- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
لمحته يأتي مسرعاً، كان يلهث، وضع حقيبة الظهر إلى جوار سيدة ثلاثينية، بعد أن التقط منها بعض الأوراق والصور.
كان متأخراً عن موعده بخمس دقائق. اعتذر عن التأخير؛ لأنه قادم للتو من إلقاء محاضرة بالجامعة. ثم أخبرنا أنه يخشى مواجهة الجموع لذا يرجونا أن نعذر له توتره، لكنه وعدنا بأنه بعد قليل سينسى وجود المصورين وفلاش عدساتهم، وسيحكي بشكل طبيعي بعد أن يتلاشى التوتر.
أخبرنا أيضاً بأنهم طلبوا منه أن يتحدث لمدة ساعة لكنه سيكتفي بنصف المدة فقط لئلا يُرهق الحضور، ولأن الحديث المتواصل لفترة زمنية طويلة يتسبب في قطع التواصل بين طرفي اللقاء؛ المحاضر والجمهور.
هنا، صعد الكاتب ديباك أونكريشنان خشبة المسرح الرئيسي ضمن فعاليات البرنامج الثقافي بمقر معرض أبوظبي التاسع والعشرين الممتد من ٢٤- ٣٠ أبريل الجاري والذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، والذي اختار الشاعرة الإماراتية الراحلة عوشة بنت خليفة السويدي، الشهيرة بـ»فتاة العرب«، أن تكون شخصية المعرض المحورية لتلك الدورة، مثلما خصص لها المنظمون العديد من الجلسات لإلقاء الضوء على تراثها الشعري الذي يعد مصدر اعتزاز لكل إماراتي، من دون الفصل بين إبداعها وحياتها الخاصة، منذ طفولتها مروراً باعتزالها- وأسرار ذلك الاعتزال والإحباطات التي أصابتها من واقع لهاث الشعراء خلف الجوائز وكتابتهم الشعر لأجل الأموال - وحتي مماتها بكل ما صدر عنها من كتب وأفلام ومشاريع لا يزال يتم الإعداد لها، وذلك بشكل أساسي، من خلال الدكتورة رفيعة غباش المؤسسة لمتحف المرأة في دبي والمعروفة بشغفها واهتمامها بالتوثيق، مثلما تعتبر من النساء الرائدات في موطنها، كما أنه يُميز تجربتها أن والدتها كانت على صلة قوية بفتاة العرب حتى إن بعض القصائد وجدت مكتوبة بخط يد والدة غباش التي يبدو أنها كانت تكتبها أثناء التواصل الهاتفي بينها وبين الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي.
كانت أيام وأرجاء معرض أبوظبي للكتاب حافلة بالجلسات والضيوف من مختلف الدول العربية، وكذلك المبدعون العالميون الكبار، الذين جاءوا للحديث في قضايا وموضوعات شتى متنوعة بين الأدب والاجتماع والفلسفة، والترجمة والنشر الرقمي وتأثيره الخطير على المطبوعات الورقية، للمقارنة بين الكتاب العربي ونظيره الغربي ومدى تأثير الثاني على الأول؟ إلى جانب الحضور اللافت للمرأة المبدعة في شتى الجوانب، سواء في جلسات الشعر، وفنون الأداء وركن للرسم بالألوان، أو جانب الترفيه، وتوقيع أحدث الكتب العربية والأجنبية، ولقاءات مع مؤلفيها ومسابقات وورش حيَّة يُقدم خلالها المبدعون والمبدعات خبراتهم للحضور، خصوصا الأطفال الذين نلحظ وجودهم الفعال والطاغي- بل هم الأكثر حضوراً- في الأماكن العديدة المخصصة لهم.
الناس المؤقتون
جاء ديباك أونكريشنان في تلك الأمسية ليحدثنا عن كتابه الأول: «الناس المؤقتون». عن بداية الفكرة التي نبعت من لحظة ترك البيئة التي تربى فيها. فعندما تُغادر تحاول أن تتذكر، بل تعمل الذاكرة وتعيد اكتشاف المكان والناس الذين تركتهم وراءك بعد سنوات من الحياة معهم.
ولماذا نقول لمن نحبهم مثل الأم والجدة: «أنا بخير، ولا نقول أنا أحبك؟» هكذا استطرد ديباك مواصلاً حديثه عن ضعف التواصل بين أفراد العائلة، عن شعور المغادرة، وخسارة التملك، عن الموطن، والمنزل، وشعور أن تكبر في مكان ثم تغادره فترة من الحياة، أو تغادره أبداً.
حدثنا هذا الشاب المتواضع عن رحلة فشله، وكيف كان الجميع يراه فاشلاً في طفولته ومراهقته. لم يكن متميزاً في شيء. لم يتخيل ذات يوم أنه سيصبح كاتباً. لم يفكر في الأمر أصلاً. ولد في الهند لكنه لا يجيد الحديث بلغتها. يتحدثها ببطء وتلعثم. يجيد الحديث بالإنجليزية- بطلاقة- ويحب الاستماع إلى العربية التي يفهمها جيداً، فقد نشأ، وتربى في أبوظبي، وتركها في العشرين من عمره، ليُكمل تعليمه في أمريكا، ثم يواصل التدريس هناك، وكذلك في جامعات أبوظبي.
