لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مرصد الأزهر: التنظيمات الإرهابية تستغل مصطلح "التجديد" لصنع صورة في أذهان الشباب

05:12 م الثلاثاء 15 سبتمبر 2020

كتب - محمود مصطفى:
أكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن التنظيمات الإرهابيّة تحاول أن تستخدم كافة الأساليب لاستقطاب مجندين جدد لصفوفها، لا سيّما بعد هلاك الكثير منهم جرَّاء الهزائم المتتالية التي تعرضت لها في أماكن تواجدهم.

وشدّد في بيان له، الثلاثاء، أن التجديد مصطلح مهمّ استغلته تلك الجماعات الإرهابيّة لصُنع صورة لها في أذهان الشباب، كما أن التجديد في الوقت ذاته قضية مهمة توليها مؤسسة الأزهر الشريف مزيدًا من الاهتمام والرعاية ليقطع الطريق على سماسرة التجديد وتجار الدّين.

وأشار إلى أن التجديد في وَهْمِ الجماعات المتطرّفة

من القضايا المهمة التي يفرضها علينا واقعنا المعاصر قضية التجديد، باعتباره أمرًا ضروريًّا، وأحد الروافد المهمة التي تعالج مستجدات العصر، من خلال الرؤية الإسلاميّة الشاملة التي تصلح بها الحياة في كل زمانٍ ومكان.

وأوضح:"يتجلّى للناظر عند ترديد الدعوة للتجديد، أن قضية التجديد قد ظُلِمت من طائفتين كليهما مال عن الوسطيّة، حيث مالت طائفة إلى التَفريط في الدعوة إلى التجديد، والثورة على كل ما هو قديم موروث، وأرادت أن تغيّر في أصول الإسلام فضلًا عن فروعه، وطائفة أخرى تحجَّرت وتجمَّدت عند كل موروث، فرفعته إلى درجة التَقديس حتى لو لم يكن في أصله مقدّسًا، فقدمت للإسلام أنموذجًا مخيفًا تحت شعار التجديد أيضًا".


وممّا لا يكاد يخفى على أحد أن التجديد في الإسلام ينطلق من قول النبي - صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» [رواه أبو داود من حديث أبي هريرة]، وهذا الأمر وضع المتطرفين أمام تساؤل محرج، ألا وهو أين التجديد في مناهجكم؟ لا سيّما وهم من أكثر الطوائف جمودًا وتقديسًا للقديم، فضلًا عن زعمهم أنهم على المنهج الصحيح للإسلام!

وهنا يأتي تنظيم "داعش" الإرهابي ليحاول أن يبيّن لأتباعه أين التجديد الذي يقوم به التنظيم في سلسلة مقالات بعنوان "تجديد أمر الدين بأقوال وأفعال أئمة المسلمين"، ويلاحظ أن التجديد جاء في أبجديات داعش محدّدًا في أمرين:
الأمر الأول: أن التجديد مُنحصر فقط في باب القتال
ومع أن الكاتب ذكر أنه -خلال مقالاته- أنه سيحيي كثيرًا من الفرائض الغائبة عن المسلمين، إلا أنهم حصروا قضايا التجديد التي عرضوها في القتال فقط، فعرضوا المسائل التي استحدثوها في هذا الباب، زاعمين أنها من التجديد الذي غفلت عنه الأمة، وأن الغاية من القتال ليس الدفاع عن الوطن، أو طرد المحتل وإنما غايته (التوحيد)!
فأيُّ تجديد هذا الذي يأخذنا إلى أعماق الفقه القديم، ومصطلحات أكَّد العلماء أنها مصطلحات منتهية بانتهاء سببها، وقد بيَّنوا أن هذه الأحكام متغيّرة، وقد يدخلها التجديد حسب معطيات الزمان والمكان، وقرَّروا تلك القاعدة الأصوليّة القاضية بأن الحكم يدور مع علّته وجودًا وعدمًا.

إلا أنه من الواضح أن التنظيم الإرهابيّ لم يفهم التجديد بصورة صحيحة؛ إذ ظنَّ أنَّ إحياء المصطلحات القديمة والتي قد لا تناسب زماننا ومكاننا جزءًا من التجديد، وهذا ليس فهمًا مغلوطًا فقط؛ بل جهلٌ بمعنى المصطلح من حيث اللغة والاصطلاح، إذ التجديد ينتمي إلى الجديد أو الحديث وليس القديم!.

أمر آخر وهو إذا لم يكن من غايات القتال طرد المحتل، والدفاع عن الأوطان، وحماية أهلها وحفظ مقدراتها، فلماذا القتال إذن، وما شُرِع أصلًا هو إلا لرفع الظلم ودفع الاعتداء، وقد نطق القرآن بذلك، حيث نزل في تشريعه أول ما نزل قوله تعالى:
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [سورة الحج، آية: 39].

إن التوحيد الذي يزعمون أنه غاية القتال، لا يشترط له القتال في إقامته ونشره، بل إن الأخلاق الحسنة والقيم الإنسانيّة تؤثر في النفوس أبلغ من أيِّ قتال، ولا نحتاج إلى دلالة الشرع على هذا، بل التاريخ والواقع شاهدان على صحة ذلك، فماليزيا وأندونيسيا –على سبيل المثال- من أكبر التجمعات الإسلاميّة في شرق آسيا، ووصلهم التوحيد بالأخلاق الحسنة والقيم الفاضلة.

ولفت إلى أن الأزهر الشريف في شهر يناير من العام الحالي 2020 قد أعلن في بيانه الختامي عن التجديد ما يردُّ على هؤلاء ويُبين بُعد الشُّقة بينهم وبين التجديد، بل بينهم وبين الدّين الحنيف، فقد جاء في البيان الختامي للمؤتمر:
"التيارات المتطرفة، وجماعات العنف الإرهابية يشتركون جميعًا في رفض التجديد، ودعوتهم تقوم على تدليس المفاهيم وتَزييف المصطلحات الشرعية، مثل مفهومهم عن نظام الحكم، والحاكمية، والهجرة، والجهاد، والقتال...، والجهاد في الإسلام - ليس مرادفًا للقتال، وإنَّما القتال الذي مارسه النبي وأصحابه هو نوعٌ من أنواعه، وهو لدفع عدوان المعتدين على المسلمين، وليس لقتل المخالفين في الدين، كما يزعم المتطرفون، والحكم الشرعي الثابت في الإسلام هو حُرمة التعرُّض للمخالفين في الدين، وحرمة قتالهم ما لم يُقاتلوا المسلمين.

وأكد أن المنوط بأمر الجهاد هو السلطة المختصة في البلاد وفق الدستور والقانون، وليس الجماعات والأفراد، وكلُ جماعةٍ تدعي لنفسها هذا الحق، وتُجَيِّشُ الشباب، وتدربه، وتدفع به للقتل والقتال، وقطع الرؤوس، هي جماعةٌ مفسدةٌ في الأرض محاربةٌ لله ورسوله، وعلى السلطات المختصة أن تتصدى للقضاء عليهم بكل عزيمةٍ وحزم"

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان