التصالح قبلة الحياة الأخيرة للعقارات المخالفة.. 30 سبتمبر آخر موعد والإزالة البديل الوحيد
كتب- محمد سامي:
أشار آخر تقدير أعدته لجنة الإسكان بمجلس النواب، إلى 2.8 مليون مبنى مخالف على مستوى الجمهورية، وعدد الأدوار المخالفة 396 ألفًا و87 دورًا، و1.7 مليون وحدة مخالفة، وهذا يعني أن عدد الوحدات المخالفة يقترب من 20 مليون وحدة مخالفة على مستوى الجمهورية.
كل الأرقام عن العقارات المخالفة وما تنذر به من كوارث دفعت الدولة إلى التحرك على عدة محاور؛ من أجل حصار هذا الملف وحل مشكلاته المتفاقمة عبر محورين؛ الأول التصالح في المخالفات القديمة والثاني الصدي للمخالفات الجديدة عبر موقف حازم وحاسم للضرب بيد من حديد على ضعاف النفوس.
قانون التصالح
أولى خطوات الدولة لمواجهة البناء المخالف كان قانون من الحكومة بخصوص توفيق أوضاع المباني المخالفه والتصالح على مخالفات البناء؛ حيث وافق مجلس النواب، عليه بشكل نهائي فى شهر مارس 2019 وأصدره رئيس الجمهورية، وإصدار لائحته التنفيذية في شهر يوليو.
ومنحت اللائحة مهلة 6 أشهر لتقديم طلبات التصالح في مخالفات البناء عبر لجان يتم تشكيلها في المحافظات، يتقدم إليها صاحب المخالفة بملف كامل يحتوي على ما يثبت ارتكابه المخالفة قبل الثاني والعشرين من شهر يوليو 2017، بالإضافة إلى رسم هندسي للمبني المقام وكذلك تقرير استشاري هندسي يفيد بسلامة المبنى الإنشائية، ثم يتقدم الشخص بالملف كاملًا ويقوم بسداد الرسوم الخاصة بالمعاينة، والتي تترواح بين 1000 و5000 جنيه، وحظر القانون ويحظر التصالح على الأعمال التي تخل بالسلامة الإنشائية للبناء والتعدي على خطوط التنظيم المعتمدة وحقوق الارتفاق المقررة قانونا والمخالفات الخاصة بالمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز وتجاوز قيود الارتفاع المقررة من سلطة الطيران المدني، أو تجاوز متطلبات شؤون الدفاع عن الدولة والبناء على الأراضي المملوكة للدولة والبناء على الأراضي الخاضعة لقانون حماية الآثار وحماية نهر النيل وتغيير الاستخدام للمناطق التي صدر لها مخططات تفصيلية معتمدة من الجهة الإدارية بالإضافة إلى البناء خارج الأحوزة العمرانية المعتمدة.
إشكالية التنفيذ
فور تطبيق القانون الصادر رقم 17 لسنة 2019، واجهت المحليات إشكاليات كبيرة في التنفيذ؛ على رأسها المهلة التي وضعتها لائحة القانون والخاصة بمدة الـ6 أشهر لتقديم التصالح؛ حيث لم يحقق الأثر المتوقع في ما يتعلق بالتصالح على المخالفات البنائية وتقنين أوضاعها، وتبين من خلال التطبيق الفعلي والعملي للقانون، والذي لم يمض عليه سوى أشهر قليلة، أنه لم يحدث الأثر المتوقع منه وذلك من خلال استقراء أعداد المتقدمين للتصالح، باعتباره المعيار الأساسي والحقيقي لمدى قابلية القانون للتطبيق؛ مما دفع عددًا من النواب والحكومة إلى إرسال تعديلات جوهرية وإجرائية على القانون في شهر ديسمبر 2019، وذلك بشكل نهائي لمعالجة الإشكاليات التي واجهت التطبيق على مدار الفترة الماضية، وتمت مناقشة التعديلات في مجلس النواب وإصدرها في يناير 2020، وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، القرار رقم 1 لسنة 2020.
وتضمنت التعديلات، وَفق القانون الجديد، مد مدة التصالح في المخالفات سنة من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية المعدلة للقانون، واستثناء التجمعات القروية وتوابعها من شرط طلاء واجهات المباني المخالفة، وخصم غرامات مخالفات البناء من التصالح مع الدفع بثلاثة أقساط دون فوائد، وإلغاء حصر تقديم تقارير السلامة الإنشائية بمخالفات البناء على المكاتب الاستشارية.
كما تضمنت التعديلات السماح للمكاتب الهندسية الاستشارية المعتمدة من نقابة المهندسين والمراكز البحثية وكليات الهندسة والمهندسين الاستشاريين المعتمدين من نقابة المهندسين، وذلك بتقديم تقرير السلامة الإنشائية للمباني المخالفة، وذلك بقانون التصالح بمخالفات البناء، بعد أن كانت محصورة لعدد محدود من المكاتب الاستشارية مع الموافقة على مد العمل بالقانون وذلك لمدة عام من نهاية المدة الحالية المقرر لها الانتهاء في 8 يناير 2019.
