لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

معركة عض الأصابع التي تابعناها!

سليمان جودة

معركة عض الأصابع التي تابعناها!

سليمان جودة
09:00 م الأحد 09 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا تملك وأنت تتابع ما ظل يجري، منذ فترة، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلا أن تجد نفسك على قدر من الإعجاب بهذه المباراة المثيرة بينهما !

والفكرة في المباراة، منذ بدايتها، أن كل طرف من طرفيها كان يلعبها على أساس التفوق بالنقاط، وليس بالضربة القاضية.. وهذا ما حدث من أول جولة حتى الجولة الأخيرة!

وكانت الذروة في المباراة كلها يوم الأربعاء الماضي، عندما ذهب ترامب إلى الكونجرس يلقي خطاب حالة الاتحاد المعتاد، فنقلت وسائل الإعلام من داخل المكان مشهداً نادر الحدوث!

وكانت بداية المشهد حين مدت بيلوسي يدها لتصافح الرئيس الذي تردد، ولم يمد يده للمصافحة، وقد بدت يده في الصورة المنقولة عنهما إلى جواره، وفي المقابل كانت يد رئيسة الكونجرس ممدودة وحدها في الهواء!

لقد تجاهلها هو تماماً، واستدار يلقي خطابه متوجهاً إلى الأعضاء، وفي خلفية الصورة كانت بيلوسي تفكر بسرعة في رد الإهانة، فتبدو وهي تفعل ما لم يفعله رئيس للكونجرس في مكانها من قبل!

كانت تتناول نسخة الخطاب الموجودة أمامها على مكتبها، وكانت تمزقها أمام الكاميرات، وكانت تلقي بها في سلة المهملات، وكانت تنتقم من تجاهل ترامب لها، وكان انتقامها بطريقة فريدة حقاً، وكانت تفعل ذلك ولسان حالها يقول إن كيدهن عظيم!

البداية، طبعاً، كانت قبل شهور، عندما أطلقت هذه السيدة محاكمة سياسية للرئيس في مجلس النواب الذي يظل واحداً من مجلسين يضمهما الكونجرس، ويملك الحزب الديمقراطي المعارض الأغلبية فيه، وتنتمي بيلوسي بالطبع إليه.. ولأن الوضع كذلك، فلقد صوّت المجلس بأغلبيته المعارضة لصالح محاكمة ترامب وعزله من منصبه بالتالي، وكان على المحاكمة أن تنتقل بعد ذلك إلى مجلس الشيوخ وفق الدستور، وفي هذا المجلس تستقر الأغلبية في يد الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس، فكان من الطبيعي أن يقف الجمهوريون الشيوخ في وجه الديمقراطيين، وأن يصوت المجلس لصالح الرئيس، لا لصالح محاكمته، وأن يكون هذا هو ختام القصة التي عاش العالم يتابعها شهوراً ممتدة !

وقد عاش ترامب على مدى مراحل المحاكمة يتبادل مع غريمته إحراز الأهداف، وكانت هي كلما أحرزت هدفاً في مرماه سارع هو وأحرز هدفاً من جانبه في مرماها !

وكان هدف النهاية من ناحيته هو رفض المصافحة، كما كان هدف النهاية من ناحيتها هو تمزيق الخطاب على الملأ وأمام الدنيا كلها!.. وفي مرحلة من مراحل المباراة كانت هي قد صفقت في استقباله في المجلس، ولكنها صفقت بطريقة حيرت الذين شاهدوها، فلم يستطيعوا تفسيرها ولا الوصول فيها إلى معنى، وكان هو قد وصفها بصفات كثيرة أقلها أن هذه امرأة مجنونة!

وفي كل المرات كنت تشعر بأنك إزاء صراع مؤسسات لا صراع أفراد، وأن بيلوسي وهي تصارع ترامب لم تكن تنسى أن هذا هو الرئيس، وأنه ساكن البيت الأبيض المنتخب، ولا كان هو ينسى أن هذه هي رئيسة مجلس النواب المنتخب أيضاً!

كان كل طرف منهما يصل بالآخر إلى حافة الهاوية، ولكن دون أن يقع فيها، وكان الحزب الديمقراطي يقود معركته إلى نهايتها مع الحزب الجمهوري، وكان ترامب هو رأس الحربة لدى الجمهوريين، وكانت بيلوسي هي رأس الحربة لدى الديمقراطيين، وكان الحزبان يخوضان معركتهما على هذا المستوى وهذا الأساس، وفي الخلفية لدى كل حزب منهما أن الجولة الأخيرة من سباق الرئاسة ستكون يوم الثلاثاء الأول من نوفمبر المقبل، وأن الفائز فيه ربما يتحدد بنسبة كبيرة بناء على نتيجة هذه المباراة!

المعركة بينهما كانت معركة في عض الأصابع، وكان الرهان على من يقول "آه" أولاً، ولكن الغريب أن بيلوسي لم تقلها.. ولا ترامب قالها.

إعلان

إعلان

إعلان