إعلان

رئيس حكومة إسبانيا: مصر من اقتصادات العالم القليلة التي حققت نموًّا إيجابيًّا رغم "كورونا"

03:18 م الأربعاء 01 ديسمبر 2021

بيدرو سانشيز

كتب- محمد غايات:

قال بيدرو سانشيز، رئيس حكومة مملكة إسبانيا، إن عام 2020 شهد وقوع أزمة جائحة كورونا، وكان هناك مزيج من عدم اليقين والألم على مستوى دول العالم أجمع إزاء هذا الوباء؛ لكننا في عام 2021 يمكننا أخيرًا أن نتطلع إلى المستقبل بنظرة أكثر تفاؤلية، بفضل عمليات التطعيم باللقاحات المضادة للفيروس، التي أثبتت أنها أحد أكبر الانتصارات البشرية.

جاء ذلك خلال فعاليات منتدى الأعمال المصري- الإسباني، الذي بدأ اليوم الأربعاء، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وأعضاء وفدي البلدين.

وألقى بيدرو سانشيز، رئيس حكومة مملكة إسبانيا، كلمة استهلها بتقديم الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، والحكومة، والشعب المصري، على حفاوة الاستقبال التي لمسها خلال زيارته الأولى لمصر كرئيس للحكومة الإسبانية، معربًا عن امتنانه للرئيس السيسي على تسهيل كل الإجراءات من أجل عقد هذا المنتدى، قائلًا: إنه لمن دواعي سروري أن أكون هنا اليوم.

ونوه بيدرو سانشيز بالجهود التي بذلتها الحكومتان من أجل مواجهة تداعيات هذه الجائحة وتحقيق التعافي الاقتصادي منها، من خلال التعاون مع المجتمع الدولي، مؤكداً أن مثل هذه الأزمات العالمية تحتاج إلى تفاعل وتجاوب على مستوى دول العالم أجمع، لافتًا إلى أن مسألة التعافي، سواء بالنسبة لمصر أو إسبانيا مسألة مهمة للغاية، حتى تكون مجتمعاتنا آمنة، وبالتالي عودة تنشيط حياتهم.

وقال سانشيز إن من أولويات حكومتنا، كما هي الحال بالنسبة إلى الحكومة المصرية وبقية المجتمع الدولي، الحصول على اللقاح، لذا تتجه جهود مختلف دول العالم نحو تطعيم مواطنيها بهذه اللقاحات، وتعمل إسبانيا بإصرار في إطار متعدد الأطراف لضمان تحقيق ذلك، ولقد حققنا تقدمًا ملحوظًا في هذا الإطار، مشيرًا إلى تخصيص ما يقرب من 4.5 مليون لقاح لمصر من خلال آلية "كوفاكس" متعدد الأطراف، لأنه في نهاية المطاف فالتحديات العالمية تتطلب استجابات عالمية، ولن يكون أحد آمنًا حتى نكون جميعًا آمنين، كما تذكرنا بذلك دومًا منظمة الصحة العالمية.

وأشار رئيس حكومة مملكة إسبانيا إلى أن مصر واحدة من اقتصادات العالم القليلة التي حققت نموًّا إيجابيًّا خلال هذه الفترة الصعبة من تفشي جائحة كورونا؛ خصوصًا في 2020، مهنئًا الدولة والحكومة المصرية على تحقيق هذا النمو، الذي أسهم في التخفيف من وطأة الأزمة القاسية، بفضل الإجراءات السريعة التي اتخذتها، سواء على الصعيد الاقتصادي، أو في مجال الرعاية الصحية، وهنأ القطاع الخاص ومجتمع الأعمال في مصر على جهودهما التي أسهمت بدورها في التخفيف من حدة العواقب الوخيمة لهذا الوباء العالمي، موجهًا الشكر إلى الشركات الإسبانية لدورها في هذا الصدد.

