إعلان

لا تخشوا من الفشل

لا تخشوا من الفشل

د. أحمد عبدالعال عمر
09:00 م الأحد 30 ديسمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"افشلوا وأنتم مرفوعو الرأس. المرء لا يحيا إلا مرة، لذلك بادروا بفعل ما تشعرون نحوه بالشغف، اغتنموا الفرصة بمهنية، لا تخشوا من الفشل... لا تخشوا من التفكير خارج الصندوق، لا تخشوا من الفشل الذريع، لا تخشوا من الأحلام الكبيرة.

ولكن تذكروا: أن الأحلام بدون أهداف ليست سوى أحلامٍ، ودائمًا ما تعود إلى خيبة الأمل. ولهذا اصنع أحلامك الخاصة، ولكن ضع لها أهدافًا. والوصول لهذه الأهداف يتطلب منك الانضباط والثبات... ولتعلموا أن أي شيء ترغبون به، تستطيعون الحصول عليه؛ لذلك طالبوا به، ابذلوا ما في وسعكم للحصول عليه، وعندما تحصلون عليه عودوا للخلف، وساعدوا غيركم بسحبه للإمام؛ فليعلم أحكم الآخر، ولا تطمحوا فقط لكسب العيش، بل اطمحوا لصنع التغيير".

الفقرة السابقة جزء من محاضرة شهيرة لـ "مالكوم إكس" داعية الحقوق المدنية الأمريكي المدافع عن حقوق السود، ألقاها في إحدى الجامعات الأمريكية للتعريف بفلسفته ودعوته.

وقد حاضر مالكوم إكس في حياته القصيرة التي انتهت بالاغتيال عام 1965 في أكثر من خمسين جامعة أمريكية، ونجح عبرها في الاستحواذ على مستمعيه، بصدقه الشخصي، وحديثه المتدفق الشجاع، وثقافته الفلسفية العميقة التي تسلح به عبر القراءة الحرة التي قال عنها: "لقد غيرت القراءة مجرى حياتي تغييرًا جذريًا، ولم أكن أهدف من ورائها إلى كسب أي شهادات لتحسين مركزي، وإنما كنت أريد أن أحيًا فكريًا".

وتتضمن الفقرة السابقة فلسفة عميقة عن الحياة والأحلام والعمل والفشل والنجاح والمسؤولية الاجتماعية، لم أتوقف عن تأملها والاستفادة منها منذ استمعت إليها في الفيلم السينمائي الذي أنتج عام 1992 عن سيرة وحياة مالكوم إكس، وقام ببطولته النجم دنزل واشنطن.

ومن خلال تلك الفلسفة نعرف أن الإنسان يحيا مرة واحدة، وعليه في حياته القصيرة تلك أن يؤمن ألا شيء مستحيل أو بعيد المنال. ومهما ظهرت تحديات في وجه طموحه، فيجب أن يتشبث بأحلامه، ويستمر في المطالبة بها والدفاع عنها، والسعي لجعلها حقيقة.

وهذا لن يكون بدون الانضباط والثبات، والصبر على العمل الشاق، والتفكير خارج الصندوق، ووضع أهداف تكتيكية قريبة، تتراكم عبر الزمن لتصنع للغاية الاستراتيجية البعيدة، وهي أن يكون المرء ناجحًا ومتحققًا في الحياة، وراضيًا عن ذاته ومُنجزه.

غير أن النجاح الشخصي في وجهة نظر مالكوم إكس لا يكتمل دون أن يتحمل الإنسان الناجح مسؤوليته الاجتماعية، عبر مساعدة المتعثرين في الحياة لكي يجدوا ذواتهم وطريقهم الصحيح؛ وبهذا يتجاوز الإنسان الناجع مطالب البحث عن الرزق، ويحدث بوجوده فارقًا يسهم في خدمة مجتمعه والتغيير العام نحو الأفضل.

والخلاصة، هذه فلسفة شخصية ومجتمعية جعلها مالكوم إكس دستورًا لحياته، ونجح من خلالها في تجاوز كل العقبات والتحديات التي واجهته، ليصبح إنسانًا ناجحًا، ونافعًا لغيره، وملهمًا للكثير من البشر، ولهذا فهي فلسفة جديرة بأن نتأملها جيدًا ونجعلها دستورًا لحياتنا.

إعلان

إعلان

إعلان