إعلان

البيئة والحوكمة

د. غادة موسى

البيئة والحوكمة

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:18 م السبت 07 أغسطس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


أصبح وجود فكر الحوكمة وما يتمخض عنه من سياسات ومنظومات- ضرورة ملحة في عمليات الإصلاح الشامل؛ فمن الأهمية بمكان أن يتغلغل هذا الفكر بمكوناته في خطط واستراتيجيات كل المؤسسات في مصر، ويشمل ذلك المؤسسات الرسمية وغير الرسمية المعنية بموضوعات وقضايا البيئة.

وفي الواقع إن موضوعات البيئة وما يرتبط بها أصبحت على رأس أجندة المجتمع الدولي، كما صار للتنظيمات السياسية المعنية بقضايا البيئة سواء أكانت أحزابا أو جماعات ضغط - تأثير كبير في توجيه وصنع السياسات الدولية والإقليمية والمحلية خاصة في الدول النامية. وامتد هذا التأثير لمراقبة مراعاة الأبعاد البيئية في دعائم النشاط الاقتصادي من زراعة وتصنيع وتجارة.

وفي هذا الصدد وضعت دول العالم المتقدم منظومات لحوكمة موضوعات البيئة إلى أن صارت منظومة عالمية بشروط عالمية تشمل أيضا التنمية المستدامة. ويرتبط بالأخيرة حوكمة تخطيط وإدارة واستخدام وتوزيع الموارد في الدولة والمجتمع، من خلال تشجيع الأفكار والابتكارات لتطوير استثمار تلك الموارد "النادرة" لصالح ليس فقط الأجيال الحالية٬ بل الأجيال القادمة.

وتقع في قلب سياسات حوكمة قضايا البيئة سياسات إدارة المخاطر البيئية. بعبارة أخرى إدارة سياسات "عدم اليقين" في جميع ما يتعلق بالقضايا البيئية٬ وذلك كمطلب أول؛ حيث شهد العالم خلال العامين المنصرمين مشكلات بيئية، مثل ارتفاع منسوب المياه في معظم دول العالم وما ترتب عليه من فيضانات اجتاحت بعض دول القارة الأوروبية٬ بالإضافة إلى اندلاع حرائق الغابات، كما يحدث الآن في إيطاليا وأستراليا، وكما حدث العام الماضي في اليونان، وهو ما يستدعي وجود مصفوفة مخاطر بسيناريوهات وطرق تدخل متنوعة.

أما بالنسبة للمطلب الثاني، فهو تقوية إجراءات سياسات حوكمة قضايا البيئة٬ ويتطلب ذلك مشاركة كل المعنيين في وضع تلك السياسات، من أجهزة رسمية وسياسيين وخبراء ورجال أعمال ومناصري قضايا البيئة ومؤيدي السياحة البيئية أو السياحة الخضراء.
فمن الأهمية بمكان أن تكون مصفوفة الشركاء واضحة لصانع القرار. ويرتبط بهذا المطلب تعزيز المسئولية المجتمعية وتحديد خطوط المساءلة٬ لأنها متنوعة ومتشابكة في قضايا البيئة تحديداً.

وفيما يتعلق بالمطلب الثالث٬ فيشمل البيانات واستخداماتها من أجل صناعة قرارات صحيحة ومفيدة. وفي قضايا البيئة يتطلب الحصول على البيانات بعض التجهيزات الفنية٬ وتحديث المراصد البيئية ٬ بالإضافة لتوثيق المخالفات وحصر المنشآت والمصانع والورش التي يمكن أن تتسبب في أضرار بيئية. ويرتبط بالبيانات تقوية منظومات الرقابة والتفتيش.

يعد ما سبق من المتطلبات الرئيسية لحوكمة موضوعات البيئة. ويجب التنويه إلى أنه من العقبات التي قد تحول دون وجود سياسات حوكمة جيدة لموضوعات البيئة هو اختفاء قضايا البيئة من جدول أعمال الأحزاب السياسية وجماعات المصالح في مصر؛ إما لأنها يُنظر إليها باعتبارها رفاهية أو موضوع غامض أو قدري من جهة. أو وجود مصالح قد تعترض طرح هذا الموضوع على أجندة صانع القرار من جهة أخرى.

في جميع الأحوال٬ إننا سنواجه قريبا- إن لم يكن قد حدث بالفعل- بمطالب ترتبط بتحسين المكون البيئي وحوكمته في كل صادراتنا، إذا أردنا أن يكون لصادراتنا موقع في التبادل التجاري الدولي.

إعلان