إعلان

د.نبيل فاروق يكتب لمصراوي.. بينى وبينك : لا.. وألف لا

د.نبيل فاروق يكتب لمصراوي.. بينى وبينك : لا.. وألف لا

12:27 ص الإثنين 17 ديسمبر 2012

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا للدستور.. لا.. وألف لا.. لا لدستور يهيمن فيه نظام واحد على كل السلطات.. لا لدستور يقهر الحقوق والحريات.. لا لدستور يلغى الحريات النقابية.. لا لدستور يرسخ حكم الفرد، ويمنحه سلطات لا محدودة..
لا ..
لا ..
لا ..

لا.. وألف لا.. لا أقولها بينى وبينك هذه المرة، ولكن أقولها عالية مدوية.. لا للدستور.. لا لدستور ظاهره الرحمة، وباطنه كل العذاب.. ولا لتلك المحاولة العجيبة لـ(قفش) السلطة، والتكوبش على الدولة، بدءاً من فرض لجنة دستورية مرفوضة، ووصولاً إلى سلق الدستور فى سرعة، حتى يمكن تمريرة، فى غفلة من الزمن.. وفى غفلة من الشعب..

لقد بدأ الخطأ من البداية، عندما رضينا بانتخابات مبكرة، قبل أن يكون هناك دستور للبلاد، يحدًَّد الحقوق والحريات.. عندما انتخبنا جماعة الإخوان المسلمين، دون أن نختبر، ولو لمرة واحدة، أداءهم السياسى والسلطوى.. انتخبناهم متصورَّين أن المبدأ سيظل صحيحاً.. من ذاق الظلم، يعرف معنى العدل.. ثم فوجئنا بأنهم لا يؤمنون بهذا المبدأ أبداً.. فبالنسبة لهم، من ذاق الظلم، يتوق إلى أن يصبح ظالماً.. ومن ذاق القهر، يتشوَّق ليصبح قاهراً.. انتخبناهم وهم يرتدون أقنعة التقوى والورع.. وما أن تملكوا السلطة، حتى نزعوا عنهم كل الأقنعة.. وباسم الشريعة، التى يلوكونها فى أفواههم طوال الوقت، قهروا كل شريعة.. وبأسم الأغلبية، تصوًَّروا أنهم قد ملكوا البلاد والعباد.. وقتلوا الثورة، التى يتشدَّقون بحمايتها طوال الوقت.. فى البرلمان، نسوا كل ما تعانيه (مصر) من مشكلات وصعوبات وعقبات، ولم يروا من كل هذا إلا كل ما يتعلق بالجنس، وقهر النساء..

زواج القاصرات.. قانون الخلع.. حق الزواج بأكثر من واحدة.. وشاهد الشعب، الذى انتخبهم، أداءهم البرلمانى.. وصعق.. وأحبط.. وندم..

وعندما شعروا بأن القانون يقف عقبة، بينهم وبين استحواذ كل السلطات، نسيوا كل مشكلات (مصر) مرة أخرى، وراحوا يخططون ويدبرون لكيفية قهر القضاء والقانون، وتحويل مساره، من خدمة العدالة وحماية الشعب، إلى خدمة مطامعهم وحماية وجودهم.. وبأسم الأغلبية، اختاروا لجنة تأسيسية؛ لوضع دستور (مصر)، الذى يفترض منه أن يحمى كل المصريين، بأغلبية منهم؛ ليكون الدستور مناسباً لهم، وليس للشعب والوطن كله..

ومرة أخرى، وقف القانون فى وجههم.. وزاد غضبهم من القانون والقضاء.. وتضاعفت رغبتهم فى الانتقام منه، والتنكيل به.. والتقوا، ليعيدوا تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، بما يناسبهم، وليس بما يناسب الشعب والوطن.. ولأنهم يعلمون أن القانون سيتصدًَّى لهم مرة أخرى؛ لحماية الوطن من نزعة السيطرة والهيمنة لديهم، قررَّوا أن يهاجموه.. وبكل شراسة.. وكان لديهم المبرَّر، الذى يلعبون به طوال الوقت.. القضاء ينتمى إلى النظام القديم.. والفلول.. وأنصار الحزب الوطنى المنحل.. تماماً كما فعل من قبلهم.. اللعب على أوتار الشعب..

والمؤسف أنهم قد خدعوا الشعب مرة أخرى.. وقادوه، دون أن يدرى، إلى ما يريدون.. وفى انتخابات الإعادة الرياسية، لعبوا على أوتار المشاعر، ودفعوا سياسين ومفكرين كبار إلى تأييدهم.. والمؤسف أيضاً، أن هذا التأييد لم يأت عن قناعة.. ولكن عن غضب.. النخبة السياسية والفكرية تصرَّفت بغضب، وليس بعقلانية.. ولأنهم يحاربون فرداً، اختاروا جماعة كاملة.. جماعة غير رسمية، وغير شرعية..