عمل ديباك على الكتاب، فجمع فيه بين حياته في أبوظبي، وعلاقته بأهله، والحياة في الهند، والكلمات الهندية التي يخشى عليها من الاندثار، متطرقاً لحياة العمال في أبوظبي، حيث وظف الخيال والسوريالية في مزيج هارموني مع الواقع وشخصياته الحقيقية. أثناء ذلك حدثنا أيضاً عن حياته وعائلته، بدءًا من والديه ذوَي الأصول الهندية اللذين ورث عنهما وسامته. وكذلك جدته وجده وظروف رحيله. أشار إلى التراث الهندي الذي يحضر في الكتاب بقوة. يعترف أنه ليس إماراتيا، إنه إنسان نشأ في أبوظبي، ويحمل جواز سفر هنديًا، رغم أنه لم يعش في الهند.
لذلك يقول: «عندما أقول إنني من أبوظبي يبدو منطقياً بالنسبة لي، لأني لا أكذب على الإطلاق عندما أقول ذلك. عندما أقول إنني من الولايات المتحدة الأمريكية، ولا سيما مدينة نيويورك وشيكاغو، فإنني لا أكذب عندما أقول ذلك أيضا».
لا تهتمي بالآخرين
عندما انتهي من حديثه الممتع الذي أخذنا بصحبته، فلم نشعر بالوقت، فتح ديباك باب النقاش بقوله: «إن لم يكن هناك أسئلة، فليس لديّ مشكلة، ويمكن أن ننصرف وأشكركم على حضوركم وإنصاتكم».
هنا رفعت فتاة صغيرة- ربما لا تتجاوز التاسعة من العمر- يدها، وسألته: عندما بدأت في الكتابة ماذا فعلت؟ هل قررت من البداية أن تكتب؟ أن تؤلف كتاباً؟ وماذا كنت تنوي عندما بدأت الكتابة؟
كانت الفتاة تجلس إلى جوار أبيها فسألها ديباك أونكريشنان، بود وابتسامة: هل هذا سؤالك أنت أم أنه سؤال والدك؟! وقبل أن تأتيني إجابتها سمعته يقول- ربما لينفي عنها الحرج: «أيًّا كان.. سأجيبك أنت وحدك. أعلم أن كثيرين يحضرون الآن ويستمعون إليّ هم أيضاً، لكن اعتبري- وتخيلي- أن كلامي موجه لك وحدك. إذا كنتِ ترغبين في الكتابة، فاكتبي دون أن تنصتي إلى الآخرين. لا تهتمي بما يقوله الآخرون عنك. ابدئي فورًا. واكتبي كل ما تريدين. لا تشغلي بالك بمن حولك. ربما يقول البعض إن ما تكتبين ليس جيدًا، لا تهتمي. واصلي الكتابة ما دمت تريدين ذلك. أنا نموذج أمامك. عندما انتهيت من كتابي (الناس المؤقتون) لم يهتم أحد. تجاهلوه كأنه بلا وجود أو هوية. واستمر الأمر طويلا إلى أن حصد الكتاب جائزة واحدة فقط. هنا أصبحت محط انتباه واهتمام، وأكثر من ثلاثين معرضًا ودولة أرسلت تدعوني للحديث عن كتابي. ربما لن أحضر معرض أبوظبي مرة ثانية. ربما لن أؤلف كتابا آخر. ليس الأمر مهما. المهم أنني عشت هذه التجربة، وأن الكتاب خرج للنور. وربما سأجد عملاً آخر».
عفراء
الاستماع إلى تجارب الفشل من الآخرين يمنحني إحساسا بالثقة. لماذا؟ صدقاً، لا أدري على وجه اليقين. ربما تُوهمني تلك القصص بأنني قادرة على تجاوز فشلي، على تخطي الإحباط، ربما تمنحني الفرصة أن أضع ذلك الشعور جانباً، الشعور بأنني لم أحقق أحلامي الحقيقية، بأنني طوال تلك السنوات سرت في طرق فرعية وشوارع جانبية، وربما أزقة خانقة، بينما تفاديت الطريق الرئيسي الذي كنت أنشده. فهل حقاً قصص الفشل ورحلات الإخفاق في حياة البعض حصن يحميني ويعيدني إلى الصواب أم أنه سراب مخادع، وراحة مؤقتة؟!
راودتني تلك الأفكار بعد الاستماع إلى العديد من الشخصيات المبدعة التي روت تجاربها بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب. شخصيات كثيرة أنصت إليها، وإلى تجاربها، لكن تجارب ثلاثة فقط بقيت معي، وأعتقد أنني سأظل أحمل كلماتها وخبراتها طويلاً في ذاكرتي، وفي مقدمتها الكاتب الروائي والشاعر النيجيري الحائز على بوكر العالمية، بن أوكري، الذي يعتبر أصغر كاتب يفوز بها، عن روايته «طريق الجوع» و«حوار طويل» عن الإبداع ومأزقه مع الكتابة وإحساسه بأنه بطيء وبسيط ومعقد في آن واحد، وشعور الأبوة الذي عايشه مؤخراً.
كذلك عفراء عتيق، الشاعرة الإماراتية النابغة التي عانت تمييزا ومعاملة عدوانية من بعض المحيطين بها منذ طفولتها؛ بسبب أصولها الأجنبية- من ناحية الأم- ثم قدرتها على تجاوز آثار ذلك العدوان، وكتابة تجربتها بحروف حادة موجعة يصعب نسيانها... ولكنها حكاية أخرى تستحق أن تُروى منفردة.
إعلان