إعلان

لنمنح القاهرة بعضاً من الخلاء الجميل

لنمنح القاهرة بعضاً من الخلاء الجميل

د. جمال عبد الجواد
09:00 م الجمعة 12 يناير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عملية تطوير كبرى تجرى في القاهرة. المدينة تستعيد بهاءها تدريجيا، وأصبحت أشعر بالسعادة والفخر عندما أسير فيها. وسط المدينة يصبح أجمل وأكثر تنظيما يوما بعد يوم.
المباني استعادت ألوانها الأصلية، فظهرت تفاصيل التصميمات المعمارية الرائعة المرسومة والمنحوتة على واجهاتها. الناس تنتمي للأشياء الجميلة وتتمسك بها، وكلما زاد جمال عاصمتنا التاريخية، كلما أحبها الناس، وأحبوا الحياة فيها، وأحبوا انتماءهم لها.

تخوفت من أن مشروع العاصمة الإدارية سيطغى على القاهرة التاريخية، وسيكون سببًا في المزيد من إهمالها. العمل يتقدم في العاصمة الإدارية، التي مازلنا نبحث لها عن اسم، بينما عجلة التطوير تدور بنشاط في القاهرة التاريخية. إعادة إحياء القاهرة الخديوية ليس هو المشروع الوحيد الجاري تنفيذه في المدينة. تحويل تل العقارب من حي عشوائي كريه الرائحة إلى مجمع سكني حديث وجميل يحسن من جودة الحياة في منطقة السيدة زينب. إنها نفس المنطقة التي توجد فيها التحفة المعمارية المسماة مستشفى سرطان الأطفال بتوسعاتها، ومشروعات أخرى تغير المنطقة للأفضل.

إخلاء مثلث ماسبيرو في بولاق أوشك على الاكتمال. منطقة الماوردي العشوائية في حي السيدة زينب تم إزالتها بالكامل. مساحات كبيرة من الأرض الخلاء تضاف إلى العاصمة. علينا التفكير بروية قبل أن نقرر الطريقة التي سوف نستخدم بها هذه الأراضي. العاصمة مزدحمة، وعلينا أن نتجنب إضافة مزيد من الازدحام لها. القاهرة فيها الكثير من المباني السكنية والإدارية، وعلينا أن نفكر مائة مرة قبل أن نقيم أي مبنى جديد.

علينا طرح القضية للحوار، حتى نعرف رأي أهل القاهرة في موضوع هم أصحاب المصلحة الأولى فيه. يجب أن نهتم برأي سكان الأحياء التي تقع فيها هذه المساحات الخالية، فهم قبل غيرهم سيربحون أو يخسرون بسبب الطريقة التي سوف يجري بها استخدام هذه المساحات. ليدلي الخبراء برأيهم، فنرتقي بالحوار حول هذه القضية، ونساعد الناس على تحديد احتياجاتهم وترتيب أولياتهم.

يجب أن نفكر في جمال المنظر وراحة الناس، بنفس قدر تفكيرنا في العائد المادي. لا بد أن نعرف ما الذي يحتاجه الناس. الناس تحتاج إلى حدائق، وأندية شباب، ومساحات مفتوحة مخططة ورائعة الجمال، مثل ميدان عابدين، ويحتاجون أيضا أماكن لانتظار سياراتهم. القليل من المباني، والكثير من هذه الأشياء يخلق مدينة أجمل، بحبها أهلها ويشعرن بالراحة فيها.

المدن الكبرى الرائعة تشتهر ليس فقط بالمباني الشامخة، وإنما أيضا بالمساحات الخالية الموظفة جيدا. بيكاديليي سيركل وحدائق هايد بارك في لندن، وتايم سكوير ويونيون سكوير في نيويورك، وغابات بولونيا وميدان الكونكورد في باريس، كلها مساحات خالية أضافت لمدن كبرى جمالا فوق جمالها، فلنمنح القاهرة بعضا من الخلاء الجميل الذي تحتاجه بشدة.

إعلان

إعلان

إعلان