اختاروها ممثًَّلة فى فرد منها، يدين لها، ومهما أدعى وادعوا العكس، بالولاء والطاعة العمياء.. وبفضل الغضب، وانعدام العقلانية والحكمة، صار فرد الجماعة، الذى يدين لها بكل الطاعة والولاء، على رأس كل السلطات فى (مصر).. وعلى الفور، وبأسم الثورة (بأسمها دون مضمونها)، أصدر أوًَّل قرار بإهدار الدستور والقانون، وأعاد مجلس الشعب المنحل.. وهلَّل أنصاره، وأبناء جماعته.. هللَّوا لأنه تحدَّى القانون، وأهدر سيادته، وتعالى على أحكامه.. ولو كان النظام السابق هو من أصدر هذا المرسوم الديكتاتورى، لثاروا وهاجوا وماجوا، وصرخوا بأن هذه ديكتاتورية، وهذا إهدار لدولة سيادة القانون.. ومن هنا تتبيَّن سياستهم وفكرهم..

فلو فعلوها هم أو فعلها أحدهم، فهى ثورية.. فأية مصداقية لهم بعدها؟!.. المصداقية هى أن تؤيَّد أو تعارض القرار، لا مصدر القرار .. فإما أن يكون القرار صحيحاً، تقبله من أنصارك أو أعدائك.. أو يكون خاطئاً، فترفضه من هذا وذاك.. هنا تكمن المصداقية.. الحقيقية.. ولكن فليعودوا مرة أخرى إلى علكة الشرعية، وسيمفونية الثورية.. فبكل النظم، وبكل المنطق، تنتهى أية شرعية ثورية، بانتخاب رئيس للدولة، على نحو شعب سليم.. ولقد كان.. والشرعية لا تكمن فقط فى وصول الرئيس- أى رئيس- للسلطة..

الشرعية هى أن يحكم تحت سيادة قانون واحد، يسرى على الجميع، حتى عليه شخصياً.. الشرعية هى أن يحترم الدستور والقانون، وألا يفرًَّط فى الوطن وشعبه.. ولكن اللعبة الآن أشبه بألعاب الفيديو، إذا ما كانت الشريعة لصالح من يحكم، فهى الأساس، والمبدأ الذى يتحتم أتباعه.. أما لو لم تنفع الشرعية، فى تحقيق ما ينشده الحاكم، وتنشده جماعته؛ للسيطرة على الوطن والشعب، فلتعد الشرعية إلى الدرج، ولولتخرج الثورية بدلاً منها.. الشرعية والثورية.. مين يزوَّد.. ومن يزايد.. فالشرعية الحقيقية ليست للحاكم وجماعته.. الشرعية الحقيقية للشعب.. والشعب وحده.. ولكن الحاكم لم يبد، ولو لمرة واحدة، أنه يميل إلى الشرعية الحقيقية، أو يؤمن بدولة سيادة القانون.. وكبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون.. وهم يقولون دوماً ما لا يفعلون..

يتحدثون عن حق الشعب والمعارضين فى التظاهر، والتعبير عن رأيهم، ويدعون شبابهم وأنصارهم، عبر شبكة انترنت يراها ويرصدها الجميع؛ للتصدَّى للمتظاهرين، والسعى إلى قمعهم.. يتشدَّقون باحترامهم للدستور والقانون، ويسعون لقهر القانون، وقمع القضاء، والسيطرة على الاحكام، فى قضايا منظورة أمام القضاء، ويحاصرون المحكمة الدستورية، ويؤيدون أن يكون الرئيس شريكاً لله عزَّ وجلَّ، فى صفة يختص بها جلًَّ جلاله، فى ألا يسأل عما يفعل.. وفى هذا لم ينفعهم الحديث عن الشرعية.. ولا عن الثورية.. ولكن الجعبة لا تخلو من أدوات الحاوى.. ولهذا، فقد أخرجوا منها أمضى أدواتهم.. الشريعة والدين ..

أولئك الذين يتحدثون طوال الوقت عن الثورة وحمايتها، اتهموا شباب الثورة .. نفس الشباب، الذين كانوا يروه عظيماً فيما مضى، بانه بلطجية وفلول، وأنصار الحزب الوطنى المنحل!!.. وليت الأمر اقتصر على هذا .. لقد اتهموهم بالكفر والإلحاد، ومعاداة الشريعة الإسلامية!!!!... لم يتردَّدوا لحظة فى تحويل الشعب الواحد إلى فصائل متصارعة .. لم يتورَّعوا عن إثارة الفتن، وشق الصف، وإشعال نيران الفرقة فى وطن واحد آمن، مادام هذا يحقَّق لهم ما يريدون .. لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل .. السلطة بالفعل مفسدة .. وهى مقعد الشيطان الأفضل .. فشهوة السلطة لا تدانيها سلطة؛ لأنها تمنحك كل الشهوات ..

ولو أننا وافقنا على الدستور بكل عيوبه، فسيعنى هذا أن نرسَّخ لسلطة فاشية ديكتاتورية، يعلم الله سبحانه وتعالى وحده متى يمكن أن نتخلص منها .. ولو قاطعنا الاستفتاء على الدستور المعيب، فسيتكالب أنصاره للموافقة عليه، وإعلانه دستوراً مدمراً للبلاد .. ولهذا فلا تقاطعوا الاستفتاء على الدستور، ولا تمنحوهم فرصة الاستئثار به .. تكالبوا بكل أعدادكم، التى تفوقكم بكثير، على صناديق الاستفتاء ..

وقولوا لهم لا .. لا لدستوركم المعيب .. لا .. وألف ألف ألف لا.

إعلان

إعلان

إعلان