ولفت رئيس حكومة إسبانيا إلى أن الحكومة المصرية تعمل منذ عام 2014 بكل اجتهاد وشجاعة على إجراء الإصلاحات الاقتصادية التي تمكن من الانفتاح الاقتصادي والذي يمكننا أن نحتفي به اليوم، منوهًا بالعديد من الإصلاحات التي قامت بها في النواحي المالية والاستثمارية، وهي أمثلة توضح مدى تحسن مناخ الاستثمار في مصر؛ وهي ما ذكرتها مؤشرات المؤسسات الدولية، مضيفاً أن العلاقات بين البلدين قوية وتاريخية ليس فقط على المستوى السياسي، بل تمتد إلى المستويات الاقتصادية والتجارية، وهو ما يتمثل في الشراكات التي تجمع بين البلدين، ولدينا نية راسخة لتفعيل وتوطيد ذلك في المستقبل، كما أن علاقتنا التاريخية وثيقة، ونحن نعتبر أنفسنا دولتين صديقتين تتمتعان بعلاقات تجارية مميزة بين الاتحاد الأوروبي ومصر.

وقال سانشيز: في عام 2004 حصلنا على اتفاقية الشراكة، وبلغت الصادرات الإسبانية إلى مصر رقمًا قياسيًّا تاريخيًّا في 2018 قبل تفشي الوباء، وهذه الأرقام تؤيد عمق العلاقات بين البلدين، لكن نتيجة للوباء فمن الطبيعي وبشكل حتمي انخفضت الصادرات إلى مصر في عام 2020 مقارنة بالعام السابق، ونفس الشيء حدث مع الواردات، إلا أنني على يقين أننا في هذا العام 2021، ستعود معدلات التبادل والتدفق التجاري بين البلدين مرة أخرى إلى حيويتها، لافتًا إلى أن الأرقام والبيانات الأولى تشهد على ذلك، فهي مشجعة للغاية، حيث شهدت في الفترة من يناير إلى أغسطس 2021 نموًّا في الصادرات الإسبانية مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، كما نمت الواردات في غضون ذلك أيضًا؛ وبالتالي، فإن علاقاتنا التجارية ليست حيوية وديناميكية فحسب، بل متنوعة ومرنة، لذلك أعتقد أنه يمكننا الاعتماد على قوتها ومرونتها واستقرارها.

وأضاف سانشيز أنه في ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، فقد احتلت إسبانيا في عام 2020 المرتبة الرابعة كمورد لمصر بعد ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، كما تحتل إسبانيا المرتبة الثالثة كوجهة للصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبي بعد إيطاليا وألمانيا، ومع ذلك وعلى الرغم من عمق علاقاتنا في ما يتعلق بتدفق تجارة الصادرات والواردات، فإننا لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه خلال السنوات المقبلة.

وقال رئيس الوزراء الإسباني إن حجم الاستثمارات المصرية في إسبانيا جيد بنسبة كبيرة، كما أننا نضع مصر على قائمة الدول التي نستثمر بها، لكني لدي يقين أن الوضع الحالي للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين لا يعكس إمكاناتنا وهذا هو السبب في أننا نسعى إلى أن تزداد علاقاتنا الاقتصادية بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، ولدي ثقة كبيرة في أنه يمكننا تحقيق ذلك على نحو إيجابي ومُرضٍ لكلا البلدين، ونأمل أن تسهم اللقاءات التي نعقدها في هذه الزيارة في تحقيق ذلك.

وأضاف سانشيز أن أزمة جائحة كورونا منحت فرصة لتعلم تجربة مهمة للغاية تتمثل في ضرورة اتحاد الدول مع بعضها البعض من أجل مواجهة كل التحديات التي يمكن أن تواجه العالم، ولذا فنحن في بلادنا ندعم الشركات الإسبانية التي تعمل في الخارج لتستمر نشاطاتها.

