إعلان

غرفة الشيوخ

بشير حسن

غرفة الشيوخ

بشير حسن
02:15 م الأحد 16 أغسطس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نحن أحوج للصدق أكثر من أي وقت مضى، صدق مع النفس أولاً، ومع الآخرين ثانيًا، فربما يعقب الصدق حساب، أو عقاب، أو حتى عتاب، أو إعادة ترتيب أوراق وأولويات، وليكن مشهد انتخابات مجلس الشيوخ الذي أسدل الستار عليه بالأمس بدايةً لوقفات نصدق فيها مع أنفسنا.

ولكي نكون منصفين.. لم تكن انتخابات مجلس الشورى طوال العقود الماضية أحسن حالاً من انتخابات الشيوخ المنتهية بالأمس، فضعف الإقبال عليها عادة، والتعامل معها على أنها غير فاعلة بدأ منذ نشأتها، ولن نعوّل على حالة الحراك السياسي في السنوات العشر الأخيرة، والتي كان من شأنها أن تجعل من انتخابات الشيوخ عرسًا سياسيًا مثلما حدث في الاستحقاقات الدستورية السابقة، وعزاؤنا أن المواطن تشبع من السياسة، وانشغل بأمور معيشته، لكن ما حدث في الأيام الأخيرة وضع فروقًا بين انتخابات الشورى السابقة والشيوخ.

ويأتي في مقدمة الفروق تلك الممارسات الخاطئة من بعض المرشحين، والتي شكلت عبئاً على القيادة السياسية؛ لافتقادها الخبرة، فمن غير المعقول أن يتحدث البعض عن أجهزة الدولة التي تساند حزبًا بعينه، في مشاهد استعراضية أمام الناخبين تنتقص من جدية الانتخابات، وتجعلها مجرد ديكور سياسي.

أما (الكوبونات) التي انتشرت في بعض المناطق لشراء الأصوات، والمبالغ المالية التي تم توزيعها.. فسلوكيات لا تليق بعهد كنا نتمناه مختلفًا، عهد لا مكان فيه للمال السياسي الذي شوه الاستحقاقات الدستورية طوال العقود الماضية، ولا مكان فيه للسلع التموينية التي كنا نعاير بها جماعة الإخوان.

هذه السلوكيات كانت سببًا في تراجع الإقبال المنتظر على صناديق الاقتراع؛ لأننا أمام مرشح يعزف على وتر العوز عند المواطن، ومواطن أصبح لديه ثقافة إعطاء الصوت بمقابل مادي، وهذا كفيل بتدمير الحياة السياسية، كل هذا دفع البعض إلى المطالبة بتعيين كل أعضاء مجلس الشيوخ، خاصة أن الثقة في القيادة السياسية سوف تثمر نوابًا يستحقون الجلوس تحت قبة البرلمان.

ثم تأتي الدوائر الشاسعة؛ لتحول دون معرفة المواطن بالمرشح الذي ينتخبه، وكثير من المرشحين لم يتمكنوا من المرور على بعض القرى والمراكز؛ لتقديم أنفسهم للناخبين، ناهيك من إعلام لم يتعامل مع الانتخابات بجدية قبلها بوقتٍ كافٍ؛ لشرح صلاحيات مجلس الشيوخ، والتركيز على أهمية المشاركة مثلما حدث في انتخابات مجلس النواب.

أما الأحزاب السياسية، فتوارى دورها في الشارع، واعتمدت على ما خصص لها في القوائم والفردي، وكان عليها أن تبذل مجهودًا في نشر ثقافة المشاركة في استحقاق أقره الشعب عندما وافق على التعديلات الدستورية، وهنا نعود إلى ما قاله الرئيس السيسي أكثر من مرة، عندما طالب بأحزاب قوية قادرة على المنافسة السياسية، وتقديم اقتراحات تنهض بمصر، وأتذكر أنه اقترح منذ عامين في أحد مؤتمرات الشباب، ثم في إفطار الأسرة المصرية بعمليات دمج للأحزاب السياسية؛ لتكتسب قوة تمكنها من المنافسة، لكن هذا لم يحدث، وظلت الأحزاب مجرد عدد.

الأمل الوحيد في تبييض وجه هذا المجلس أصبح في التعيينات المنتظرة، والتي من شأنها إنارة الغرفة الثانية للبرلمان بشخصيات من الوزن الثقيل، تتمتع بخبرات كبيرة ورؤى وأفكار تتناسب وحساسية الفترة الراهنة.

إعلان