إعلان

جبر الخواطر

النائب أسامة شرشر

جبر الخواطر

أسامة شرشر
07:00 م السبت 11 ديسمبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


أعجبتني جدًّا وأبكتني الملحمة الوطنية التي ظهرت في احتفالية (قادرون باختلاف) لدعم ذوي الهمم، والنماذج الملهمة التي ظهرت في الاحتفالية من كل الفئات العمرية، ودعونا نكن قادرين على الاتفاق بأن الدولة المصرية والشعب بكل فئاته واتجاهاته يجب أن يجعلوا من دعم هذه الفئة المهمشة هدفًا استراتيجيًّا حقيقيًّا على أرض الوقع ليكونوا بحق جزءًا فاعلًا في المجتمع.

وأحلى ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي، في احتفالية (قادرون باختلاف) أنه أسس لقاعدة سياسية وإنسانية جديدة هي (جبر الخواطر).. وبكل صراحة، الرئيس بهذه الاحتفالية منح أملًا لفئة مهمشة ومتنمر عليها في مجتمع قاسٍ جدًّا عليهم، وفجأة وجدوا الدولة برئيسها وحكومتها وشعبها يضعونهم داخل دائرة الرعاية والاهتمام.. وهذا ما يُسمَّي (جبر الخواطر)، وما أحلي جبر الخواطر مع الله!.

هذا اللقاء الإنساني في كل تفاصيله بين رئيس الجمهورية وذوي الهمم، هز قلوب الجميع، بمن فيهم رئيس الجمهورية نفسه (الذي بكي بإنسانية)؛ فهم استطاعوا بصدقهم ومصداقيتهم وإنسانيتهم البريئة غير الملوثة بآفات المجتمع أن يخطفوا قلوب وأنظار جميع المتابعين.. فجميعنا شاهدنا نماذج إنسانية ملهمة على مسرح الاحتفالية سواء من تحدث منهم ومن غنّي.

والحقيقة أنني شعرت أن هؤلاء الأطفال والكبار من ذوي الهمم، أخيرًا وجدوا فرصة للتعبير عن أنفسهم؛ فتمسكوا بها وعبّروا أفضل تعبير عن همومهم، فشعرت أنهم لأول مرة يرون- فعلًا وليس قولًا- أنهم جزء من هذا المجتمع بعد أن تم تهميشهم وتجاوزهم على مدار سنوات طويلة سابقة فلم تشعر بهم الدولة ولا المجتمع، نتاج عدم الاهتمام بهم.. فتحية إعجاب وتقدير لكل أم وكل أب وكل إنسان ساهم في رفع المعاناة عن هؤلاء الأبرياء في هذا الوطن العزيز الغالي.

فما شاهدناه يوم الأحد الماضي في احتفالية (قادرون باختلاف) هو تجاوب إنساني خالص، مع طلبات وطموحات فئة من الشعب المصري تم استبعادها طويلًا، فرأينا أحد الأطفال يحلم بمقابلة محمد صلاح، وآخر يتمنى ممارسة السباحة في النادي الأهلي، وكلها طلبات أصر الرئيس عبدالفتاح السيسي على تحقيق الممكن منها فورًا.

كما أسرتني الفتاة التي كان حلمها ركوب طائرة، فما كان من الرئيس إلا أن أصدر تعليماته بأن تذهب وتركب الطائرة فورًا، وهي لفتة إن دلت على شيء، فإنما تدل على أن أبسط تعويض لهذه الفئة المهمشة من المصريين أن تجاب طلباتها فورًا.. كما أنها تعطي نوعًا من الطمأنينة الإنسانية أن رمز الدولة نفسه يهتم بهذه الفئة اهتمامًا حقيقيًّا.

