إعلان

قراءة سريعة في تقرير الدول الرخوة ٢٠٢١ (١)

غادة موسى

قراءة سريعة في تقرير الدول الرخوة ٢٠٢١ (١)

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م السبت 29 مايو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تم إطلاق تقرير الدول الرخوة منذ ثلاثة أسابيع 2021 Fragile States Index . حيث يصدر التقرير عن مؤسسة صندوق السلام بالولايات المتحدة الامريكية.

يقسم التقرير دول العالم على مسطرة طرفاها الدول المستدامة والدول التي دخلت في منطقة الخطر بالفعل.

وما بين الطرفين تتواجد الدول وفق مستويات الاستقرار (الأكثر استقرارا والآخذة في الاستقرار) أو الإنذار بالخطر (المنذرة بالخطر والأكثر إنذارا بالخطر).

هذا من حيث التصنيف. أما بالنسبة لمعايير التصنيف، فيعتمد التقرير على قياس هشاشة الدول وقابليتها للدخول في صراع.

وقد طور التقرير عددا من المناهج للقياس تختلف عن مناهج القياس التي تم تطبيقها منذ بداية صدور التقرير عام ١٩٧٧.

والاقتراب الذي يتبناه تقرير الدول الرخوة في تحليل أوضاع دول العالم يتعدى النظر للكوارث أو الأوبئة أو الركود الاقتصادي باعتبارها تحديات منفصلة عن بعضها.

فالصدمات الاقتصادية ليست فقط أزمات اقتصادية. كما أن الصراع ليس مجرد أزمة أمنية، وبالمثل لا تعتبر جائحة كوفيد ١٩ أزمة صحية فقط. لذلك فإن مواجهة هذه الصدمات أو التحديات يتطلب تدخلات ذات أبعاد متنوعة. فجائحة كورونا كان وما زال لها تبعات صحية واقتصادية وسياسية. كما انه من الصعب التنبؤ بآثارها الأخرى، في ظل استمرارها، في ظل محاولات دول العالم لمواجهتها ووضع سياسات للإفاقة من آثارها التي قد تستمر لفترات طويله.

ويُظهر التقرير في تحليله لحالة أو وضع الهشاشة في بعض الدول ضعف قدرة المجتمع الدولي في التصدي للصراعات الناجمة عن تلك الهشاشة أو المساعدة في احتوائها مثلما يحدث في دول كلبنان وليبيا واليمن ونيجيريا والعديد من الدول الأخرى.

واللافت للنظر في تقرير الدول الرخوة للعام ٢٠٢١ حالة الهشاشة في بعض الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وألمانيا. فالفرضية البحثية تقول إن الدول التي لديها معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومنظومات صحية متقدمة وبعض الاستقرار السياسي تستطيع مواجهة الأوبئة وتداعياتها بكفاءة تفوق غيرها من الدول الأقل في تلك المؤشرات.

غير أن ما حدث خلال العامين الماضيين قوض صحة الفرضية السابقة، إذ ثبت أن بعض الصدمات أو الكوارث - في ظل ظروف بعينها- تهدد الدول الغنية أكثر من الدول الفقيرة.

فقد أكدت مؤشرات تقرير الأمن الصحي العالمي أن الولايات المتحدة الأمريكية أكثر دول العالم قدرة على إمكانية الحد من انتشار جائحة كوفيد ١٩ وتتبعها ومواجهة أية أزمات تنجم عنها.

إلا انه في يناير ٢٠٢١ سجلت الولايات المتحدة الأمريكية خسائر بشرية بسبب الجائحة تساوت مع الخسائر البشرية لدولة ليبريا بسبب وباء " إيبولا" الذي اجتاح الدولة خلال عامي ٢١٠٤- ٢٠١٦.

ويرجع السبب في ذلك إلى أن الصدمة الصحية التي يسببها الوباء في مرحلة من مراحلة تكون حادة إلى الدرجة التي لا يمكن مواجهته باعتباره أزمة صحية فقط. لأن الوباء في هذه المرحلة - تحديدا - يتحور إلى وباء اجتماعي واقتصادي وسياسي وأمني، ويعمل بشكل " دائري"، أي تؤثر تبعاته في بعضها بمعدلات أسرع من انتشار الوباء ذاته، بحيث تقود إلى انكشاف مؤسسي وإخفاق في حفظ النظام العام وتطبيق القانون.

ويشير التقرير إلى وجود علاقة وثيقة بين جائحة كوفيد ١٩ والركود الاقتصادي والعنف السياسي. وهو ما سيتم مناقشة في الجزء الثاني.

إعلان