لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هي أمريكية بالأساس !

الكاتب الصحفي سليمان جودة

هي أمريكية بالأساس !

سليمان جودة
07:13 م الأحد 27 مارس 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

حرب روسيا على أوكرانيا جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تقبل أشياء لم تكن تفكر في القبول بها في الظروف العادية ولا كانت تمررها !

وربما يكون أبرز مثلين على ذلك ما يحدث هذه الأيام بين واشنطن وبين الحكومة التركية، ثم ما يحدث أيضاً بين إدارة الرئيس بايدن وبين حكومة الرئيس مادورو في فنزويلا !

ففي أيام ادارة الرئيس دونالد ترمب كانت إدارته ترفض تماماً حصول أردوغان في تركيا على صواريخ إس ٤٠٠ من روسيا، وكانت تدعوه إلى التراجع عنها، وكانت تتوعده إذا مضى في إتمامها، وقد عاقبته بالفعل عندما صمّم على الحصول عليها !.. وكان العقاب أنها استبعدته من الاشتراك في برنامج طائرات إف ٣٥ الأمريكي، ولكن الرئيس التركي لم يتراجع وحصل على الصواريخ من موسكو !

وقد بقيت القضية محل خلاف بينه وبين أمريكا، إلى أن غادر ترامب وجاء في مكانه جو بايدن، وقامت الحرب الروسية على أوكرانيا !

وعندما فكر البيت الأبيض في طريقة تشارك بها تركيا في مساعدة الأوكرانيين في الحرب، فإنها لم تجد ما هو أفضل من أن تدعو الأتراك إلى تقديم الصواريخ الروسية إلى أوكرانيا لتستعين بها في صد الهجمات الروسية عن البلاد .. ولكن تركيا لم تستجب إلى الآن، ولن تستجب في الغالب، ولو حدث واستجابت فسوف تؤدي هذه الصواريخ إلى تحول نوعي ضد القوات الروسية !

ولأن تركيا عضو في حلف شمال الأطلنطي، فلقد كان مطلوباً منها أن تشارك الدول أعضاء الحلف في موقفهم ضد روسيا، وكان كل ما استطاعت أن تقدمه أنها منعت مرور السفن الحربية من مضيقي الدردنيل والبسفوز الى البحر الأسود الذي تطل عليه روسيا .. ولأن أوكرانيا تطل على البحر نفسه، فالإجراء هنا من جانب تركيا هو ضد الطرفين المتحاربين معاً لا ضد طرف دون طرف !

وفي وقت سابق على الحرب كانت الولايات المتحدة تأخذ موقفاً عدائياً ضد مادورو، وكانت تراه رئيساً غير شرعي في بلاده الواقعة في أمريكا الجنوبية، وكانت تعمل على خلعه من الحكم، وكانت تدعم شخصاً آخر معارضاً في فنزويلا ليكون بديلاً في مكانه !

ولكنها نامت ثم استيقظت لترسل وفداً منها إلى مادورو يتحدث معه للمرة الأولى، وقد قيل كلام عن الهدف من وراء زيارة الوفد، ولكن الهدف الحقيقي كان شيئاً آخر .. فنحن نعرف أن بايدن حظر استيراد النفط والغاز من روسيا إلى بلاده، ونعرف أن فنزويلا تملك الكثير من البترول، ثم إنها على علاقة جيدة مع الروس والصينيين الذين يمثلون خصوماً سياسيين للأمريكيين !

ولذلك .. فالهدف من الزيارة مزدوج، رغم كل ما قد يقال عنها وعن أهدافها من كلام عام .. الهدف أن تحصل واشنطون على بترول فنزويلا فتعوض ما قد تجده من نقص في إمداداته نتيجة حظر وارداته من روسيا، والهدف هو إبعاد الروس والصينيين عن فنزويلا بالمرة وقدر الإمكان !

ولو نجحت في ذلك، والغالب أنها ستنجح ولو جزئياً، فسوف يكون في ذلك دليل جديد على أن الفلسفة البراجماتية أو العملية هي أمريكية بالأساس !

إعلان

إعلان

إعلان