- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
من علامات النضج النفسي والوجداني للإنسان أن يُدرك أن الحياة والموت وجهان لعملة واحدة؛ فكلاهما يؤدي إلى الآخر ويحيل إليه، سواء أكان هذا الموت بيولوجيا حقيقيًا؛ يحدث عن طريق مغادرة الروح للجسد والرحيل عن هذا العالم، أم موتًا معنويًا ومجازيًا بأن يُميت الإنسان في ذاته وحياته ما يستحق الموت من ذكريات وأحلام وحنين، ويدفنها في غياهب النسيان لكي يبدأ من جديد، ويحيا بسلام.
والحياة- في ظني- لا تبدأ بالميلاد، كما يعتقد البعض، بل تبدأ بوعي الموت؛ موت حبيب أو عزيز لم تكن تتصور الحياة بدونه، ثم استمرت من بعده رغم وجع البعاد، أو اقترابك أنت شخصيًا عبر مرض أو حادث عابر من معايشة تجربة الموت، لأن الإنسان يتعلم بعد تلك التجربة أن يعيش الحياة بشجاعة متحررًا من خوف الموت، كما يحاول العيش بعمق واستمتاع، وأن يُسرع بإنجاز مشروع حياته، لأنه حتمًا مفارق الحياة يومًا ما.
والشجاعة في مواجهة الموت، والتعامل معه بحكمة واتزان عقلي بوصفه نهاية حتمية هما سر الانتصار في معركة الحياة؛ ففي الحرب إن سمح الجندي لنفسه بالخوف من الموت سوف يُهزم، ويموت بالفعل، وكذلك الأمر في معركة الحياة، إذا سمح الإنسان لخوف الموت بالتسلل إلى روحه وقلبه، وعاش في رعب منه سوف يُهزم ويموت وهو حي، بعد أن يفقد الدافع للحياة، والرغبة في العمل.
وأظن أن الشجاعة في مواجهة الموت هي ميراث مصري أصيل؛ فالمصريون القدماء لم يمنعهم انشغالهم بفكرة الموت، والسعي لنيل الخلود والحياة الطيبة في العالم الآخر من التعامل معه بشجاعة والاستمتاع بالحياة الأرضية، وصنع حضارة عظيمة لا نزال لليوم نتباهى بمنجزاتها الأدبية والمادية.
وقد كان الموت الجدير بالرثاء والحزن عند أجدادنا هو "موت الإنسان بدون صوت"، وهم يقصدون موت الإنسان بدون أن يعمل بإتقان وإخلاص في حياته، ليترك أثرًا يخلفه من بعده، ويُعرف به، ويصنع لاسمه المجد.
أما الموت الذي يأتي عندهم بعد حياة من العمل والإنجاز، فهو "خروج للنهار" بالتعبير المصري القديم، ومعبر لحياة سعيدة وخالدة.
والخلاصة: إن الموت في حياتنا "متن" مهمٌّ نقرأ صفحاته ونستوعبها جيدًا، ونستخلص منها الدرس والعبرة، ولكن علينا أن نتعامل معه دائمًا لأسباب نفسية وفكرية بوصفه "هامشًا" يجب تجاوز حضوره باستمرار، لكي نستطيع مواصلة رحلة الحياة، والاستمتاع بها، والإنجاز فيها، ولكي لا تتماس البديات عندنا بالنهايات، فنفقد الدافع إلى العمل والحياة.
ولهذا أرى أن من أكثر عيوب موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) أنه أصبح وسيلة لإبراز وتكثيف حضور الكوارث وموت الآخرين الجاري بلا توقف حولنا؛ وهذا أمر مرهق للروح والعقل؛ فالموت وحزنه تجربة شخصية، يأخذ كل فرد منا نصيبه منه، معايشة ووجعاً لموت الأحباب، غير أن الاستغراق فيه على الدوام بفضل موقع فيس بوك، وسرادقات العزاء المفتوحة فيه دائمًا للقريب والبعيد هو أمر مثير للتأمل والحيرة والحزن الدائم.
في الماضي، قال الفيلسوف اليوناني أفلاطون: "إن الفلسفة هي تدريب على الموت"، وهو يقصد أننا نتعلم منها أن الموت ضرورة منطقية، ونهاية حتمية، كما نتعلم منها إماتة رغبات الجسد في الحياة من أجل تحقيق صفاء الروح، حتى يأتي الموت الفعلي، فيحرر النفس بالكامل من سجن الجسد.
أما الآن، فلقد أصبح "الفيس بوك" معايشة متواصلة للموت، فهو يكثف على مدار الساعة حضوره، وينقله لنا "مباشرًا" بكل الصور والأشكال، مصحوبًا بطوفان من المراثي والبكائيات، بشكل يُرهق الروح، ويبدد صفاءها وسلامها، ويجعلك تشعر بالشفقة على "الحالة الإنسانية المعاصرة" التي رغم صخب حضورها في الفضاء الافتراضي الذي استبدلت به خواء عالمها الواقعي، تشعر بالوحدة، وتفتقد للكثير من الفلسفة والحكمة في تعاملها مع الموت، ولهذا تنشد وتستجدي العزاء والدعم النفسي بمختلف أشكالهما.
إعلان