معرض للصور في لندن يسلط الضوء على ظروف حياة الاطفال الفقراء
لندن - (د ب أ):
تعاني لوسي من السرطان، وبوصفها أما تعيش في لندن، فهي لا تستطيع العمل إلا بدوام جزئي، لذلك فهي لا يمكنها في كثير من الأحيان تحمل نفقات الخروج للتنزه مع ابنتها ناتاليا.
وتقول لوسي إن الأمور من قبل كانت أسوأ . فقد كانت هناك فترة من الوقت التي لم تكن تستطيع فيها شراء حتى الطعام، وكانت تتجنب تناول بعض الوجبات حتى تحصل ابنتها ناتاليا على ما يكفيها من الطعام.
وتتذكر قائلة: "لجأت إلى أحد بنوك الطعام في إحدى المرات... (ولكنني) لم أكن أرغب في الدخول. ظللت أنظر حولي – بحثا عما إذا كان هناك أحد يراقبني وأنا أدخل".
وفي ضاحية أخرى من ضواحي لندن، تعيش فاطيما وصمويل ووالدتهما أوكتافيا، في منزل مكون من غرفتين. وتعتبر غرفة نوم الأطفال هي غرفة المعيشة وغرفة اللعب أيضا.
وتقول أوكتافيا: "تريد فاطيما أن تصبح طبيبة من الاثنين إلى الأربعاء، ومعلمة خلال يومي الخميس والجمعة، ثم مصففة شعر في عطلات نهاية الأسبوع".
ولكن مع استمرار نقص المال لدى أفراد الأسرة، فمن الصعب عليهم أن يطمحوا فيما يتجاوز مساحتهم المعيشية الضيقة. وتقول: "نبذل قصارى جهدنا من أجل تدبر أمرنا بما لدينا".
وتعود هذه القصص المروعة إلى النص المصاحب لمعرض للصور، تم تنظيمه مؤخرا في "متحف فوندلينج" بلندن، من جانب "مؤسسة تشايلدهود تراست" الخيرية.
وتعرض الصور المشاركة في المعرض - الذي يسمى غرف نوم لندن - المساحات الضيقة التي ينام فيها أطفال لندن. وتتشارك ناتاليا ولوسي غرفة نوم واحدة، وهي صغيرة جدا ولا يمكن معرفة أنها غرفة نوم إلا بسبب المرتبة الموجودة على أرضها.
وتقول ناتاليا: "أحب المطبخ... إنه المكان الوحيد المُعد حقا بشكل صحيح".
ويعتبر وضع لوسي بعيدا جدا عن المعتاد. ويعيش 700 ألف طفل في لندن تحت خط الفقر، بحسب إحصاءات نشرها "معهد السياسة الجديدة" و"مؤسسة تراست الخيرية بلندن" في عام 2017. ويمثل العدد 37 بالمئة من الأطفال في العاصمة البريطانية.
ويعتبر ارتفاع تكاليف المعيشة في لندن من أهم العوامل التي تساهم في الفقر بالمدينة. وقد ارتفعت الإيجارات الخاصة بنسبة 20 بالمئة خلال الفترة بين 2011 و2016، كما ارتفع إيجار الإسكان الاجتماعي بنسبة 30 بالمئة في نفس الفترة.
ولحمايتها من التشرد، يتم وضع الأسر المتضررة في أماكن إقامة مؤقتة، مثل دور الضيافة والنزل. ولا تحتوي مثل هذه الاماكن - في كثير من الأحيان - على مساحات خاصة وأقفال على الأبواب.
وفي السنوات الخمس الماضية، ارتفع عدد الأسر التي تعيش في مثل هذه الأماكن، والتي يكون لدى الكثير منها أطفال، بنسبة 50 بالمئة تقريبا.
كما يظهر جوشوا، البالغ من العمر 17 عاما، في معرض الصور. وقد أمضى جوشوا وأسرته الكثير من الوقت في أماكن للإقامة المؤقتة.
ويحب جوشوا آخر منزل خاص بعائلته، ولكنه لا يشعر بالأمان في الحي الذي يقع به ذلك المنزل، بسبب تعرض السكان هناك لعمليات هجوم بالسكاكين، إلى جانب أمور أخرى.
وتعد جرائم الهجوم بالسكاكين مشكلة متنامية في الكثير من أنحاء بريطانيا.
وقضت المصورة كاتي ويلسون، عامين في التقاط صور لغرف نوم الأطفال في لندن، من أجل تقديمها في المعرض. وتظهر في الصور خزانات تفيض بما فيها، ومراتب على الأرض، وغرف النوم غير محببة يعيش بها عدة أشخاص.
وترغب مؤسسة "تشايلدهود تراست" في أن ترفع الصور من الوعي بفقر الأطفال في لندن.
ومن جانبه، يقول لورانس جينيس، مدير المؤسسة الخيرية: "تلقينا الكثير من الردود من خلال المعرض... معظم الناس يقولون إنهم يشعرون بالصدمة بسبب مدى صغر مساحة المعيشة، وحجم ضآلة ما تمتلكه هذه الأسر، وعدد الألعاب القليلة التي يملكها الأطفال".
واتخذت الحكومة البريطانية مؤخرا إجراءات جديدة أيضا لمواجهة الفقر. فبحسب تقرير نشرته صحيفة "ذا جارديان"، تخطط وزارة العمل والمعاشات إلى أخذ الجوع في الاعتبار، في استطلاعاتها السنوية المستقبلية.
ويعني ذلك أن الإحصاءات ستكون حول عدد الأشخاص الذين يتخلون عن تناول بعض الوجبات، بسبب عدم قدرتهم على تحمل ثمنها.
ويقول جينيس: "في الحقيقة، إن بدء الحكومة مؤخرا في تقديم تنازلات فيما يتعلق بفقر الأطفال... يعتبر دليل على أن هذا الوضع أصبح لا يمكن تبريره سياسيا".
فيديو قد يعجبك: