إعلان

موكب الرئيس يمر من رابعة..!

محمد أحمد فؤاد

موكب الرئيس يمر من رابعة..!

12:16 م الأحد 01 يونيو 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد أحمد فؤاد:

يمر موكب الرئيس من ميدان رابعة العدوية..! هل يتعمد الموكب التباطؤ في العبور لسبب ما..؟ لما لا.. فهذا مكان سيرتبك أمامه كتبة التاريخ قليلاً.. هناك تدافعت الأحداث تدافع الجنون منذ شهور مضت، وجرفنا سيل الانقسام بعد أن كنا شعب واحد أو "إيد واحدة "..! وها هي تنتهي أخيراً إلى شكل جديد يبدو أكثر ارتياحاً، وربما يعكس رغبة الشعب في استقرار من نوع خاص يتناسب وطبيعته السرمدية! ربما سيهدئ هذا قليلاً من وطأة الاحتقان، وسيعطي فرصة للكثيرين لمراجعة وإعادة ترتيب أوراقهم.. ميدان رابعة فشل باقتدار في أن يحتل مكانة ميدان التحرير، وشتان الفارق.. لكنه سيظل الشاهد الوحيد على أكبر محاولة عرفتها مصر لتشويه هويتها، تلك التي حاول شياطين العصر الجديد من سكان الزنازين تخضيبها بلون الدماء.. ربما هكذا حدث الرئيس الجديد نفسه، وهو يتخيل المرحلة القادمة التي تحمل له الكثير من التحديات والمسئوليات الجسام، وربما باغتته نفسه بالسؤال المصيري والأهم: ماذا بعد..؟

حملت الفترة الماضية الكثير من التعقيدات للمتنافسين الوحيدين على مقعد الرئاسة، وقد خاض كلاهما المعركة وهو يحلم بشرف حكم مصر، وساق كل منهما ما استطاع من مقدمات تؤهله لهذه المسئولية الجسيمة، واستعرض كل منهما مميزاته بما يتناسب مع قدراته الحقيقية، في معركة ربما بدت للبعض وكأنها غير متكافئة الفرص، ولكنها لم تخلو من مساحات للثقة والأمل، ربما لوقوف المتنافسان على مستوى المسئولية والالتزام، وأيضاً لوجود الرغبة العارمة لدى جموع الشعب في الوصول لاستقرار ملموس، ربما كانت تلك هي الخيوط التي أمسك بطرفها البسطاء الذين قطعوا شوطاً كبيراً في مراحل النمو السياسي خلال فترة وجيزة أهلتهم للاختيار السليم، فكانت لهم اليد العليا في قرار اختياري قد يبدو للبعض إجبارياً، ولكنه ربما قد يكون الأصلح في حالتنا الراهنة لدرء أخطار الفتنة والانقسام، فالمزيد من التجارب السياسية والصراعات في ظل أوضاع لا تتغير بفعل عدم استجابة الكثيرين للغة العقل، والانتشار المتعاظم للفكر المتطرف هو أمر محفوف بالمخاطر، وقد يعصف بحلم العودة لمراحل الأمان التي افتقدناها طويلاً بفعل همجية وعشوائية من صعدوا للحكم خلال العامين المنصرمين ..

لم يكن مستغرباً أن ينال كلا المرشحين خلال فترة ما قبل الاستحقاق أقساط فادحة من السخرية والإهانة على يد فئة ضئيلة لا انتماء لها، وألا يسلما أيضاً من حملات استهداف وتشويه قادتها بعض القوى الخارجية التي يهمها أن تكون دائماً طرف فاعل في عملية اتخاذ القرار في مصر، لكن الأن وقد حصحص الحق، وأعني بالحق هنا اكتمال الاستحقاق، وليس نتائجه النهائية.. هل بقى لأي ممن يحلمون بوطن حقيقي ينعم بالحرية والاستقلال، أن يستمروا في حالة التخبط السياسي والفكري التي صاحبت الفترة الماضية بكل أوجاعها..؟ ربما قد حان الوقت للانتباه والعودة لأحضان الوطن الواحد، ونبذ افكار الانقسام البغيضة، تلك التي كادت وأن تقطّع أوصال هذا الشعب، ودفعت بشدة بروح الكراهية والحقد بين أبنائه، حتى أن دمائهم سالت بيد بعضهم البعض!.

يقيني أنه لن يتأتى لنا التقدم والرقي طالما هناك بيننا من ينفث غضباته وحقده في وجه كل من يخالفه أو يعارضه، وطالما بيننا هؤلاء المتنطعين على أبواب الحاكم ممن احترفوا التملق والرياء كوسيلة للحياة.. لا شك أن الفرحة باكتمال الاستحقاق الانتخابي حق مكفول للجميع، ولكننا تعودنا مؤخراً الافراط في المظاهر الاحتفالية إلى حد التشويه والسفه، ويحضرني هنا أن الرئيس الجديد قد نوه خلال حديث له أنه ليس مديناً لأحد..! فهل سيكون شاغله الأول إذاً هو التخلص من المرتزقة والمتنطعين على أبواب السلطة؟ وأنه سيعصف بهذا الفساد المستشري في كافة مؤسسات الدولة.. إنها متتالية معقدة من الأسئلة، وربما ستفصح الأيام القادمة عن إجاباتها في ظل الآداء المبدئي المتوقع لمؤسسة الرئاسة، والتي أظنها ستكون مرتبطة بتطبيق مواد الدستور وتفعيل القوانين الرادعة التي علاها صدأ البيروقراطية والفساد على مدار عقود من الزمن.

تعلو الأن بعض الأصوات الكريهة محاولة التنكر لثورة يناير المجيدة، وكأنهم يظنون أن نتائج الجولة باتت في صالحهم.. وظني أنه من السخف والعبث الالتفات لهؤلاء ممن يحلو لهم تشويه الأحداث التاريخية الخالدة التي لم تشملهم، تماماً كما حدث مع ثورة يوليو 1952، وثورة التصحيح مايو 1971، وثورة الطلاب والمثقفين يناير 1977.. دائماً ما كانت هناك حفنة مريبة من المشككين في الأحداث الفارقة في التاريخ المصري، فما بالنا بما قد يحدث مع ثورة يناير المجيدة، وما تبعها من موجات مد ثوري ربما لم ولن تتوقف حتى يتحقق شعار الثورة "الحرية والعدالة الاجتماعية"، الأقنعة سقطت عن الكثير من وجوه الفساد والاستبداد، ولا مكان للعملاء والخونة والمرتزقة على خارطة مستقبل هذا الوطن، وعلينا جميعاً أن نبدأ من الأن، وألا ننتظر موكب الرئيس الجديد ليعبر بنا أو .....!؟

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن الكاتب ولا تعبر عن مصراوي.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان