فورين بوليسي: مثاليات السياسة الخارجية أوهام يعلل بها الأمريكيون أنفسهم
واشنطن- أ ش أ:
قال الكاتب الأمريكي آرون ديفيد ميلر إن الحياة بوجه عام والحياة السياسية ومسالك الحكومات بوجه خاص مليئة بالأوهام والخداعات.
وأضاف - في مقال نشرته مجلة ''فورين بوليسي'' الأمريكية - ''على الصعيد الأمريكي، يعتقد المتشددون من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري أن حزبهم يطوي في جعبته حلولا لكل ما تعانيه أمريكا.. وبينما يرى أنصار باراك أوباما أنه أعظم رؤساء أمريكا على الإطلاق، يعتبره معارضوه بمثابة آخر أعمال الشيطان على الأرض''.
ويرى ميلر أن السياسة الخارجية الأمريكية بدورها طالما انطبعت بالتصورات المثالية عن الحقيقة؛ ومنها على سبيل المثال ''ضرورة الانطلاق من مبدأ والثبات عليه''.. ويعتقد ميلر أن طبيعة الأمور في عالمنا تتسم بالتعقيد الشديد على نحو باتت معه المرونة مطلبا حتميا، وأن المصالح الأمريكية شديدة التنوع تجعل من هذا التصور أمرا لا يمكن تخيله؛ فحتى الثبات على دعم مبادئ عامة كالحرية والديمقراطية أمر صعب التطبيق، فنحن في أمريكا على سبيل المثال دعمنا الربيع العربي في مصر (على الأقل في البداية)، لكننا لم ندعمه في دول كالبحرين؛ وقد تدخلنا في ليبيا للإطاحة بنظام معمر القذافي، لكننا لن نتدخل في سوريا للإطاحة بنظام بشار الأسد وإن تشابه مع القذافي.. يمكننا التعامل مع جهاديين في العراق وأفغانستان، لكننا لا نفكر في التعاطي مع ''حماس'' و''حزب الله''.
ويخلص الكاتب من ذلك إلى أن التناقضات والرياء جزء أصيل من مواصفات كل دولة عظمى- وكذلك العديد من القوى الأقل نفوذا..
وأعرب صاحب المقال عن تمنيه لو أن كل إدارة أمريكية سواء أكانت جمهورية أم ديمقراطية ''تعني ما تقول وتقول ما تعني وأن تفكر جيدا بشأن تبعات أفعالها قبل الإقدام على تلك الأفعال''.
وقال ميلر إنه إذا كان السؤال الرئيسي للإدارة الأمريكية عندما تقدم على فعل ما هو: ''هل نستطيع؟''، فإن ثمة أسئلة أخرى أكثر أهمية تتمركز حول ''ما هية الهدف مما نفعل؟ وهل ينبغي الإقدام عليه بالفعل؟ وبأي ثمن؟....ذلك أننا في كثير من الأوقات نفعل الشيء لأننا نستطيع فعله من دون تفكير في تبعات أو أهداف هذا الذي نفعله.. قد شرعنا في جهود ضخمة لإعادة بناء العراق وأفغانستان وحاولنا إرساء سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين انطلاقا من نفس السؤال القديم: ''ولم لا؟ إننا نحن الأمريكيون، نريد إصلاح الأمور!!''
ونفى ميلر أن تكون الإجابة على هذه الأسئلة كفيلة بضمان نجاح المساعي والأفعال، ولكنها على الأقل تساعد في تحسين النتائج والحد من الأخطاء في دولة بصدد الخروج من حربين فاشلتين.
ومن التصورات الأخرى التي انطبعت بها السياسة الخارجية الأمريكية، بحسب ميلر، فكرة أن ''المحاولة والخطأ أفضل من عدم المحاولة''.. ويرى الكاتب أن هذا التصور لا يتناسب مع سياسة أكبر دولة في العالم؛ ذلك أن للفعل الخطأ ثمنه، كما أن القعود عن الفعل مطلقا له أيضا ثمنه.. كلا التصرفين خطأ وينبغي إيجاد حالة من التوازن.
ومن تلك التصورات أيضا هذا التساؤل: ''أمريكا تدرك أننا في القرن الحادي والعشرين: فهلاّ تقف بقية دول العالم على هذه الحقيقة؟''... ويرى ميلر أن الإجابة بالنفي وأن السبب مفهوم تماما، ويقول: ''عندما وصف وزير الخارجية جون كيري سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -إزاء الأزمة الأوكرانية وشبه جزيرة القرم- بالانتماء للقرن التاسع عشر، تساءلت (ميلر) عما إذا كنا حقا في القرن الحادي والعشرين؟ إن أمريكا ربما لا تلقي بالا للتاريخ والجغرافيا في وقت تسجن فيه أمم أخرى نفسها في حدود التاريخ والجغرافيا!''.
ويستدرك ميلر ''أظن العالم قد تقدم، وأن الحاضر استفاد نوعا ما من دروس الماضي.. ولكن ذلك لا يعني مطلقا تمام الانتقال أو أن الماضي لا يلقي بظلاله على سلوك أمم اليوم أو سلوك قادتها''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: