إعلان

تطوان السينمائي يستأنف دورانه رغم أنف كوفيد ١٩

د. أمــل الجمل

تطوان السينمائي يستأنف دورانه رغم أنف كوفيد ١٩

د. أمل الجمل
07:00 م الأربعاء 02 يونيو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

دولة المغرب هي إحدى أكثر الدول العربية دعماً للسينما بأشكال عديدة، لم ولن تراها في أي دولة عربية أخرى؛ فأسبوعياً تقريباً هناك تظاهرة سينمائية في مدينة مختلفة، وهي في أغلبها تظاهرات مدعومة من المركز القومي للسينما هناك، أو من جهات حكومية أخرى.

كذلك تدعم المغرب حركة الإنتاج السينمائي هناك، لدرجة أنها تُشارك أحياناً في إنتاج - أو تطوير أو حتى في أعمال ما بعد المونتاج - لأعمال سينمائية عربية، ولمصر ذاتها أكثر من تجربة منها تجربة فيلم «سيدة القاهرة» إخراج مؤمن سميحي وتأليف بشير الديك، من بطولة يسرا ومحمود حميدة.

أما التجربة الأشهر، فهي «عين شمس» للمخرج المصري إبراهيم البطوط، والتي قام خلالها المركز السينمائي المغربي بتحمل تكلفة تحويل فيلم البطوط من الديجتال إلى فيلم سينمائي، وهى تكلفة عالية بالمناسبة، وتم ذلك على الأراضي المغربية. وكان الوسيط في هذ الدعم المهم الناقد السينمائي الكبير سمير فريد لعلاقاته القوية برئيس المركز، آنذاك، المثقف والناقد السينمائي الكبير نور الدين صايل.

حكومة دولة المغرب تدعم أيضاً إنشاء دور العرض السينمائي وتشجع عليها بتخفيض الضرائب أو رفعها تماماً، وتمنح تسهيلات كبرى، والأمر ذاته ينطبق على التصوير الأجنبي على أراضيها، حتى إن بعض تجارب التصوير هناك تتحول إلى إنتاج مشترك تكون المغرب طرفاً فيه، وكثير من الأفلام العالمية الهوليوودية التي كان من المفترض أن يتم تصويرها على الأراضي المصرية وواجهت العراقيل والروتين الحكومي في فترات سابقة، اتجهت للمغرب أو الأردن؛ حيث تم التصوير هناك على أن الأحداث تدور في مصر، فاكتسبت المغرب سمعة عالمية قوية في إمكانية التصوير على أراضيها من دون عراقيل، وهذا يعني مدخولا ماديا واكتساب خبرات جراء الاحتكاك بالنجوم والفنيين القادمين من هوليوود. إضافة إلى الدعاية السياحية المجانية.

مع ذلك، ورغم الدعم الكبير المقدم للسينما، فتظاهرات الفن السابع في المغرب تأثرت مثلها مثل كل المهرجانات في العالم باجتياح وباء كورونا وتفشيه في الكرة الأرضية، وكان من أوائل المهرجانات العربية التي تأثرت سلباً تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط في دورته السادسة والعشرين التي كان مقرراً لها الانعقاد في الفترة من ٢١- ٢٨ مارس ٢٠٢٠، ولم يكن هناك خيار سوى التأجيل والانتظار. وبعد مرور عام كامل قرر منظمو المهرجان - برئاسة الناقد السينمائي المغربي أحمد الحسني، والكاتب العام للمهرجان عبد اللطيف البازي - تنظيم الدورة ال ٢٦ في لحظتين، وإن بشكل مكثف، على غرار ما فعله مهرجان برلين السينمائي.

تنطلق اللحظة الأولى لمهرجان تطوان افتراضياً في الفترة من ٤-١٠ يونيه الجاري حيث يتداول أعضاء لجان التحكيم عن بعد في الجوائز التي ستنالها أفلام المسابقات جميعها الروائية والوثائقية.

وأتشرف بوجودي في لجنة تحكيم النقاد وهي الجائزة التي تحمل اسم الصديق العزيز الراحل مصطفى المسناوي، وهي اللجنة التي يترأسها المخرج والكاتب الكبير نصري حجاج، بعضويتي مع كل من الناقدة الإسبانية لورديس بالاسيوس، والخبيرة السينمائية المغربية ليلى شرادي، والناقد السينمائي والمترجم عادل السمار.

أما اللحظة الثانية للمهرجان، فحضورية واقعية تمتد على مدار ثلاثة أيام من ٢٤- ٢٦ يوليو القادم، حيث يتم عرض الأفلام المتوجة بالجوائز للجمهور، إما في القاعات السينمائية إذا كانت الحالة الوبائية قد تراجعت وتسمح بذلك، أو يتم عرضها بمسرح الهواء الطلق بساحة الولاية.

بقي أن نشير إلى أن تطوان واحدة من أجمل المدن المغربية، إنها إحدى عجائب حضارة الأندلس، مدينة تاريخية عتيقة، وسياحية من الدرجة الأولى، تنتمي إلى منطقة الريف الكبير، وتقع بين جبال الريف وجبل درسة، بالقرب من الساحل المطلّ على مياه البحر الأبيض المتوسّط.

تأسّست على أنقاض مدينةٍ قديمةٍ اسمها «تمودة» كانت قد دُمِّرت على يد الجيوش الرومانيّة قبل الميلاد بنحو أربعين عاماً.

تاريخ عريق تحمله مدينة تطوان الجميلة، فقد أُعيد بناؤها في بداية القرن الرّابع عشر الميلاديّ وأصبحت قلعة حصينة اتُّخِذت مُنطَلَقاً لتحرير مدينة سبتة، إلى أن دُمِّرت القلعة على يد الملك الإسبانيّ نهاية ذات القرن.

ثم عادت تطوان إلى الحياة بعد سقوط غرناطة؛ حيث هاجر سكّان الأندلس إلى شمال أفريقيا، وكانت تطوان من بين أشهر المناطق التي استقرّوا فيها وأعادوا إنشاءها، إذ اشتُهرت بكونها مركزاً لاستقبال الأندلسيين والثقافة الأندلسية.

فهنيئاً لأهالي تطوان بمهرجانهم لسينما البحر الأبيض المتوسط، وتحية لفريق المهرجان الذي قرر المقاومة، حتى وإن بلحظة افتراضية.

إعلان