لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف كوَّن تنظيم الإخوان "المسلمين" إمبراطوريته التنظيمية والمالية؟

كيف كوَّن تنظيم الإخوان "المسلمين" إمبراطوريته التنظيمية والمالية؟

د. عبد الخالق فاروق
09:00 م الخميس 28 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

التغلغل في أوروبا (2)

وقد تولى مسجد "ميونيخ" والمركز الإسلامي فيها من بعد مهدي عاكف شخصية لا تقل خطورة وأهمية في هذا الموقع، وهو السوري غالب همت، الذراع المالي اليمني "ليوسف ندا"، ولم يتركها إلا بعد أن حاصرته الشبهات والاتهامات بتمويل المنظمات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة، والقيام بعمليات غسل أموال من أجل إخفاء هذا النشاط غير المشروع، فترك هذا الموقع عام 2002، ليتولاها من هو أكثر منه خطورة وتشعبًا من قيادات الجيل الثاني، ويدعى "إبراهيم الزيات"، نجل القيادي الإخواني السابق فاروق الزيات.

ويتولى "إبراهيم الزيات" مواقع عديدة داخل التنظيم الدولي للإخوان، ومن خلاله يتنقل بين المؤسسات والمراكز الأوربية ودوائر رسم السياسات فيها، فقد كان رئيسًا لمنتدى الشباب المسلم الأوروبي والتنظيمات الطلابية (FEMVSO) بين عامي 1996 وعام 2002، وفي نفس الفترة (1997) كان رئيسًا للمركز الإسلامي بمدينة (كولون)، وعضو مجلس إدارة هيئة الإغاثة الإسلامية (IRW)، ومقرها مدينة برمينجهام في بريطانيا، وكان الممثل الأوروبي للتجمع العالمي للشباب المسلمينWAMV ، كما عمل بالمجلس الإسلامي في ألمانيا، وعضو في رابطة العالم الإسلامية التي أسسها الإخوان برعاية مالية سعودية منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي، وعضو مجلس تنفيذي الندوة العالمية للشباب الإسلامي(WAMY) ، ونظرًا لتزوجه من ابنة شقيق الزعيم التركي التاريخي "نجم الدين أربكان"، وهي السيدة صبيحة أربكان، فقد أصبح عضوًا في مجلس أمناء (مؤسسة أوقاف ميللي جروش التركية)، وهي مؤسسة مهمة من الناحية المالية، وقدرتها على جمع التبرعات وأموال الزكاة من المسلمين الأتراك في ألمانيا والدول الأوربية. كما يترأس "دار الوقف الإسلامي في بريطانيا" التي تعد بدورها أحد منافذ التنظيم الدولي للحصول على أموال وتبرعات وأموال زكاة من المسلمين في أوروبا، ويمتد نفوذه إلى فرنسا.

كما يشرف إبراهيم الزيات على عدد من الشركات الاستثمارية والعقارية في ألمانيا، التابعة للتنظيم الدولي، ويمتلك – بالإضافة إلى مهاراته الخاصة – نصف دستة من الأشقاء والشقيقات، يلعب كل منهم دورًا في التنظيم الدولي للإخوان في أوربا، ويمكنوا شقيقهم الأكبر من مد نفوذه وسطوته على عدد كبير من منظمات العمل التنظيمي والدعوي والسياسي، فشقيقه بلال الزيات أحد مؤسسي "منظمة الشباب الألماني المسلم"، وهو أحد المسئولين في "اتحاد الطلاب المسلمين في أوربا"، وبالمقابل فإن شقيقته "منال الزيات" التي تزوجت من أحد أنجال عضو مكتب إرشاد الجماعة، والمتحدث الرسمي باسم تنظيم الإخوان في الخارج لسنوات طويلة (الدكتور كمال الهلباوي)، قبل أن يستقيل ويعلن طلاقه للجماعة ونهجها بعد الثورة المصرية في عام 2011، فهي تتولى بدورها الإشراف على بعض المنظمات الإسلامية في الدول الأوروبية.

كما أنشأ "إبراهيم منير"، وبعض معاونيه ما يسمى بـ"المجلس الأوروبي للفتوى والأبحاث"، كمصدر للفتوى الدينية للمسلمين في أوروبا، ووسيلة للتغطية الدينية لعمليات جمع أموال الزكاة والتبرعات، ووضعوا على رأسه الشيخ "يوسف القرضاوي" والشيخ اللبناني "فيصل المولوي" والتونسي راشد الغنوشي، ومن إسبانيا الشيخ عبدالرحمن الطويل، ومن ألمانيا الشيخ محمد الهواري.

ومن هنا نجح إبراهيم الزيات في إقامة صلات وعلاقات قوية مع عدد من المنظمات البحثية والفكرية في أوروبا مثل المعهد الأوروبي للعلوم الاجتماعية (IESH)، والبرلمان الألماني (البوندستاج)، والبرلمان الأوروبي، ليقدم صورة خادعة عن طبيعة الإخوان المسلمين، باعتبارهم يمثلون الإسلام الوسطي المعتدل، في مواجهة التيار العنيف والإرهابي الذي تمثله القاعدة وطالبان وغيرهما، وبرغم ذلك فقد حامت حول الرجل الشبهات في السنوات التي أعقبت الهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، خصوصًا بعد اكتشاف قضية مؤسسة الحرمين، وظهور شبهات قوية بشأن عمليات غسل أموال، واختلاس أموال في ألمانيا.

ومن ألمانيا الغربية منذ منتصف الخمسينات، انتقل النشاط الإخواني في أوساط المسلمين العرب إلى بقية الدول الأوروبية على النحو التالي:

ففي بريطانيا:

التي كان لأجهزتها الاستخبارية خبرة طويلة في التعامل مع المجموعات الدينية الإسلامية، منذ احتلالها للهند وباكستان في القرنين التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين، وقد كشفت دراسات وثائقية حديثة عن طريقة تعاون واختراق هذه الأجهزة البريطانية لهذه التنظيمات وتوجيهها لخدمة مصالحها وإستراتيجيتها العالمية، وقد برزت أول مجموعة إخوانية في بريطانيا عام 1961 باسم "جماعة الطلبة المسلمين"MSS لطلاب المصريين والعرب، المنضوين تحت عباءة الإخوان المسلمين، الذين كانوا محظورين في مصر ومعظم الأقطار العربية، ثم نشأت مجموعة إسلامية أخرى من دول جنوب وشرق آسيا تحت مسمى "فيدرالية منظمات الطلبة الإسلامية " FOSIS بقيادة الشيخ "أحمد الأحسن" والشيخ الهندي مصطفى عزامي، وتولى منصب أمين عام هذه الفيدرالية الباكستاني "زياد الدين سردا "، وانضم إليهم فيما بعد كل من عاشور شميس والأمين عثمان والعراقى أسامة التكريتي.

وفى عام 1970 تم إنشاء "بيت الرفاة الاجتماعي الإسلامي، ولعب فيه الإخوان المسلمين دورًا أساسيًا، كما نجح سعيد رضوان في إرساء قواعد النشاط الإخواني في بريطانيا من خلال إقامة المركز الإسلامي عام 1964، بدعم من رياض الدروبي، العراقي الجنسية، وجعفر شيخ إدريس من السودان، وعاشور شميس، واستمر إنشاء الكيانات والمنظمات الإخوانية، واحدة تتوالد من السابقة، وهكذا دواليك، ففي عام 1997 أنشأ كمال الهلباوي ما يسمى "الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB)التي هي الواجهة الرسمية للتنظيم الدولي للإخوان في بريطانيا، وتنخرط تحت رايتها مجموعات ومنظمات إسلامية عديدة، ثم تولى إدارة الرابطة بعد ذلك " أنس التكريتي " وذلك حتى عام 2005، ثم تولاها عمر الحمدون. ويترأسها حاليا الصومالى "أحمد شيخ".

ويبلغ عدد المسلمين في بريطانيا حاليًا 3.5 مليون نسمة، يمثلون 3% من إجمالي السكان، وتكشف الدراسات الديموجرافية أن 68% من مسلمي بريطانيا من أصول آسيوية، وهو ما شجع أبو الأعلى المودودي وتياره إلى تأسيس البعثة الإسلامية في المملكة المتحدة UKIM عام 1962 في حي أزلينغتون، وهي الآن منظمة كبرى تدير 49 فرعًا في بريطانيا، وتتولى توفير التعليم الإسلامي لأبناء الجاليات الآسيوية .

كما أنشأت الخلايا الإخوانية في بريطانيا ما يسمى "المجلس الاستشاري الوطني للمرأة المسلمة في بريطانيا NMWAG ، والمدهش أن بعض هذه المنظمات ظلت تحصل على دعم مالي من الحكومات البريطانية، وهذا ما حدا بالمنظمات الإسلامية والإخوانية لتنظيم مؤتمر التمويل والتجارة في العاصمة البريطانية عامي 2006 و2008 من أجل إغراء الشركات والبنوك في بريطانيا على التعاون معها، باعتبارها جسر التواصل بين هذه المجتمعات والدول العربية والإسلامية، وبين قطاعات المال والأعمال البريطانية. ويطلق البعض على لندن "لندنستان" تعبيرًا عن تحولها إلى مركز عمليات أساسي للجماعات الإسلامية من كل نوع ومن كل حدب وصوب. أما اختراق التنظيم الإخواني لبقية الدول الأوروبية والولايات المتحدة، فسوف نتناوله في الأسبوع القادم إن شاء الله .

 

إعلان

إعلان

إعلان