إعلان

قطر التي لا تستحي

بشير حسن

قطر التي لا تستحي

بشير حسن
07:00 م الخميس 20 أغسطس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

غريب أمر هذه الدولة، تفعل الشيء وعكسه، تتمنى للمنطقة العربية الاستقرار.. وتبدع في زرع الفتنة، خيارها السلام.. وهي من تشعل الحروب، ترفض الإرهاب.. وتغدق عليه بالمال، تنادي بلم الشمل العربي.. وتسعى لتشتيته، تنبذ العنف.. وتحرض عليه، ترفع شعار (الرأي والرأي الآخر).. وتتبنى وجهة النظر الواحدة.

إنها قطر، أو الجزيرة، وكلاهما واحد، فلا قطر بدون الجزيرة.. ولا جزيرة بدون المال القطري، فعلى مدار الأيام الماضية لا حديث في الجزيرة إلا عن التطبيع مع إسرائيل، والهجوم على دولة الإمارات، ثم على السودان والبحرين وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، محاولات مستمرة للوقيعة بين الأنظمة الحاكمة والشعوب، وهي اللعبة التي مارستها فيما أسمته (ثورات الربيع العربي).. وهذه المرة تعزف على وتر القضية الفلسطينية التي لم تنفق فيها ما أنفقه العرب من دماء ومال.

لست هنا بصدد الحديث عن إبرام اتفاقيات أو تطبيع مع إسرائيل، فللأنظمة الحاكمة حساباتها، وللشعوب حسابات أخرى، ومصر التي وقع نظامها اتفاقية سلام مع إسرائيل ما زالت أطياف شعبها رافضة للتطبيع، وقد احترمت أنظمتها المتعاقبة هذا الرفض، ولم تجبر أحدًا عليه، لكن حديثي هنا عن قطر التي تسعى لإشعال الفتنة.. متناسية أنها سبقت الجميع في اتخاذ خطوات جادة وعملية للتطبيع مع إسرائيل، وقد تزامنت هذه الخطوات مع بداية بث قناة الجزيرة قبل ٢٤ عامًا، ولم نكن لنرى كتابًا وسياسيين وعسكريين وإعلاميين إسرائيليين إلا من خلال الجزيرة، حيث حرصت على استضافتهم وإفساح المجال لهم للتعبير عن آرائهم والدفاع عن أنفسهم عقب كل جريمة يرتكبونها في حق الشعب الفلسطيني، وكانت -ولا تزال- استضافتهم في القنوات العربية محرمة ومجرمة شعبيًا. ولو أنفقت إسرائيل مليارات الدولارات للترويج لنفسها في الدول العربية لما حققت ما حققته الجزيرة لها.

قطر التي سبقت جاراتها بافتتاح مكتب تمثيل تجاري لإسرائيل.. هي أول دولة خليجية ترفع العلم الإسرائيلي في بطولة رياضية، وهي الدولة التي هندس رئيس وزرائها ووزير خارجيتها السابق حمد بن جاسم عملية التطبيع مع إسرائيل سرًا وعلنًا، فقبل ١٥ عامًا.. التقى بن جاسم وزيرة الخارجية الإسرائيلية في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأبدى لها ترحيب بلاده بالتطبيع، وقد أذاعت القناة العاشرة الإسرائيلية نبأ اللقاء الذي تم في أحد الفنادق، وأكدت أن اللقاء سبقته لقاءات أخرى بدأت عام ١٩٩٦ وهو العام الذي بدأت فيه قناة الجزيرة بثها.

وفي عام ٢٠٠١ كانت زيارة بن جاسم الشهيرة لإسرائيل والتي التقى فيها رئيس الوزراء السابق شارون ووزير خارجيته بيريز بعد شهور من انتفاضة الأقصى الثانية.

وفي ٢٠٠٣ التقى بن جاسم وزير خارجية إسرائيل سليفان شالوم في باريس، وجدد ترحيبه بالتطبيع مع إسرائيل، وبعدها بخمسة أعوام التقى وزيرة الخارجية تسيبني ليفني في تل أبيب لتوقيع اتفاقية تجارية، أما الزيارة الأهم لتل أبيب فكانت عام ٢٠٠٩ لأمير قطر السابق حمد بن خليفة، وكان برفقته بن جاسم، وهي الزيارة التي أرادها الأمير سرية، لكن فضحتها كالعادة القناة العاشرة الإسرائيلية، وفيها التقى رئيس الوزراء إيهود أولمرت وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية، وفيديو الزيارة موجود على اليوتيوب، وقد حاول الأمير إخفاء وجهه عن الكاميرا وطلب عدم التصوير.

قطر وجزيرتها تسعى لإشعال المنطقة مرة أخرى من خلال التحريض ضد التطبيع، وهي التي سبقت كل جيرانها إليه، وتلك عادتها، تفعل الشيء وعكسه دون استحياء.

***

للتواصل مع الكاتب

besheerhassan7@gmail.com

إعلان