وأعتقد أن الرئيس السيسي تحدث في هذه الاحتفالية بأريحية نفسية وإنسانية بعيدًا عن تعقيدات البروتوكولات والمسئولية، فظهر كأب قبل أن يكون مسئولًا وتفاعل بمشاعر صادقة واهتمام بكل كلمة تخرج من المشاركين، وكان القرار دعم كل طلباتهم، وخاصة إنشاء صندوق لـ(القادرين باختلاف) يكون نواة وبداية حقيقية لتحقيق كل ما تصبو إليه هذه النماذج الإنسانية الرائعة.

فحالة اللامبالاة والانكسار والتهميش التي عانى منها ذوو الإرادة بكل فئاتهم العمرية، جعلتنا نعيد التفكير في سنوات عانوا فيها من الظلم بسبب ظروفهم الجسمانية التي ليس لهم فيها ذنب- ولكنها إرادة الله- والتي تعامل معهم بسببها الجميع على أنهم غير قادرين على الحلم والإبداع في كل المجالات، ولكن أخيرًا فُتحت لهم أبواب الرحمة والاهتمام والاندماج في المجتمع المصري.

وأتمنى أن تصدر التشريعات البرلمانية اللازمة لإنشاء صناديق دعم لذوي الهمم والإرادة الإنسانية سريعًا، وهو قليل من كثير يجب تقديمه لهذه الجواهر والكنوز الإنسانية، لتكون قادرة على نشر بريقها في المجتمع المصري والعالم كله.. ويجب ألا يخضع ذلك لحسابات مالية أو سياسية معينة، بل يجب أن يكون ذلك كله لوجه الله، وما عند الله باقٍ لا ينفد.. فالنماذج التي رأيناها والتي لم نرها وغيرها الكثير قادرة على أن تندمج في المجتمع، وتقدم له أيضًا فكرًا جديدًا ومختلفًا، وهذه قضية أمن قومي واجتماعي.

أتمني أن يتكاتف المصريون جميعًا في الداخل والخارج مع ذوي الهمم بمختلف أعمارهم ومواهبهم لتدشين حياة كريمة لهم تنعكس بالإيجاب على هؤلاء الأطفال أحباب الله والشباب والفتيات.. وتقديم يد العون الحقيقية لهم من خلال برامج توعية للمواطنين وتدشين نظم دعم تناسبهم في كافة المجالات الثقافية والفنية والرياضية والتعليمية والخدمية والإعلامية وغيرها.

أعتقد أن هذه الاحتفالية الإنسانية هي قمة التضامن الإنساني الذي تقدمه الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، والتي تفوقت على نفسها في تحليل ومتابعة وعرض هذا الملف الذي تكاتفت وراءه كل جهات الدولة، ومعها أيضًا الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، الذي قدم نماذج رياضية رائعة من ذوي الهمم في مفاجأة للجميع، ولعلها تكون بداية لتمكين القدرات والمهارات الرياضية والفنية والثقافية لذوي القدرات الخاصة، لتحقيق ما يصبون إليه بعيدًا عن التنمر البشع أو الفهم الخاطئ لهؤلاء الجنود الذين يتحدون التحدي نفسه، فهم ذوو الهمم الإنسانية ونحن (قادرون باتفاق) على جعل هذه الاحتفالية بداية لتحقيق الحلم وأن يكونوا جزءًا فاعلًا ومنيرًا ومستنيرًا في المجتمع المصري.

فهؤلاء القادرون باختلاف أو اتفاق هم عباقرة هذا الزمان والمكان.

وأقترح أن يتم عقد منتدى سنوي على مستوى العالم لذوي الهمم، على غرار منتدي شباب العالم.. فهم خير سفراء لمصر في الداخل والخارج.. وهذا سيعكس أيضًا فلسفة مصر في رعاية حقوق الإنسان، القائمة على توفير الحياة الكريمة ورعاية كل الفئات، بعيدًا عن طنطنات وشعارات المنظمات المشبوهة والقنوات مدفوعة الأجر، التي تنعق ليلًا ونهارًا بحقوق الإنسان والحيوان.

فأي حقوق بعد ذوي الهمم الإنسانية والربانية؟!

ارحموا من في الأرض

يرحمكم من في السماء.

إعلان