وأكد رئيس الوزراء الإسباني أن القارة الإفريقية شريك استراتيجي مهم للغاية للاتحاد الأوروبي بشكل عام ولإسبانيا بصفة خاصة، كما أن مصر هي دولة أساسية بل محورية في قارة إفريقيا، ليس فقط على الصعيد السياسي لكن أيضًا على الصعيد الاقتصادي والتجاري، فهي أكثر الدول العربية التي تشهد نموًّا سكانيًّا، وهو ما يفرض ضرورة أن يتناسب حجم وجود قطاع الأعمال الإسباني مع الحجم الهائل للسوق المصرية.

وأكد سانشيز أن حكومة مملكة إسبانيا اختارت مصر كدولة ذات أولوية في استراتيجيتنا التي تستهدف تعزيز الشراكات في القارة الإفريقية، من خلال تفعيل الوجود الإسباني بها والقدرة التنافسية لقطاع الأعمال الإسباني في مجالات معالجة المياه، والطاقة المتجددة، ومجال الأغذية الزراعية، وقطاع السكك الحديدية، لكونها قطاعات مهمة تسهم في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأضاف رئيس الوزراء الإسباني أن وزارة العلاقات الدولية والخارجية بالحكومة الإسبانية قامت بتنفيذ مؤتمر إفريقيا، ومصر واحدة من أهم الدول الاقتصادية بالقارة، ولذا فمن الضروري العمل على زيادة التقارب بين الدولتين من خلال هذا المشروع المستقبلي للتعاون، معبرًا عن ثقته في أن الشركات الإسبانية يمكنها أن تسهم بشكل كبير في تنمية القطاعات المصرية، كما يحدث حاليًّا من خلال بعض الشركات العاملة في مصر.

ولفت رئيس الوزراء الإسباني إلى أن هناك نتائج جيدة لقطاع الأعمال الإسباني في مصر؛ حيث أسهم في 80% من توليد طاقة الرياح وإنشاء أكبر محطة لتحلية المياه في القارة الإفريقية قامت بها شركات إسبانية، وهو أمر يجعلني فخورًا بصفتي رئيسًا لحكومة مملكة إسبانيا بهذه النتائج، مشيرًا إلى أن الشركات الإسبانية تعمل على توفير فرص عمل، ويمكننا من خلال هذا التعاون توسيع أطر العمل المشترك، فلدينا رغبة قوية في المساهمة في النمو والحراك الاقتصادي الذي تشهده مصر، من خلال تنمية المجتمع المصري، وكذلك ما تشهده العاصمة الإدارية الجديدة من مشروعات كبيرة، وكذلك مشروعات تحسين البنية التحتية في قطاع النقل بمصر، كما يمكننا أن نسهم بشكل كبير في مشروعات المياه والطاقة الجديدة لتحسين الخدمات المقدمة، كما أن الشركات الإسبانية يمكنها أن تقدم خبراتها وتنقل التكنولوجيا إلى جميع هذه القطاعات، من أجل تحسين جودة الحياة في مصر.

وأكد سانشيز أن البروتوكولات التي سيوقعها الطرفان تتيح فرصة أكبر للمساهمة في قطاعات مهمة، كما تسمح بتفعيل عمل الشركات الصغيرة والمتوسطة، سواء المصرية أو الإسبانية، مضيفًا أن تأسيس منتدى الأعمال المصري الإسبانى يحظى باهتمام كبير لكلا البلدين، والذي سينطلق قريبًا بعد التوقيع على البروتوكول الخاص به.

واختتم رئيس حكومة مملكة إسبانيا بالتأكيد أن الدرس الذي تعلمناه من جائحة كورونا هو ضرورة الانفتاح على الآخر والتعاون في ما بين الدول، مجددًا ثقته في أن تسهم الشراكات الاقتصادية والتجارية بين البلدين بشكل كبير في تحقيق النمو المنشود لبلدينا وتحسين جودة الحياة في مجتمعاتنا، وهو ما يستحق أن نعمل معًا من أجله، قائلًا: أنا موجود حاليًّا في مصر من أجل هذا الهدف، وأتمنى تكرار الزيارات المتبادلة في المستقبل، بما يؤدي إلى توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.

فيديو قد يعجبك: