لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

 ساعات العمل وأيام العمل (٢)

د. غادة موسى

ساعات العمل وأيام العمل (٢)

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

09:00 م السبت 29 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كما سبقت الإشارة في الجزء الأول من هذا الموضوع إلى أنه لا يوجد اتفاق بين دول العالم حول الحد الأدنى أو الأقصى لعدد ساعات وأيام العمل، غير أنه يجب ألا يتجاوز ٤٨ ساعة في الأسبوع.

كما يوجد لدى العامل- حالياً- حرية نسبية في تحديد عدد ساعات عمله، وفقا للعقد المبرم بينه وبين الجهة أو المؤسسة أو المصنع أو غيره من المنشآت.

جدير بالذكر أنه عند مناقشة عدد ساعات العمل، فإن الأمر لا يتعلق فقط بمعادل الأجر، وإنما أيضاً بشروط وبيئة العمل.

وكانت الاتفاقية رقم (١) لمنظمة العمل الدولية عام ١٩١٩ حول عدد ساعات العمل، وقدرتها بـ٤٨ ساعة عمل في الأسبوع كحد أقصى. وكل الساعات التي تزيد على ٤٨ ساعة عمل تُعد ساعات عمل إضافية. وقد وضعت الاتفاقية بعين الاعتبار وجود دول يعمل فيها العامل أو المستخَدم ستة أيام عمل بحد أقصى ثماني ساعات يوميا. وقد جاء هذا التفصيل في اتفاقية ساعات العمل لقطاع التجارة والأعمال المكتبية رقم (٣٠) لسنة ١٩٣٠، حيث تضع هاتان الاتفاقيتان المواصفات العامة للعمل ٤٨ ساعة في الأسبوع.

وقد بدأت المنظمة في الأخذ بعين الاعتبار تخفيض عدد ساعات العمل إلى ٤٠ ساعة عمل أسبوعيا عام ١٩٣٥، من خلال الاتفاقية رقم (٤٧)، ثم صدرت توصيات بذلك عام ١٩٦٢، وعبرت عنها الاتفاقية رقم (١١٦).

وقد كان السبب الذي أعلنته المنظمة، والذي يدفع نحو هذا الاتجاه هو الإجراءات العملية التي تستجيب لتباين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للدول، وأن التخفيض التدريجي لعدد ساعات العمل هو نتاج لاتفاق جماعي متضمن ومعبر عنه في قوانين وتنظيمات وإجراءات.

كما أنه- وفقا للمبادئ العامة التي وضعتها منظمة العمل الدولية في هذا الشأن- فإن هذا التخفيض يخضع لتقديرات كل دولة؛ من حيث القطاع الذي يتم فيه تخفيض عدد ساعات العمل وفقا لطبيعة النشاط الاقتصادي.

وفي هذا السياق، أجرت المنظمة بحثاً عام ٢٠١٥ حول متوسط عدد ساعات العمل وفقاً للأقاليم الجغرافية والثقافية المختلفة، حيث سجلت دول جنوب شرق آسيا وشرق آسيا أعلى عدد ساعات عمل في الأسبوع (٤٧ ساعة عمل)، تلتها الدول العربية بـ٤٦ ساعة عمل، ثم الدول الأفريقية بـ٤٣ ساعة عمل، فدول وسط وغرب آسيا بـ٤٢، ودول أمريكا اللاتينية بـ٤١ ساعة عمل أسبوعيا.

أما دول أمريكا الشمالية، فقد سجلت ٣٨ ساعة عمل أسبوعياً، في حين سجلت دول غرب ووسط وشرق أوروبا متوسط ٣٧ ساعة عمل.

كما وصل أعلى نسبة للعمل (يزيد على ٤٨ ساعة عمل أسبوعيا) عام ٢٠١٦ في دول جنوب آسيا (٦٠٪)، ثم دول شرق آسيا (٤٩٪) والدول العربية (٤٦٪).

ومن الأهمية بمكان العودة لتفسير ما المقصود بعدد ساعات العمل، حيث لم تحدد الاتفاقية رقم (١) المقصود بعدد ساعات العمل، وأوضحت هذا الاتفاقية رقم (٣٠) في المادة (٢) أن "اصطلاح ساعات العمل لا يتضمن وقت الراحة الذي لا يكون فيه العامل/ المستخدم في خدمة صاحب العمل".

وقد قامت دول أوروبية عديدة بتطوير وتحديد أدق لهذا الاصطلاح، فعرفت الدنمارك اصطلاح ساعات العمل بأنه "وقت إنجاز العمل الحقيقي". ولكنها لم تفسر ما هو العمل الحقيقي.

كما عرفت دول أخرى اصطلاح ساعات العمل بأنه "الوقت الذي يكون فيه العامل متاحاً للعمل، أو الوقت الذي يؤدي فيه العامل- بالفعل- عملاً.

وجدير بالذكر أن هناك بعض الدول الأوروبية مثل بولندا ضمت وقت الراحة ضمن وقت العمل، وذلك بناء على اتفاق جماعي تم التوصل إليه.

وهو تساؤل مطروح حول الارتباط بين وقت الراحة والمنتوج زيادة ونقصاناً. بالإضافة للوقت الذي يبذله العامل أو المستخدم في إعداد نفسه للعمل.

ففي الآونة الأخيرة، اعتبرت بعض الدول الأوروبية أن وقت الذهاب للعمل يتم تضمينه ضمن ساعات العمل؛ باعتباره جزءًا من الإعداد للعمل. وهو ما قد يكون له تفسيرات اقتصادية أخرى، وقد يتعدى العدد المتوافق عليه حول عدد ساعات العمل المقدر أسبوعيا كحد أقصى بـ٤٨ ساعة عمل.

وهي جميعها اصطلاحات تحتاج إلى دراستها وتطويرها لتواكب التطورات التقنية من جهة، والتحول في مفاهيم النفع العام والإنتاج والاستهلاك والتحولات في علاقات الإنتاج من جهة أخرى. وهو ما سأحاول الوصول له في الجزء الثالث من هذا لموضوع.

إعلان

إعلان

إعلان