إعلان

وقفات مع قانون المظاهرات وتطبيقه بـ "الجزمة"

وقفات مع قانون المظاهرات وتطبيقه بـ "الجزمة"

12:58 م الإثنين 25 نوفمبر 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - هاني ضوَّه:

لم أستغرب ما قاله أحد القيادات السابقة في وزارة الداخلية وهو اللواء مجدي بسيوني -مساعد وزير الداخلية السابق – الذي أكد أن تفعيل قانون التظاهر الجديد سيكون بـ "الجزمة".. وهو ما يعطينا مؤشرًا إلى ما ستئول إليه الأمور في ظل قانون التظاهر بصورته الحالية وثغراته الكثيرة التي تعطي الفرصة للساديين من قوات الأمن لقمع المتظاهرين السلميين وإلقاء التهم زورًا بشكل فج .. وكله باسم القانون

بالأمس أقر الرئيس عدلي منصور قانون تنظيم التظاهر، ذلك القانون المثير للجدل الذي رفضته القوى الشعبية في عهد المعزول مرسي الذي حاول تمرير القانون وسط تهليل أنصار الجماعة ورفض من القوى الثورية، لينقلب الحال الآن ويتم تمرير القانون وسط معارضة أنصار الإخوان وبعض الحقوقيين والثوريين وصمت بعض من كانوا يعارضونه من قبل في عهد المعزول.

أنا شخصيًا أؤيد وجود قانون ينظم التظاهر –طبعًا بدون استخدام "الجزمة"، ولكن القانون في توقيته وصورته الحالية لن يثير إلا القلاقل، ولن يؤدي الغرض التنظيمي المرجو منه، فضلًا عن أنه يحتاج إلى الكثير من التعديلات والإضافات التي تضمن عدم استخدامه كقانون قمعي لحرية التعبير والتظاهر السلمي الذي عزل مرسي وأتى بالرئيس المؤقت وحكومة الببلاوي التي مررت القانون.

كان الأولى ألا يتم إقرار القانون الآن، وكان يجب طرحه في حوار مجتمعي، والوصول إلى صيغة توافقية تضمن اتفاق الجميع على بنوده، ومن ثم انتظار انتخاب البرلمان لمناقشته وإقراره.

بل كان الأولى قبل إقرار قانون التظاهر، إصدار قوانين هي في رأيي أكثر أهمية مثل قانون العدالة الانتقالية الذي سيضمن محاسبة كل تلوثت أيديه في إراقة دماء المصريين والمتظاهرين السلميين بكافة انتماءاتهم، وكذلك إرساء مبادئ العدالة والمسواة داخل المجتمع.

نعم في الدول المدنية الكبرى يوجد قوانين لتنظيم التظاهر وبها ضوابط صارمة قد تزيد صرامة عما تم إقراره في القانون المصري، ولكن هذه الدول قبل أن تضع قوانين صارمة للتظاهر وضعت قوانين راعت حقوق الإنسان وحافظت على آدميته وساوت بين أفراد المجتمع وحققت بينهم العدالة، وبعدها فرضت ضوابط للتظاهر.

القانون الجديد الذي أقر بالأمس حدد العقوبات التي تقع على المتظاهرين إذا خرجوا عن السلمية، وهو أمر جيد، ولكنه لم يذكر ولو تلميحًا عقوبة الشرطي إذا تجاوز وجار في استخدام القوة تجاه المتظاهرين السلميين، ولا عقوبته إن قتل أحدهم وتمت إدانته، وهو ما يفتح الباب أمام قوات الأمن التي لا زالت تتمتع بقدر من السادية لاستخدام القوة الغير مبررة تجاة المتظاهرين السلميين.

كنت أتمنى أن يضمن القانون وجود رقابة قضائية وحقوقية على قوات الأمن خلال تعاملها مع المتظاهرين أو فض الاعتصامات بالقوة، مثلما أعطت الحق في فض التظاهر أو الاعتصام للضابط الميداني المسئول وأتاحت له استخدام خراطيم المياه والغاز والهراوات وغيرها.

العديد من مواد قانون التظاهر مطاطة وتعطي مساحة كبيرة لقوات الأمن في إلقاء التهم زورًا على المتظاهرين كالمادة العشرون التي تقضي بـ "الحبس لمدة لا تزيد عن سنة وغرامة 100 ألف جنيه لكل من ارتدى أقنعة بقصد ارتكاب جريمة خلال الاجتماع العام" .. ومن المعروف خلال الأعوام الماضية أن ارتداء القناع الواقي من الغاز أمر معتاد في كافة التظاهرات، وهذه المادة تتيح لقوات الأمن توجيه التهم لكل من يرتدي قناع حتى لو كان سلميًا.

ومن المضحك المبكي في هذا القانون أنه ضم موادًا تلزم إخطار الداخلية والحصول على تصريح رسمي في التجمعات الغير سياسية، ويدخل في ذلك عقد القران في المساجد، و"الزفة" في الأفراح بالسيارات أو على الأقدام في الشوارع وغيرها من الأمور البعيدة عن كل البعد عن الاحتجاجات أو المظاهرات السياسية.

يجب أن يعلم عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت والببلاوي رئيس الحكومة أنه لولا التظاهر ما رأينا وجوههم الكريمة .. ولولا التظاهر ما عزلنا مرسي .. ولولا التظاهر ما أنهينا حكم دولة الجماعة ومرشدها التي سعت للسيطرة على مصر بكافة مؤسساتها.

ويجب أن يعلموا كذلك أنه رغم رفضنا لممارسات جماعة الإخوان المحظورة وأنصارهم، فإننا لن نرضى لقمع الحريات وحق التظاهر ما دام في إطار السلمية، وأظن أنه في قانون العقوبات ما يقوم "مؤقتًا" بدور قانون التظاهر حتى يتم طرحه لحوار مجتمعي وانتخاب البرلمان لمناقشته وإقراره بعد التوافق عليه.

أعتقد أن ملخص قانون التظاهر الجديد هو: "هتقعد في بيتكوا ع الكنبة تبقى صاحبي وحبيبي وكفائة، لكن هتنزل تتظاهر هعصرك أنزل منك ثورجية صغيرين".

المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

للتواصل مع الكاتب:

hani_dawah@hotmail.com

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان