- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
بقلم - كريم طعيمة:
يقول ستيفن هوكينج: إذا جاء إليّ أحد وأراد ذكر قطة شرودنجر فسأرفع عليه بندقيتي.
غيري من زملاء الثانوية العامة التحقوا بكليات الهندسة لحصولهم على الدرجة النهائية في مادتيّ الفيزياء والكيمياء، اللتين خسفتا الأرض بطموح كثيرين. بعد سنتين من الدراسة الجامعية اكتشفت أن زملائي لم يسمعوا بقطة شرودنجر أو بستيفن هوكينج، رغم دراستهم لميكانيكا الكم في الثانوية العامة.
التحقت بكلية الحاسبات والمعلومات.. وفي نهاية السنة الثانية اكتشفت أن لا أحد في الكلية يعرف مضروب نصف (٠,٥!)، قلت لعلي أعرفه لأني مهتم بالرياضيات، لكني صُدمت حينما لم أجد سوى قلة في الكلية ينشغلون بالحوسبة الكمية، التي هي حديث الصباح والمساء في مجال الحوسبة والمستقبل التكنولوجي!
بالطبع ليس هناك في المناهج قطة شرودنجر أو ستيفن هوكينج أو كم يساوي مضروب نصف أو أي تعريف للحوسبة الكمية. ولا أعيب على الطلاب الذين لا يعرفونها، أو حتى على الأساتذة الجامعيين أو الثانويين لأنهم لم يخبرونا بها. انا فقط أعرف لأني مهتم، وأمتلك الفضول لأبحث. يقول ألبرت آينشتاين: ليس لديّ موهبة خاصة، فقط انا شديد الفضول.
لم يكن آينشتاين وحده فضوليا، فلدينا واحدًا من أكثر الفضوليين في التاريخ.. "توماس أديسون". أليس مبهرًا أن شخصًا واحدًا حصل على ١٠٩٣ براءة اختراع! لم يكمل تعليمه النظامي، طُرد من المدرسة الإبتدائية لأنه فاشل كما قال مدير المدرسة لأمه، التي أدركت أن قُدرات طفلها وغرابة أطواره دلالة على عبقرية لم تُضئ العالم بعد. يقول توماس "والدتي هي أكثر شخص مسئول عن نجاحي". بدأ الطفل يطالع كل العلوم ويلبي رغبات الأصوات الحائرة في عقله، ويزداد بحثا عن أجوبة لأسئلة تجاهلتها المدرسة.
عقبة جيلي لم تعد في الطرد من المدارس، فإجادة اللغة الإنجليزية هي المشكلة الرئيسية، وكم من مال ينفق في المراكز التعليمية والجامعات الأجنبية لتعلمها. لكن تصادف أن شابا، قبل أكثر من مائة عام، تعلم الإنجليزية وحده بمخالطة السائحين في أسوان، ليستطع مطالعة الثقافات الأخرى والشعر الغربي تحديدًا، ويؤسس مدرسة الديوان كاتجاه شعري مع عبد القادر المازني وعبد الرحمن شكري. لم يلتحق عباس العقاد بالتعليم النظامي لظروف أسرته المادية، وغادرنا "عظيما" بعمر الرابعة والسبعين، تاركا تراثًا ثقافيًا جوهرته العبقريات.
قد يخطر للذهن أن هناك دائمًا الفريدون من نوعهم، لكن تجربة البروفسير الهندي سوجاتا ميترا، من جامعة نيوكاسل البريطانية، تفتح الأبواب لغيرهم. عام ١٩٩٩ بدأ تجربته في حي فقير بمدينة نيودلهي؛ ثبت أجهزة حاسوب على حوائط الحي، ليراها الأطفال لأول مرة، وربطها بإنترنت عالي السرعة. بدأ يلاحظ نشاطهم مع الأجهزة الغريبة عليهم، وبعد أيام وجد طفلا في الثامنة يعلم طفلة في السادسة كيف تتصفح الإنترنت، وفيما بعد نشر تجربته في أنحاء الهند. في قرية راجستان بوسط الهند سجل الأطفال موسيقاهم وأسمعوها للآخرين بعد أربع ساعات من مشاهدتهم الحاسوب لأول مرة، وفي أخرى بالجنوب حمَّل الأطفال، بعد 14 يوما من تثبيت الجهاز، برنامج يلتقط صورًا للنحل.
مع نجاح الموجة الأولى من تجربته، تشجع البروفسير فأعطى جهازًا لمجموعة أطفال يتحدثون الإنجليزية بلهجة التيلجو "الهندية" مع برنامج يحول الكلام إلي نص، وحينما تحدثوا للحاسوب بدأ في طباعة نص غير مفهوم لأنه لم يعي لهجتهم. أخبرهم البروفسيور أن كل ما عليهم أن يجعلوا أنفسهم مفهومين للبرنامج، وحين سألوه كيف؟ قال لا أعرف، وذهب وعاد بعد شهرين ليجد لهجة الأطفال تقاربت جدًا مع اللهجة البريطانية التي صُمم البرنامج على أساسها، وأصبحت مفهومة للبرنامج وبدأ يطبع كلامًا مفهومًا.
