لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الإرهاب في مصر 2017

الإرهاب في مصر 2017

محمد جمعة
09:00 م الثلاثاء 26 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في سياق محاولات رصد وتحليل العمليات الإرهابية التي وقعت في مصر، يمكننا أن نلاحظ أن العام 2017 شهد تراجعًا كبيرًا في عدد الهجمات الإرهابية، لتصل إلى أقل من نصف عدد الهجمات التي وقعت في 2016.

فبحسب إحصائيات معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، بواشنطن، وقع خلال الفترة من يناير وحتى نهاية نوفمبر 2017 ما يقرب من 332 هجومًا إرهابيًا في مصر، مقارنة بـ807 هجمات إرهابية وقعت خلال العام 2016.

مع ذلك، فإن العام 2017، شهد أيضًا حوادث إرهابية هي الأعنف في تاريخ مصر الحديث على الإطلاق، أبرزها الهجوم على مسجد الروضة الذي وقع في السابع والعشرين من نوفمبر2017 (أودى بحياة 311 شخصًا). والذي يمثل أعنف حادث إرهابي وقع في مصر، متجاوزًا حادث التفجير الإرهابي للطائرة الروسية رقم 9268، التي تحطمت بعد مغادرتها مطار شرم الشيخ الدولي في 31 أكتوبر 2015، ليُقتل 224 كانوا على متنها.

أما على المستوى الدولي، فالحادث هو ثاني أكبر هجوم إرهابي، من حيث عدد الضحايا، على مستوى العالم خلال ما انقضى حتى الآن من عام 2017. ويسبقه فقط التفجير الانتحاري الذي قامت به حركة الشباب، في أكتوبر 2017، في مقديشو بالصومال، والذي أودى بحياة أكثر من 358 شخصًا.

لكن ربما الأهم من ذلك أن الهجوم على مسجد الروضة يعكس عدة تحولات في الاتجاهات العامة للهجمات الإرهابية عبر أنحاء مصر، منها أن استهداف المدنيين بات أحد أهم ملامح الهجمات الإرهابية، خلافًا لما كان عليه الحال لسنوات مضت.

والشاهد هنا أنه، وخلال فترة قوامها ثلاث سنوات من ديسمبر 2013 وحتى 2016، أودت الهجمات الإرهابية بحياة 588 مدنيًا (غير الخسائر بين صفوف الجيش وقوات الأمن) منها حادث الطائرة الروسية الذي أودى وحده بحياة 224 كانوا على متنها.

أما منذ ديسمبر 2016 وحتى نوفمبر 2017، أي خلال أقل من عام واحد، فقد أودت الهجمات بحياة 507 مدنيين.

-لكن من ناحية أخرى، وفي الوقت الذي يزداد فيه عدد الهجمات الضخمة التي تستهدف مدنيين، لا تزال الغالبية العظمى من الهجمات الإرهابية تستهدف قوات الأمن: 76% من الهجمات في محافظة شمال سيناء خلال العام 2017 استهدفت قوات الأمن.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن العمليات الإرهابية في محافظة شمال سيناء وحدها قد أسفرت (منذ بداية العام وحتى نوفمبر 2017) عن استشهاد ما لا يقل عن 396 مدنيًا و292 من قوات الأمن، بما يزيد على عدد من استشهدوا في شمال سيناء خلال العام 2016، والذين بلغ عددهم 446 فقط.

- من ناحية ثالثة، شهد العام 2017 أربع حوادث إرهابية ضخمة استهدفت دور عبادة:

أولها: تفجيرات أحد السعف التي تمت بالتزامن في الإسكندرية وطنطا، واستهدفت كنيستين وأسفرت عن استشهاد 47 شخصًا.

ثانيها: الهجوم الذي وقع في مايو 2017 واستهدف حافلة كانت تُقل مسيحيين أثناء توجههم لزيارة دير الأنبا صموئيل غرب المنيا، والذي أودى بحياة 28 شخصًا.

ثالثها: محاولة الهجوم على دير سانت كاثرين في إبريل 2017، حيث استشهد عنصران من عناصر الأمن أثناء محاولة منع الهجوم.

وأخيرًا الهجوم على مسجد الروضة الذي يؤكد من جديد أن الإرهاب (في ظل تصدّر داعش لسوق الإرهاب الدولي) لم يعد أكثر دموية وفقط، بل باتت المساجد أيضا وبشكل متزايد هدفا لهجمات داعش.... شهدنا ذلك في اليمن ونيجيريا وباكستان والعراق وسوريا، والآن في مصر.

- من ناحية رابعة، تشير التطورات التي شهدتها مصر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2017 إلى أن مصر تواجه، حالياً، نشاطًا إرهابيًا له ثلاثة أذرع:

الأول: جماعة داعش وخلاياها وفروعها في مصر، والتي لا تزال تمثل الذراع الأنشط والأخطر والأشد دموية.

والثاني: الجماعات الأقرب إلى تنظيم القاعدة، حيث شهد العام 2017 صعودًا ملحوظًا لعناصر وخلايا القاعدة في مصر. فبعد نحو أربع سنوات من الكمون، عادت جماعة "جند الإسلام" الموالية لتنظيم القاعدة إلى النشاط في سيناء.

وأيضًا، ظهور تنظيم يُدعى "أنصار الإسلام"، وهو أقرب إلى تنظيم القاعدة، وتبنيه عملية الواحات البحرية في أكتوبر 2017.

والثالث: الجماعات المنبثقة عن الإخوان المسلمين في طبعتها الثالثة ("حسم"، و"لواء الثورة").

والملاحظ، أن هذه الأذرع الثلاثة تتبنى أيديولوجيات وتوظف تكتيكات تجعل عملية القضاء عليها تمامًا، في الأمد القريب، أمرًا ليس ميسرًا على الإطلاق.

بل تشير التطورات التي حدثت خلال العام 2017 إلى أن التحول على صعيد التكتيكات يبدو مرتبطًا إلى حد كبير بتطورات المشهد الإقليمي، مما يعني أن معركة مواجهة الإرهاب في مصر ستمر بمنحنى صعب ودقيق خلال الفترة القليلة القادمة.

 

إعلان

إعلان

إعلان