إعلان

''عمر جابر'' و''مرتضي منصور''.. ''هاري بوتر'' و''فولدمورت''

مرتضى منصور وعمر جابر

''عمر جابر'' و''مرتضي منصور''.. ''هاري بوتر'' و''فولدمورت''

04:13 م الإثنين 16 فبراير 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - نيرة الشريف :

(1)
''وكم لله من لطف خفي..يدق خفاه عن فهم الذكي'' السيدة زينب –رضي الله عنها وأرضاها.

مع المآسي تري يد الله.. لطفه الذي يكون كما التنفس الصناعي حينما تفقد الرغبة والقدرة علي التنفس، كما الروايات والأفلام السينمائية يأتي الواقع، كما الخيال تأتي الحقيقة، في الحياة دوما هناك شخصية ''اللورد فولدمورت'' –لو كنت قد قرأت سلسلة الروايات الشهيرة ''هاري بوتر''- ذلك الشرير الطاغي، وهناك أيضا ''هاري بوتر'' البطل الطيب النقي صافي القلب، يوجد ''فولدمورت'' ببساطة لأن هذه هي الحياة، ويوجد ''هاري بوتر'' ليس ليحارب ''فولدمورت'' فقط كما يبدو، ولكن أيضا ليُمكن أولئك ''العاديين'' – من أمثالنا- من الاستمرار في الحياة!

في مآساة ''ألتراس'' الزمالك الأخيرة، والتي نتج عنها ''رحيل/ موت/استشهاد'' عدد من ''الوايت نايتس'' مختنقين، وبجوار الجثث المُلقاة علي الأرض، والنظارة الطبية المُحطمة، يطالعك وجه مرتضي منصور ''رئيس نادي الزمالك''، كما ذلك الشرير في سلسلة الروايات الشهيرة، يسحب الوجه ذو الدم البارد الهواء من حولك، يصبح جسدك مثلجا، لسنا بشرا الآن، مجرد أشباح شريرة، لا تدرك للحياة قيمة ولا للموت حرمة..

علي الجهة المقابلة يطالعك وجه عمر جابر، لاعب الزمالك العشريني، الذي رفض لعب المباراة بعدما علم بالكارثة التي حلّت بأولئك الذين قطعوا مسافات طويلة ليشاهدوه وزملاءه، لا زال الدم ساخنا في عروقك.. لا زال الهواء يلفح وجهك.. لا زالت يد الله تريك نقطة بيضاء في صورة حالكة السواد.

تطالع في الوسط بين الوجهين خبرا بإيقاف نادي الزمالك للاعب عمر جابر.. في هذه النقطة الوسط تحديدا تقع الحياة، بلطفها وقسوتها، بصراعها بين الخير والشر.

(2)
حينما تقع في آسر الفتنة لا تملك إلا التدارك، محاولة تدارك الأمر وجمع شتات نفسك، فقط لتكون كيانا يبدي رأيا أو ينظر أمرا أو يقوم بتصرف، الكتابة فتنة، تكره إحكام قبضتها عليك حينما تكون مدفوعا إليها بها فقط، ولا تملك الفكاك، يتحدثون عن مآساة.. عن مذبحة.. عن نحو 22 شخصا قد رحلوا من الحياة علي حين غرة، و ليس بيدك سوي كلمات تنقرها أو تخطها، هذا هو كل رد فعلك علي لحظات الرعب القاسية التي عاشوها، وهم يدركون أن الموت قادم ويرونه جاثما أمام أعينهم، حياتهم وموتهم وظلمهم وهلع اللحظات الأخيرة في حياتهم، كل هذا مقابله لديك كلمات فقط؟؟

(3)
يبدو الأمر عبثيا أكثر مما ينبغي حينما أطالع صور ''الجثث/الضحايا/الشهداء'' في أي من الكوارث المتتالية، يبدو الأمر عبثيا لأن أكثر ما أتفحصه هو الملابس، الأحذية والجوارب، يظل ذهني يردد بلا رحمة العديد من الأسئلة القاسية، فيما كان يفكر حينما كان يرتدي هذا الجاكيت قبل نزوله؟ ما الخاطر الذي طرأ له وهو يحكم رباط حذائه؟ لماذا اختار أن تكون جواربه فاتحة اللون؟ هل اشتراها لنفسه أم قام أحدهم بشرائها له؟ هل كانت ورائه أنثي ''زوجة/ أما/ أختا'' تهتم بالصورة التي سيبدو عليها في الشارع أمام أعين الغرباء؟ هل يخطر لي وأنا أرتدي ملابسي واستعد للنزول أن هذا الزى هو الذي سيختار القدر أن تغادر روحي جسدي و أنا أرتديه؟! هل أهتم أن أبدو مهندمة أكثر مما ينبغي لأنه ربما أتحول في لحظة لصورة ''جثة'' يتداولونها علي مواقع التواصل الاجتماعي مصحوبة بكلمات نعي ورثاء؟!

بعد الملابس تأتي الوجوه، لا أطيل النظر في وجوه الموتى، ولكني لا أمنع نفسي أيضا عن تلك النظرة الخاطفة، التي تجعلني استنتج أكان مبتسما؟ أكان هادئا؟ أكان خائفا؟ وتجعلني أحاول تخيل أخر ما دار بخلده! أنظر بعد المغادرة إلي جسده المسجي الآن؟ أم أنه لم يهتم للدنيا بأي أمر حتى جسده؟!

أعرف الآن أن للدم روائح مختلفة، ويحدد رائحة الدم في أنفك مدي لين أو قسوة قلبك!

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان