إعلان

الموت بسم اليأس أو بإدمان الأمل

د. أحمد عبد العال عمر

الموت بسم اليأس أو بإدمان الأمل

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م الأحد 29 أكتوبر 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يجب على كل مهموم بالشأن المصري العام، وبمستقبل هذا الوطن العزيز على قلوبنا، والوحيد الذي نعرفه ونريد أن نعيش فيه لآخر يوم في عمرنا، أن يختار في لحظتنا الراهنة بين طريقين للحياة على هذه الأرض التي قدسها أجدادنا وآباءنا على مر العصور.

الطريق الأول:

أن يحيا مفرطًا في اليأس، وفي فقدان الأمل في إمكانية التغيير، وإصلاح حال البلاد والعباد، وأن يصبح لسان حاله القول الشهير الذي يُنسب إلى الزعيم الراحل سعد زغلول: مفيش فايدة! ليموت بسم اليأس في نهاية الرحلة.

الطريق الثاني:

أن يحيا - مدفوعًا بعظمة التاريخ الذي يحمله على ظهره - مفرطًا في التفاءل، وفي التمسك باﻷمل، وفي اليقين بأن غدًا في مصر لابد أن يكون أفضل من اليوم، وأن هناك دائمًا إمكانية قائمة – مع إخلاص النية والعمل - أن تتحقق أحلامنا لبلادنا رغم كل مظاهر فشل وتراجع وانحدار العقود الخمسين الأخيرة، ورغم كل صعوبات وتحديات ومخاطر اللحظة الراهنة في الداخل والخارج.

فإن تحققت تلك الأحلام في حياة ذلك الإنسان المتفائل، فخير ونعمة، وإن لم تتحقق فسوف يموت وهو مدمنًا للأمل الذي منحه الطاقة على الحلم والعمل ومواصلة الرحلة.

وما دام الموت في كل الأحول مصيرنا جميعًا في نهاية رحلة الحياة، "فيجب علينا ألا نموت مهزومين" كما قال الأديب الراحل بهاء طاهر في روايته الرائعة "واحة الغروب".

وبالأصالة عن نفسي فقد قررت الموت بإدمان عشق هذه الأرض، والأفرط في الأمل والعمل.

وعلى الرغم من أن هذه المرحلة من تاريخ مصر متخمة بالتحديات والمخاطر والأزمات المثيرة للمخاوف والحزن ودواعي اليأس والإحباط، فهي محملة في ذات الوقت بإمكانات كثيرة للتغيير والإصلاح.

وهي محملة أيضًا بإمكانيات وفرص كثيرة لصنع نخبة وطنية حقيقة تليق بهذا البلد على كل المستويات، وصنع وعي تاريخي وسياسي واجتماعي واعد للأجيال الحالية والمقبلة، وصنع مستقبل يمكن أن نتجاوز فيه مظاهر التراجع والانحدار المصري في الخمسين سنة الأخيرة.

والمهم أن نُحسن فهم التحديات والمخاطر، ونُحسن الاستجابة لها، مع توفر صدق النية في الإصلاح والتغيير، وفتح المجال العام ومصارحة الشعب بالحقائق، لتقوية جبهتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية.

وإذا تحقق ذلك، فسوف نجد الطريق الذي نتجاوز عبره كل تحديات ومخاطر وأزمات اللحظة الراهنة؛ فمصر كانت دائمًا "عنقاء الزمان" تمرض وتضعف لكن لا تموت، وهي أشبه ما تكون بذلك الكائن الأسطوري الذي يحترق في النار كل حقبة من الزمن ثم لا يلبث أن يعود من جديد أجمل وأقوى.

إعلان