إعلان

معضلة القانون الدولي الإنساني.. قراءة في خطاب موجه إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان

د.غادة موسى

معضلة القانون الدولي الإنساني.. قراءة في خطاب موجه إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

06:00 م السبت 04 نوفمبر 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

" لقد أخفقنا مرة أخرى".. هكذا جاءت الكلمات الأولى في خطاب موجه للمفوض السامي لحقوق الإنسان.

ويعتبر هذا الخطاب هو الخطاب الأخير الذي وجهه أحد المسئولين في المفوضية العليا لحقوق الإنسان. ويمكن القول إنه "خطاب وداع وإحباط". فإذا كان هذا هو حال من عمل طيلة ثلاثة عقود في المفوضية العليا لحقوق الإنسان فما بال المواطن أو الفرد العادي الذي يعيش في أية دولة!

يقول موجه الخطاب إن المفوضية فشلت في تجنب المذابح الجماعية ضد مدنيين غير مسلحين في رواندا بين قبيلتي الهوتو والتوتسي، وضد المسلمين في البوسنة والإيزيدين في العراق والروهينجا في الصين. كما تم إساءة استخدام عبارة " المذابح" سياسياً بحيث فشلت المفوضية والعاملون بها في حماية الضعفاء ومساءلة مرتكبي المذابح.

ويؤكد موجه الخطاب أن المفوضية تفشل مرة أخرى في حماية المدنيين في غزة سواء في منازلهم أو في مدارسهم أو في دور العبادة، حيث تم ذبح آلاف المدنيين الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية أو القدس.

وينطلق موجه الخطاب قائلاً إن المشروع الإثني الاستيطاني في فلسطين قد وصل لمرحلته النهائية باستهداف ما تبقي من السكان الفلسطينيين الأصليين. بل أن الأهم هو تورط حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والعديد من الدول الأوروبية في هذا الاعتداء الآثم ليس فقط بسبب عدم امتثالها لاتفاقيات جنيف، بل لأنها تقوم أيضاً بتسليح المعتدي وتوفير مساندة استخباراتية واقتصادية له ومنحه غطاءً سياسياً ودبلوماسياً لاعتداءاته الوحشية.

إن مذابح الفلسطينيين متجذرة كفعل في عقيدة سياسية إثنية قومية واستيطانية استعمارية لا تترك مساحة للعمل أو للشك في إمكانية تغير تلك العقيدة. ففكرة حل الدولتين صارت مُزحة يتم تداولها في أروقة الأمم المتحدة لاستحالة تنفيذها على أرض الواقع من جهة ولعدم تناولها للانتهاكات المستمرة لحقوق الفلسطينيين من جهة أخرى.

كما أن المؤسسات الإعلامية الغربية في حالة خرق مستمر للمادة ٢٠ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من خلال نزع وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم من أجل تسهيل المذابح التي تتم ضدهم. كما أن ذات المؤسسات الإعلامية تقمع الآراء التي تطالب باحترام حقوق الانسان في الوقت الذي تنشر فيه الادعاءات الإسرائيلية.

وأمام ما يحدث تزداد الضغوط على المفوضية السامية لحقوق الانسان ومنظمات حقوق الانسان الأخرى لاتخاذ إجراءات من أجل وقف مذابح الفلسطينيين.

ويرى موجه الخطاب أن هناك مهاماً تقع على عاتق المفوضية العليا لحقوق الانسان وإلا فلتصمت وتستسلم للفظائع التي ترتكب في حق المدنيين الفلسطينيين. وهذه المهام تتركز في الالتزام بالقانون الدولي الإنساني ونبذ فكرة الدولتين. كما لابد من وجود رؤية واضحة لطبيعة الصراع في فلسطين، فمن الخطأ التظاهر بأنه صراع ديني أو صراع على أرض، بل هو صراع من أجل وجود وطن وواقع يقول بوجود عدم تناسب في القوة. فهناك دولة قوية تستعمر وتضطهد سكان أصليين بسبب ثقافتهم ومعتقداتهم. لذلك لابد من التفكير في حل الدولة الواحدة التي لا تعتمد سياسة الفصل العنصري وتفعل الحق في العودة أو التعويض لكل الأسر الفلسطينية اللاجئة في الشتات وتلك النازحة.

وقد أنهى كاتب الرسالة خطابه بالاستقالة وتمنياته للمفوض السامي بالتوفيق...!

إعلان