لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أحمد وهاجر

أحمد وهاجر

د. جمال عبد الجواد
09:41 م الجمعة 02 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

فيما يلي إعادة صياغة لقصة الغرام والمغامرات التي تداولتها الصحف خلال الأسبوع الأخير، كتبتها بنية توضيح ما غمض في القصة المنشورة، ولطرح الأسئلة التي تغاضت الصحافة - كسلا أو غفلة - عن طرحها.

وقع أحمد مشرف الأمن في جامعة المنوفية في غرام هاجر الطالبة في نفس الجامعة. أحمد يحب هاجر من طرف واحد، فهاجر لا تدري بوجود أحمد أصلا. أراد أحمد البوح بمكنون قلبه لهاجر، فقصد خطاطا ليكتب له لافتة عريضة يفشي فيها لهاجر ولكل محافظة المنوفية بحبه لها. بفونط مبتكر هو مزيج من الأندلسي والكوفي وتايمز نيورومان، كتب الخطاط ما أملاه عليه أحمد: "هاجر.. حبيتك غصب عني ومش عارف أقولهالك".

لم ينس الخطاط - غالبا بناء على تعليمات أحمد - أن يرسم قلوبا كثيرة باللون "البينك" المسخسخ لتحيط بالاعتراف الرومانتيكي.
علق أحمد اللافتة أمام باب الجامعة التي تضم عشرات الطالبات باسم هاجر.

لم يكتب أحمد اسمه أو تليفونه أو يرسم صورته على اللافتة، فانعدمت أي فائدة عملية من وراء كل هذا الجهد.

ظلت اللافتة معلقة ثلاثة أيام، فكانت لغزا، وظل الطلاب والناس يتحدثون عنها، دون أن يتطوع أحد لإزالتها، ودون أن تعرف أي هاجر أنها هي المقصودة من بين عشرات "الهاجرات" من الطالبات، ودون أن يتعرف أحد على شخص الولهان مجهول الهوية.
غير أن الأمر كانت له تداعيات لم يقصدها أحمد عندما علق اللافتة. لقد سببت اللافتة اضطرابا عاطفيا لدى الطالبات من فئة "هاجر"، فراحت كل واحدة منهن تتساءل ما إذا كانت هي الطالبة المقصودة، خاصة بين الطالبات غير المرتبطات، واللاتي يحلمن "بفارس أحلامي وحبيب أيامي".

أما الطالبات المرتبطات بشبان معدومي الرومانسية فرحن يندبن حظهن بعد أن أثار "ديكلاريسيون الغرام" المبتكر شوقهن للمفاجآت العاطفية المبهجة.
الشبان في محيط جامعة المنوفية، والذين هم في علاقة غرام مع "هاجر" ما، وقعوا في أزمة كبيرة. لقد أصابهم الشك والحيرة، فربما كانت "هاجر" حبيبته هي المقصودة من هذا العاشق المجهول؛ فلماذا وقع العاشق الغامض في غرام "هاجر" التي تخصني، وما الذي فعلته هي من جانبها لتشجيعه على هذه المشاعر؟ وماذا بعد كتابة اللافتة؟ وهل ينوي العاشق الغامض اتخاذ مزيد من الخطوات لاختطاف قلب هاجر؟
كان من الممكن للأمر أن ينتهي عند هذا الحد، فيتم نزع اللافتة، وينسى مجتمع الشبان والبنات القصة، ويتم تقييد قضية اللافتة ضد مجهول، لكن ضمير رجل الشرطة النشيط لم يرض بذلك، فالاضطراب العاطفي في المحافظة بات يهدد الاستقرار والسلم الأهلي.

المشكلة هي أنه لا يوجد في القانون نص يتعلق بالاضطراب العاطفي، ولكن هذا أمر بسيط لا يثبط من همة الشرطي النشيط، فرجل الشرطة الحريص على جمال المدينة ونظافتها، وعلى تطبيق القانون بحذافيره، لم يعجبه أن يتم تعليق اللافتة دون تصريح، ودون دفع الرسوم التي ينص عليها القانون. معاه حق، فكل اللافتات في البلد واخدة تصاريح، والراجل اللي بيعمل إعلانات "البشعة"، ومكاتب تشغيل أوبر وكريم، والراجل صاحب ونش إنقاذ السيارات، وملك الكيمياء، ومستر حسين بتاع الإنجليزي، كل دول.. كل دول إعلاناتهم واخدة تصاريح، ودافعين حق الدولة على داير مليم. ولأن العدل عدل، والقانون مفيهوش هاجر، بحث الشرطي الهمام عن الحبيب المجهول الذي يقف وراء اللافتة، فقام بحصر الخطاطين الموجودين في المدينة، واستجوبهم واحدا بعد الآخر، حتى وصل إلى الخطاط الذي سمح له ضميره بتوريط نفسه في الجريمة الشنعاء، وبعد محاولات للإنكار، والتهرب من إفشاء أسماء شركائه في الجريمة، اضطر الخطاط المجرم لإفشاء هوية الحبيب المجهول، الذي وقع في قبضة الشرطة لتقتص منه حق المجتمع.
هل الحكومة ضد الحب باعتباره نوعا من المسخرة، وساءها أن أحمد يحب هاجر؟ أم أن الموضوع كله شرطي فاضي وبيهزر، ودخل في رهان مع اصحابه ليكشف لهم هوية الشاب وراء النكتة الرومانسية؟ بيتهيألي إن الموضوع كله هزار هزار، وحب حب، وبلوبيف بلوبيف، وما يستاهلش اهتمام الشرطة والسجن والبهدلة.

إعلان

إعلان

إعلان