إعلان

المفاجأة الأفغانية: هل هي مفاجأة بالفعل.. أم أمر متوقع؟

د. غادة موسى

المفاجأة الأفغانية: هل هي مفاجأة بالفعل.. أم أمر متوقع؟

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م الجمعة 20 أغسطس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كانت كل المؤشرات تشير إلى أن ذلك سيحدث. "ذلك" هو أنه لم يعد هناك مبرر لاستمرار وجود القوات الأمريكية في منطقة خسائرها أكثر من مكاسبها. مقدمات كثيرة مهّدت لوجود تسامح مع حركة طالبان. أو استسلام الولايات المتحدة لحقيقة عدم وجود فصيل سياسي بديل لحركة طالبان. فبدلا من القضاء عليها هناك فرصة لتروضها، وإمكانية توظيفها في المستقبل. أو أن تجلس في مقاعد الاحتياط إلى أن تثبت جدارتها على العمل مع القوى الدولية.

وإذا كان ما حدث لم يفاجئ العديد من دول العالم والمنظمات الدولية، فإنه شكل مفاجأة مدوية للمرأة الأفغانية. وحال المرأة الأفغانية بعد سيطرة طالبان على الحكم في أوائل الثمانينيات كحال المرأة الإيرانية بعد ثورة الخميني عام ١٩٧٩. نفس التحولات الهيكلية التي تمثلت في الانتقال من نظام حكم ليبرالي إلى نظام حكم إسلامي محافظ أو متشدد.

ولم يكن الاقتصاد الرأسمالي الحر ضحية التحولين السياسيين في البلدين، بل يمكن القول إن الاقتصاد الرأسمالي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة طالبان لم يتأثر أو يتحول كثيرًا إلا من الدولة والقطاع الخاص المتماهيين مع الدولة إلى الملالي والقبلية اللتين تسيطران على مفاصل النشاط الاقتصادي في البلدين.

لذلك يمكن القول إن من دفعت، وستدفع ثمن تلك التحولات هي المرأة الأفغانية. فكما كانت ارتدادات سيطرة طالبان على المشهد السياسي في الثمانينيات صعبة على المرأة في أفغانستان، فإن قبلة الحياة التي منحها لها نظاما حكم أحمد قرزاي، وأشرف غني لم تكتمل!

فما لبثت أن تمتعت ببعض الحقوق في التعليم والعمل، وبدأت في الانخراط في الحياة العامة شكلا وموضوعاً، حتى أطل شبح عهد طالبان من جديد.

وجدير بالذكر أنه باستعراض كل التحولات السياسية التي شهدتها دول العالم الثالث، سواء في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو دول أفريقيا جنوب الصحراء سنجد أن المرأة هي التي تدفع ثمن هذه التحولات؛ فإما يتم حرمانها من المشاركة في الحياة السياسية في مرحلة ما بعد التحول أو تخسر جزءًا كبيرًا من مكاسبها القانونية والاقتصادية حتى وإن شاركت في هذا التحول.

وقد كان ذلك واضحًا في مرحلة ما بعد الاستعمار في العديد من الدول. فبعد أن أسهمت المرأة في خروج المستعمر في فيتنام وجنوب أفريقيا والجزائر ومصر واليمن وغيرها من الدول، بدأت المرأة مرحلة مقاومة من نوع آخر؛ فانتقلت إلى مقاومة استعمار اجتماعي وحقوقي، أو بعبارة أخرى بدأت في مقاومة سياسات التهميش والاستبعاد التي تعرضت وما زالت تتعرض لها.

وهكذا حال المرأة الأفغانية الآن، فمن المتوقع أن تبدأ المرأة الأفغانية رحلة المقاومة مبكرًا، وستجد حركة طالبان نفسها في تحدٍ كبير مع حركة مجتمعية تقودها المرأة لتحافظ على ما حققته من مكتسبات- وإن كانت محدودة- ولتقود المجتمع الأفغاني نحو حقبة جديدة من التنوير.

لن يكون الطريق ممهدًا بالورود؛ فالحركة لا تريد إراقة ماء وجهها مبكرًا، كما لا تريد أن تثبت الشكوك والتكهنات التي تدور حولها بأنها لم تتغير وبأنها ستزداد تشددا وشراسة.

مما لاشك فيه أن المرأة الأفغانية عنصر عام في معادلة مستقبل الدولة الأفغانية، ونحن في ترقب وفي انتظار.

إعلان