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتي مقالا نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يوم الجمعة عرف فيه رؤيته لإنهاء الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ خمس سنوات، والتي حصت أرواح أكثر من ربع مليون شخص وشردت نصف سكان البلاد. وجاء نص المقال كالتالي.
"أعرف الرئيس السوري بشار الأسد منذ أن كان طالبا جامعيا في لندن، وقضيت عدة ساعات أناقشه بعد أن تولى منصبه.
هذه اللقاءات كانت في كثير من الأحيان تأتي بناء على طلب من حكومة الولايات المتحدة بعد سحب سفرائنا من دمشق بسبب خلافات دبلوماسية.
لدى بشار ووالده، حافظ، سياسة عدم التحدث لأي شخص في السفارة الأمريكية خلال فترات القطيعة، لكنهما تحدثا معي.
لاحظت أن بشار لم يشر أبدا إليها إلى أي شخص يحصل منه على مشورة أو معلومة.
كان العناد أبرز سماته الشخصية الثابتة؛ كان من المستحيل أن يغير رأيه وبالتأكيد عندما لا يوضع تحت الضغط.
قبل انطلاق الثورة في مارس من عام 2011، ضربت سوريا مثالا جيدا للعلاقات المتناغمة بين العديد من الجماعات العرقية والدينية المختلفة التي تعيش فيها، بما في ذلك العرب والأكراد واليونانيين والأرمن والآشوريين - الذين كانوا مسيحيين - واليهود والسنة والعلويين والشيعة. كانت عائلة الأسد تحكم البلاد منذ عام 1970، وكانت فخورة للغاية بهذا الانسجام النسبي بين هذه المجموعات العرقية والدينية المتنوعة.
وعندما طالب المحتجون في سوريا بإصلاحات في النظام السياسي طال انتظارها، رأى الرئيس الأسد أن هذا جهدا ثوريا غير قانوني يهدف لإسقاط نظامه "الشرعي"، وقرر مخطئا القضاء عليها عن طريق استخدام القوة غير الضرورية. ولعدة أسباب معقدة، حصل على دعم الجيش ومعظم المسيحيين واليهود والمسلمين الشيعة والعلويين وغيرهم ممن يخشون هيمنة المسلمين السنة. وكان احتمال الإطاحة به بعيدا حينذاك.
كان مركز كارتر منهمكا في العمل داخل سوريا منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، تشاركنا في الأفكار مع كبار المسؤولين بواشنطن، وسعينا للحفاظ على فرص التوصل إلى حل سياسي للصراع. ورغم الاحتجاجات السرية المستمرة، كان الموقف الأمريكي الأولي في حل النزاع يكمن في رحيل الأسد عن منصبه.
ورأى الذين يعرفون الأسد أن هذا المطلب محكوم عليه بالفشل، لكن واشنطن استمرت على ذلك لأكثر من أربع سنوات. وفي الواقع، كان شرطنا المسبق لجهود السلام مستحيلا.
وحاول كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، والأخضر الإبراهيمي، وزير الخارجية الجزائري السابق، إنهاء الصراع من خلال توليهما منصب "المبعوث الخاص للأمم المتحدة"، لكنهما قررا التوقف عن بذل الجهد بسبب عدم التوافق بين واشنطن وموسكو ودول أخرى بشأن وضع الرئيس الأسد خلال عملية السلام.
وفي مايو الماضي، زار مجموعة من القادة العالميين، المعروفين باسم "الحكماء"، موسكو حيث أجروا مناقشات مفصلة مع السفير الأمريكي والرئيس السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف ورئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وممثلي مراكز أبحاث دولية، بما في ذلك فرع مركز كارنيجي في موسكو.
وأشاروا إلى الشراكة طويلة الأمد بين روسيا ونظام الأسد، وإلى التهديد الكبير الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية إلى روسيا، حيث يقدر أن 14 بالمائة من سكانها من المسلمين السنة.
وفي وقت لاحق، سألت الرئيس بوتين عن تأييده للأسد، وحول الجلستين اللتين عقدهما هذا العام مع ممثلي فصائل معارضة من سوريا؛ فأجاب بأنه لم يتم إحراز أي تقدم يذكر، وكان يعتقد أن الفرصة الحقيقية الوحيدة لإنهاء الصراع هو انضمام الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا والمملكة العربية السعودية لإعداد مقترح سلام شامل.
وأعرب عن اعتقاده بأن جميع الفصائل في سوريا تقريبا، باستثناء تنظيم الدولة الإسلامية، ستقبل أي خطة يؤيدها هؤلاء الخمسة، حيث تدعم إيران وروسيا بشار الأسد في حين تدعم الدول الثلاثة الأخرى المعارضة.
وبعد موافقته، نقلت هذا الاقتراح إلى واشنطن.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، عمل مركز كارتر مع سياسيين سوريين منقسمين، وقادة جماعات معارضة مسلحة، ودبلوماسيين أممين وأوروبيين لإيجاد مسار سياسي يهدف لإنهاء الصراع.
استند هذا الجهد على بحوث التي أجراها المركز وتظهر بيانات متعلقة بالكارثة السورية، وتكشف مواقع الفصائل المختلفة وأنه لا سيطرة عسكرية واضحة لأي من طرفي الصراع.
القرار الأخير الذي اتخذته روسيا مؤخرا لدعم نظام الأسد، عن طريق شن ضربات جوية وعمليات عسكرية أخرى، أدى إلى تزايد وتيرة القتال ورفع مستوى التسلح وربما زاد من تدفق اللاجئين إلى البلدان المجاورة وأوروبا.
في نفس الوقت، ساعد ذلك القرار على توضيح الاختيار بين عملية سياسية يكون لنظام الأسد دورا فيها وبين المزيد من الحروب ستؤدي إلى أن يصبح تنظيم الدولة خطرا أكبر على السلام العالمي.
ومع هذه البدائل الواضحة، يمكن أن تضع الدول الخمس المذكورة أعلاه صياغة اقتراح بالإجماع. لكن للأسف، لا تزال الاختلافات قائمة بينهم.
واقترحت إيران خطة من أربع نقاط العام قبل عدة أشهر، تتكون من وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة، ووضع إصلاحات دستورية، وإجراء انتخابات.
ومن خلال العمل عبر مجلس الأمن الدولي والاستفادة من اقتراحات الدول الخمس، يمكن العثور على بعض الآليات لتنفيذ هذه الأهداف.
إشراك روسيا وإيران أمر ضروري.
التنازل الوحيد من جانب الرئيس الأسد خلال الأربع سنوات الماضية من الحرب هو التخلي عن الأسلحة الكيميائية، وفعل ذلك تحت ضغط من روسيا وإيران. وبالمثل، قال إنه لن ينهي الحرب عن طريق قبول تنازلات مفروضة من قبل الغرب، لكن من المرجح يفعل ذلك إذا طالبه حلفائه بذلك.
السلطة الحاكمة التابعة للأسد قد تنتهي بعد ذلك في عملية منظمة، وتشكل حكومة مقبولة في سوريا، ويمكن بعد ذلك بذل جهود متضافرة للقضاء على تهديد تنظيم الدولة الإسلامية.
التنازلات المطلوبة ليست من المقاتلين في سوريا، لكنها من الدول المتغطرسة التي تدعي أنها تريد السلام لكنها ترفض التعاون فيما بينها".
فيديو قد يعجبك: