إعلان

أطفالٌ مستباحةٌ أم...؟

أطفالٌ مستباحةٌ أم...؟

د. براءة جاسم
09:00 م السبت 06 أكتوبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

موضوعٌ قديمٌ حديث، مطروحٌ منذُ بدايةِ ظهورِ الأطفالِ في الأعمالِ الفنيّة منذُ عقودٍ طويلة (أفلام، مسلسلات، إعلانات... إلخ)، ويثارُ من حينٍ إلى آخر عندَ ظهورِ محتوى جديد لأحدهم، كالطفلة التي صُوِّرت مع إحدى قريباتها وهي تطالبُها بعملِ حِمية غذائية، والطفل الذي صوَّرهُ أحدُ مدرسيه وهو يطلبُ أن ينامَ لمدةِ ربعِ ساعة، لتنقسمَ الآراءُ بين مؤيدٍ ومعارضٍ وثالثٍ مُحايد.

رُبَّما كانت الأمورُ في السابقِ أضيقَ نطاقًا وأبسطَ بكثير، أمَّا في عصرِ السرعةِ والتكنولوجيا، فلم يَعُد يمرُّ يومٌ على متابعي مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ دونَ أن تكونَ الأطفالُ جزءًا من المُتصَفَّح والمعروضِ بالصور أو الفيديوهات، فضلًا عن فيديوهاتِ اليوتيوب، التي لا حصرَ لها لأطفالٍ باتَتْ مشهورةً في محيطِ بلادِها أو بلادٍ أخرى، وتفوقُ أعدادُ المشاهدةِ ليصلَ بعضُها إلى العشرين مليون مشاهدة، وتختلفُ المادةُ المقدمةُ في هذه الفيديوهات ما بين "مقلب" مع الطفل، أو أسئلةٍ توجَّهُ له ليجيبَ عنها، أو عرضٍ لموهبةٍ ما (غناء، رقص... إلخ)، وغيرُها الكثيرُ من المحتويات المختلفةِ التي يصعُبُ حصرُها.

وهناكَ قواعدُ إرشاديَّةٌ موضوعةٌ من قِبلِ موقع يوتيوب للفيديوهات الخاصةِ بالأطفال، وهي لا تختلفُ كثيرًا عن القواعدِ التي تضعُها مؤسساتٌ مختلفةٌ معنيَّةٌ بالطفل، أذكر من هذه القواعدِ على سبيلِ المثال لا الحصر: الأمانُ والبعدُ عن كل ما يشكِّلُ خطورةً جسديّةً أو نفسيةً أو عاطفية، وأن تكونَ مشاركةُ الطفلِ في الفيديو طوعًا لا كرهًا، هذا بالإضافةِ إلى موافقةٍ مُسبقةٍ من وليّ الأمر على الفيديو الذي سيُعرَض إذا كان الشخصُ قاصرًا.

ويكونُ المحتوى المعروضُ متروكًا لتقييمِ المُشاهد باختلافِ أخلاقهِ وتربيتِه ليُصبحَ الطفل تحتَ رحمةِ ما يُكتبُ من تعليقاتٍ على هذه الفيديوهات.

وأودُّ هنا أنْ أطرحَ عدةَ تساؤلاتٍ لنْ أُحاولَ الإجابةَ عنها لأنَّ الإجابةَ تنبُعُ من قناعاتِ ورأيِ كلِّ شخصٍ حسَبَ ثقافتِهِ ومعتقداتِه، ولعواملَ أخرى كثيرةٍ جدًا، منها المحتوى، غيرَ أنِّي أطرحُ تلك التساؤلات حتى نُفكِّرَ معًا كمجتمعٍ قبلَ أن ننشُرَ أو نتناقلَ أي محتوىً يخصُّ الأطفال، وأولُ ما يتبادرُ لذهني:

هل يُعَدُّ ما يحدُثُ استباحةً لحقوقِ الأطفالِ وخَرقًا لخصوصيتِهِم؟

وهل تختلفُ الإجابةُ عن هذا السؤالِ باختلاف القائم بتصوير الفيديو، سواءً كان من أهل الطفل أو غيرهم؟

هل من حقّي كولي أمرِ الطفل أن أقومَ بتصويرِه لعرضِ ما صورتُهُ على العامّة؟

لا شكَّ أن الغالبيةَ العُظمى من الأهلِ يفعلونَ ذلكَ بدافعِ الحبِّ والفخرِ بأبنائِهم حينَ يصورون لحظاتٍ تُسعِدُهُم المشاهدةُ عليها، ولكن هل فكّر أحدُهُم- ولو على سبيلِ التخيّل وبغض النظرِ عن عدم إدراكِ الطفل لذلك- أن هذا الطفل الذي يستمتعُ بوقتِهِ مع الأهل (يلعب، يغني، يمثل، يتحدث معهم... إلخ) ويقضي معَهُم لحظاتٍ سعيدةً ربما تكونُ خاصةً بينهم كأهلٍ، لو أنه سُئلَ عن موافقتِهِ على نشرِ ما صوّرَهُ له أهله فهل يوافقُ؟

وما مدى تأثير هذا النشرِ- سلبًا أو إيجابًا- على الطفل؟

جُلُّ الأطفالِ يريدونَ إرضاءَ آبائهِم، ويشعرونَ بالسعادةِ حين يرونَ منهم التشجيعَ على شيء، فهل يعني ذلكَ أن تُسجَّلَ تلك اللحظات من أجلِ نشرِها لعموم المجتمع؟

إذن، فمن يحدّدُ الإطارَ الأكثرَ حكمةً لكلِّ هذه الإجابات؟!

إعلان

إعلان

إعلان