إعلان

اقتصادنا والحرب

إيهاب اسحاق

اقتصادنا والحرب

إيهاب إسحاق
09:28 م الثلاثاء 01 مارس 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بالطبع يتساءل ويتحدث الكثيرون عن تأثير الحرب بين روسيا وأوكرانيا على مصر في المجالات المختلفة، وسوف نقوم بتلخيص النتائج المترتبة من خلال هذا المقال.

أولًا: في مجال السياحة

يتوقع خبراء السياحة انخفاضا بنسب الإشغالات بنحو ٢٠-٢٥٪ خلال الفترة المقبلة، نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية.

لقد شهد العام الماضي توافدا كبيرا من السائحين الأوكرانيين والذين تخطت أعدادهم ٤٠٠ ألف سائح حيث استحوذت أوكرانيا على المرتبة الأولى في أعداد السياح الوافدين إلى البحر الأحمر خلال ٢٠٢١.

وأيضا احتلت السوق الروسية المرتبة الثانية بعد أن تخطى عدد السائحين الوافدين منها إلى منطقة البحر الأحمر ٣٠٠ ألف سائح خلال الثلاث أشهر الأخيرة من عام ٢٠٢١، وذلك بعد عودة الرحلات الروسية لمطارات شرم الشيخ والغردقة في شهر أغسطس الماضي.

بالطبع سيكون هناك انحصار في أعداد الأوكرانيين نتيجة للحرب وانحسار لأعداد السياح الروس نتيجة لضعف العملة الروسية. ولكن تنوع الجنسيات القادمة لمصر سوف يجعل تأثير هذا الانخفاض محدودا.

ثانيًا: في مجال الصادرات الزراعية

بالطبع ارتبكت حركة صادرات الحاصلات الزراعية المصرية إلى روسيا منذ إعلانها الحرب على أوكرانيا، إذ تحتل موسكو المرتبة الأولى بين مستوردي الحاصلات المصرية، بالتبادل مع المملكة العربية السعودية في بعض السنوات.

وروسيا هي أحد أهم الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية، بإجمالي ٤٨٩ مليون دولار في ٢٠٢١، مقابل ٤١٦ مليون دولار في ٢٠٢٠، بنمو ١٧.٥%.

ثالثًا: تصدير الغاز

نظرا لعدم انتظام سلاسل توريد الغاز في أوربا الآن. حيث جاءت أولى التداعيات فور بدء العملية العسكرية الروسية بحدوث قفزة غير مسبوقة في الأسعار وفق مؤشر TTF الرئيسي في هولندا (المرجع الرئيسي لأسعار الغاز في أوروبا) بلغت نسبتها أكثر من ٥٠% لتصل الأسعار إلى ٤٤ دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل ٢٩ دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في اليوم السابق له. يرجع هذا الارتفاع إلى تنامي المخاوف ودرجة عدم اليقين بخصوص مستقبل إمدادات الغاز من روسيا عبر خطوط الأنابيب إلى الأسواق الأوروبية، التي تلبي وحدها نحو ٣٠% من احتياجات أوروبا (بما فيها تركيا) من الغاز، خاصة وأن بعض تلك الخطوط يمر عبر الأراضي الأوكرانية.

وعلى الجانب المصري، فإن توالى ارتفاع أسعار الغاز قد يكون مفيدا للسوق المصرية كونها إحدى الدول المُصدرة حاليًا، كما قد يمتص الزيادة في أسعار النفط ، وبالتالي يكون الأثر على ميزان المدفوعات الخارجي منعدما.

رابعا: المجال الصناعي

إن مصر تنتج ٤.٥ مليون طن من خام حديد التسليح وهو البليت، وهي لا تكفي احتياجات مصانع الدرفلة وتلجأ إلى استيراد ٣.٥ مليون طن من البليت.

تعتمد عدد من مصانع الحديد على خام البليت المستورد من الخارج، وتعتبر أوكرانيا وروسيا أهم الموردين للبليت للمصانع المحلية، ومن الممكن أن تؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية على إمدادات مصر من المادة الخام، وخاصة على المصانع الاستثمارية والتي تعتمد على البليت المستورد على عكس المصانع المتكاملة.

روسيا وأوكرانيا من أكبر الموردين خاصة للصاج والبليت ويلجأ الصناع في مصر إلى الاستيراد من السوق الأوكراني بشكل أكبر لأن البقية إما أسواقاً بعيدة جداً، أو ليس لديها فائض إنتاج للتصدير أو دول ليس بينها وبين مصر علاقات تجارية تسمح بالاستيراد منها، وبعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا ستعانى العديد من دول العالم اقتصادياً وفى مقدمتهم دول الاتحاد الأوروبي وسيكون لمصر نصيب من هذه الخسائر .

لقد رفعت الشركات المنتجة للحديد الاستثماري أسعارها منذ بضع أيام بأكثر من ٦٠٠ جنيه للطن . وإذا استمرت هذه الزيادات سوف يكون هناك زيادة في أسعار العقارات أيضا.

خامسا وأخيرا: المجال الغذائي

مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، تعمل على خطة لاستيراد القمح من مناطق أخرى بدلا من روسيا وأوكرانيا.حيث أن مصر لديها ١٤ دولة معتمدة لتوريد القمح، بعضها خارج أوروبا .

روسيا وأوكرانيا هما عادة أكبر مصدري القمح لمصر، إذ بلغت نسبة الواردات الروسية نحو ٥٠٪ في حين بلغت الأوكرانية ٣٠ ٪ من إجمالي واردات مصر من القمح في ٢٠٢١، وبالطبع سيكون هناك تأثير للحرب على الشحنات والأسعار أيضا ولكن الجزء الإيجابي هو أن مصر لديها مخزون استراتيجي من القمح يقترب من خمسة ملايين طن في الصوامع أو المطاحن، وسينضم القمح المحلي إليهم بداية من منتصف إبريل، ليكفي المخزون لمدة تسعة أشهر.

ونأمل ألا تمتد الحرب طويلًا حتى "لا نضغط وبشدة على الموازنة".

أيضا ارتفاع أسعار الذرة الصفراء سيكون له تأثير على أسعار الأعلاف وبالتالي أسعار الدواجن والأسماك وغيرها من المواد الغذائية.

نطلب من الله أن تنتهي هذه الحرب سريعا، وأن تسود روح السلام العالم، وأن يقي مصرنا الحبيبة من الغلاء، ويقينا شر الحروب ونتائجها .

إعلان