عام ٢٠٠٦ قرر البروفسير وضع "هدفًا مستحيلًا"، بحد قوله، وهو أن يتعلم أطفال قرويون التكنولوجيا الحيوية بالإنجليزية وحدهم، رغم عدم معرفتهم بهذه اللغة، وكما السابق ترك الجهاز بعد أن أخبرهم ما عليهم فعله وعاد بعد شهرين. استطاع الأطفال أن يدركوا ماذا تعني التكنولوجيا الحيوية لكنهم لم يفهموا منها الكثير، لترتفع درجاتهم من صفر إلي ٣٠%، لم يكتف. كانت بالقرية محاسبة شابة، طلب منها البروفسير أن تساعدهم عبر أسلوب الجدة، بالدعم المعنوي.. تقف ورائهم وتُبدي إعجابها وتطلب منهم أن يخبروها المزيد عما يتعلموه، وبعد شهرين ارتفعت درجاتهم إلي ٥٠%، نفس مستوى طلاب مدارس نيودلهي الفاخرة حيث أساتذة التكنولوجيا الحيوية.
في ٢٠١٠ ذهب البروفسير إلي إيطاليا.. إلي أطفال بعمر العاشرة لا يعرفون الإنجليزية، فكتب على السبورة بالإنجليزية "لماذا ماتت الديناصورات؟" وبعد ١٥ دقيقة من تصفح الإنترنت جاءت الإجابة. واصل طرح الأسئلة.. والأطفال يعطون إجابات صحيحة، وبدأت دقائق البحث تقل تدريجيًا. كان السؤال الأخير صعبا "من هو بيثاغورس وماذا فعل؟" بعد ٢٠ دقيقة أجاب الأطفال وصححوا له نطق الاسم.. فيثاغورس لا بيثاغورس. وبدأوا قراءة نظريات فيثاغورس ومناقشتها مع بعضهم، "حينها ارتعش جسدي، إنهم عشر سنوات!"، يعلق البروفسير.
ما أن يجذب شيئا ما اهتمام الطفل سيبدأ بتتبعه، يؤكد البروفسير. لا نعلم إلي أي مكان يقود هذا الشئ الطفل، قد يقوده إلي أن يضعه القلم داخل فمه، أو رسم لوحة فنية.. لكن على الأقل أنه حين يهتم يريد أن يعرف، إن لم يهتم فإنه فقط سينسخ غيره وسيلجأ للغش في الامتحانات. يقول السير آرثر تشارلز كلارك، كاتب الخيال العلمي الشهير: "لو امتلك الأطفال الاهتمام، سيتطور التعليم".
في ٢٠١٣ قال البروفسير سوجاتا ميترا بعد فوزه بجائزة تيد العالمية "إن المدارس تُنتج بشرًا ليكونوا جزءًا من الآلة البيروقراطية الإدارية، تعد مستقبلا لا يشبه مستقبلنا"، نحتاج لهدم أسوار المدارس وكسر قيودها المتزمتة ونأتي بمُدرس الفيزياء ونجلس في الفناء نناقشه في موضوع قطة شرودنجر، ثم نأتي بالأستاذ الجامعي ونناقشه في مفهوم الحوسبة الكمية وما قد يغيره في العالم، فالجامعة عليها أن تكون مكانًا بحثيًا مساعدًا لكل طالب علم، لا لكي يحصل على تقدير امتياز لكن على علمًا حقيقيًا، لعله يخطو بالبشرية خطوة أخرى للأمام.
سنتين في الجامعة.. وكل الباحثين عن العلم الذين أعرفهم لم يتقدموا بالمحاضرات المملة، ومعظمهم ليس صديقًا للإمتحانات. أنا واحد منهم، تعلمت الإنجليزية ذاتيا، عثرت على ضالتي في الكتب والإنترنت وعند صديق ذو خبرة. أرى الباحثون عن المعرفة يوم بعد آخر يزدادون تطورًا، يسعون لإبتكار شيئا ويفشلون ثم يحاولون مرة أخرى إلى أن تأتي المحاولة الناجحة، كأي مخترع عظيم علَّموا أنفسهم بأنفسهم وقالوا لأنفسهم "صبرًا آل ياسر" فالمجد قريب.. ودائمًا ما يكون المجد قريب حينما لا تستسلم لمدرج المحاضرة، تغادره لتطالع كتابًا أو تناقش صديقًا بدلا من الإستماع إلي ملقن يرفض مناقشتك إن سألت، لينتهي بك الحال ناسخًا.
جملة "الفريدين من نوعهم" ليست جامعة مانعة، هي مفتوحة لمن يرد التعلم ذاتيا، وفي عصرنا هذا حيث أصبح الإنترنت مكانًا واسعًا لكل دروب المعرفة، فيمكن للجميع أن يتعلم ذاتيا، يمكن للجميع أن يصبحوا فريدين من نوعهم، حتى أبناء الأحياء التي لا تمتلك مدارس فاخرة، يمكنهم أن يتسلقوا عرش المعرفة، وسيعلمون حينها أنه يجب رمي الكتب من الطائرات.. لا القنابل.
مصادر:
-تجربة البروفسير سوجاتا ميترا
إعلان