إعلان

البورصة.. تحتاج رئيسًا

عبد الرحمن شلبي

البورصة.. تحتاج رئيسًا

عبد الرحمن شلبي
10:28 ص الجمعة 26 مارس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عبدالرحمن شلبي

البورصة هي مرآة الاقتصاد.. هذه هي المقولة الشهيرة وفي الحقيقة في البورصة المصرية ربما تجد العجب.. أو عندما تنظر إليها بعين المتابع على مدار الأسبوع الماضي وخاصة الـ48 ساعة الأخيرة ستتأكد أنه لا يوجد في مصر إدارة جيدة للاقتصاد..!.

فهل هذا حقًا أما ما يحدث فهو نتيجة للمضاربة العنيفة إن شئت قل المقامرة.. فبعض الشركات استغلت غياب الرقيب الذي لا ينظر إلى أقل القواعد في السوق والضوابط التي وضعوها من سبقوا.. متجاهلًا صعود أحد الأسهم بنحو 400% ولم يكلف نفسه حتى طلب القيمة العادلة وفق قواعد القيد التي تنص على أحقية البورصة في طلب الأمر خلافًا للآليات المعمول بها في السوق من إيقاف التداول وإلغاء العمليات.. فمن الطبيعي أن تكون البورصة بمثابة المكان الذي يتلاعب فيه أعضاء مجلس إدارة الشركات بالأسهم وأيضًا الشركات نفسها؛ لتحقيق أرباح وهمية على حساب الاستثمار.

جلسة واحدة خسرت فيها الأسهم نحو 17 مليار جنيه.. في الحقيقة ربما تكون تلك الخسائر وهمية أيضًا فلم تتحقق إلا عند البيع، ولكن هذه هي حسبة الأموال.. في ظل غياب ضوابط حقيقية وعدم وجود رقيب حقيقي على السوق..

في السابق ومنذ سنوات ليست بعيدة عندما كان رئيس البورصة حقًا رئيسًا لها.. اللواء محمد عبدالسلام، ماجد شوقي، عاطف الشريف.. كانت تدار البورصة بشكل يليق بها من حيث الاحترافية والمتابعة وكانت أقل حركة في السوق، كانت تتابع من خلال إدارات عدة الإفصاح على رأسها كان يجلس صديقي أشرف كمال كان دائمًا ما يبادر بالاتصالات بالشركات ويطلب إيضاحات؛ لذا تم استحداث إدارة علاقات المستثمرين في كل الشركات المقيدة.. هذا على المستوى التنظيمي، أتذكر أيضًا الدكتور مدحت نافع في غرفته الصغيرة المجاورة لرئيس البورصة والممتلئة عن آخرها بالأوراق لدرجة تجعله يرفض دخول أصدقائه مكتبه.. كم التلاعبات والمخالفات التي يرصدها ويتخذ بشأنها إجراءات عدة.. كل هذا كان يعطي الصورة الحقيقية للرقيب.. يجعل من المستثمر الصغير الذي يضع تحويشة عمره بهدف الربح منها آمنًا مطمئنًا.. أما ما يحدث الآن فيدفع الجميع للتخوف، فرئيس للبورصة ليس رئيسًا لا يخاطب الجهات، ولا يتابع السوق، بل والأكثر من ذلك لا يضع الآليات التي من شأنها المساعدة في نمو بورصة عمرها أكثر من 2000 عام. هل هذا يليق بمصر.

هل يليق ما يحدث في البورصة بمصر؟ واقتصادها؟ الذي أشبه بالشريان التاجي للعالم.. كما شاهدنا أمس وأول أمس.. بضع ساعات فقط من توقف الخط الملاحي لقناة السويس.. كانت شهادة بحق اقتصادنا بعيدًا عن أنها شهادة أتت؛ لتكذب شائعات عدة أطلقت في 2015 وقت تطوير قناة السويس "قناة السويس الجديدة" التي تكلفت ما يقرب من 60 مليار جنيه، وانطلقت وقتها شائعات الجهات المعادية بين "تفريعة" وبين غيرها كان الهدف منها زعزعة مصر.. أما الآن وبعد نحو 6 سنوات.. وحدوث أمر طارئ يحدث في العالم كله وهو جنوح سفينة حاويات داخل القناة أدت لتعليق الملاحة.. فقد انقلب العالم رأسًا على عقب.. وارتفعت أسعار النفط فورًا بنسبة تصل إلى 3%.. هذا هو شريان الحياة للعام.. يوضح الأمر أهمية وضع مصر الإقليمي ووضعها الاقتصادي.. فهل يليق بنا بورصة متسكعة تنتظر ماء الحياة من البنك المركزي الذي يتدخل؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر الشراء وهو القرار الذي أراه خاطئًا جدًا، فماذا لو مزيد من الانخفاض أو الانهيار ستتبخر تلك الأموال.

البورصة تحتاج إلى رؤية كامل متكاملة للنهوض بها.. خطة تطوير وتطبيق للقواعد.. البورصة تحتاج لرئيس يعي جيدًا البورصة.. تحتاج إلى صنايعي بورصة.. يفهم جيدًا متى يستخدم الجزرة، ومتى يلوح بالعصاة، يفهم جيدًا أن الهدف منها ليس المقامرة أو المضاربة، إنما الهدف الرئيسي لها هو زيادة رؤوس أموال الشركات بعيدًا عن البنوك، الاستثمار الحقيقي هو توسع الشركات وليس المقامرة..

باختصار البورصة تحتاج رئيسًا.. تحتاج استثمارًا.. تحتاج وزارة تراقبها وتعمل على تطويرها كما كان في السابق.. الحديث في الأمر لم ينقطع ولم ينتهِ بعد.

إعلان