جدية التصالح
بعد 6 أشهر من التعديلات الجديدة للقانون والتي تخللها ثلاثة أشهر ونصف خلال أزمة الكورونا، لاحظت الحكومة أن البعض يستغل التصالح في مخالفات البناء بإيقاف كل قرارات الإزالة، وإيقاف اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفات؛ لحين فحص طلبات التقنين في ضوء أحكام القانون.
كما لاحظت الحكومة أنه خلال التطبيق العملي لقانون التصالح، تبين إساءة البعض لهذا القانون، والتحايل عليه، وذلك عن طريق تقديم طلبات تفتقر إلى الجدية، لمجرد اكتساب وضع قانوني ظاهري أمام الغير دون أن تكون هناك أي حقوق لهم، ودون رغبة حقيقية منهم في المضي قدما في إجراءات التصالح، ومن ثم اتخذت الحكومة قرارا يلزم بدفع مبالغ خاصة تحت حساب جدية التصالح تترواح في القري من 5 آلاف إلى 40 ألف جنيه حسب المخالفة، ومن 60 ألفًا إلى 250 ألفًا في المدن حسب نوع المخالفة.
واعتبرت الحكومة أن ما تم اتخاذه من قرارات بشأن سداد مبلغ جدية التصالح يأتي من منطلق حرص الحكومة على تطبيق قانون التصالح، بما يحقق ما استهدفه المُشرع من سن هذا القانون، وحرصا على حماية مصالح حسني النية، تم التأكيد خلال الاجتماع على أنه سيتم فحص كل طلب، وفي حالة ثبوت جديته سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنه، وفقا لأحكام التصالح، وإذا تم قبول الطلب والتصالح، فسيتم في هذه الحالة خصم المبالغ التي تم سدادها تحت مسمى "جدية الطلب" من المستحقات المالية المقررة على مقدم الطلب، بينما في حالة رفض الطلب فسيتم رد مبلغ الجدية لمقدم الطلب الذي قام بسداده.
التاريخ النهائي
وفقا للائحة قانون التصالح في مخالفات البناء وتعديلات القانون الصادر في شهر يناير الماضي منح القانون مهلة إضافية 6 أشهر من تاريخ إقراره كانت بمثابة مهلة إضافية للتقديم؛ لكن ظروف كورونا أحالت دون تنفيذ ذلك، واللائحة تسمح لرئيس الوزراء مباشرة بمد المهلة، الذي أصدر قرارًا بسرعة التقدم بطلبات التصالح، وسداد قيمة الجدية، وآخر موعد لتقديمها هو 30 سبتمبر المقبل، على أن يتم سداد غرامات التصالح عبر أقساط خلال 3 سنوات، كما أن هناك تنبيهات صدرت للمحافظين بإزالة أي عقار مخالف لم يتقدم صاحبه إلى التصالح.
منع البناء نهائيًّا بعدد من الأماكن
التصالح في مخالفات البناء لن يكون الخطوة الأخيرة بالنسبة للبناء داخل محافظة القاهرة والجيزة والعواصم القديمة، حيث إن هناك تشديدات بأنه لن يسمح فيها بالبناء فيها مرة أخرى.
وأوضح رئيس الوزراء، أنه بالنسبة إلى الأراضي الخالية من المباني سيتم البناء عليها لاستخدامات محددة أو توفير تعويض عبارة عن بديل بالمدن الجديدة في حالة الرغبة في بناء عمارة سكنية من مالكها.
وأكد رئيس الوزراء أن هذا التوجه يستهدف إنقاذ المدن وضمان استمرارية الحركة بها، وأن المحاور الجديدة التي يتم إنشاؤها تكلف الدولة استثمارات تصل إلى مئات المليارات، وفي حالة تكرار عمليات البناء غير المخطط بعد الخمسة عشر عاماً القادمة سيُكلف ذلك الدولة مستقبلاً مبالغ باهظة قد تصل إلى تريليونات من الجنيهات لتنفيذ محاور جديدة مع وجود مشكلة تحديد أماكن لإنشائها.
وعاود رئيس الوزراء تأكيد أهمية أن نكون واعين تماماً، وأن هناك أحياءً كاملة لن يسمح فيها بالبناء السكني لأن تلك الأحياء وصلت إلى كثافاتها النهائية والقصوى، ومن يرغب يمكنه البناء السكني في المدن الجديدة.
وأضاف مدبولي، أنه في بعض المناطق الأخرى من الممكن يتم السماح بالبناء السكني فيها وفقاً لاشتراطات واضحة جداً ومنها وجود حد أقصي للارتفاع لا يمكن أن تزيد عنه هذه الأحياء القديمة، وقد يكون من أربعة إلى خمسة طوابق، وسيتم مراجعة مساحات الجراجات الموجودة.
حملات الإزالة مستمرة
بالتزامن مع تطبيق الحكومة للتصالح في مخالف البناء، كانت هناك تعليمات واضحة بإزالة المخالفات بمختلف المحافظات حيث وصلت حالات الإزالة ضمن الموجة الخامسة عشرة والتي استمرت حتى 10 يونيو الجاري، وصلت إلى 16,632 إزالة على مساحة 3,836 فدان، وهى مخالفات الزراعة بالملكية الخاصة.
كما تم تنفيذ 6,470 حالة إزالة على مساحة 5 ملايين و328 ألفا و430 مترا مربعا على أرض أملاك الدولة، و1,718 حالة إزالة على مساحة 16 ألفا و569 فدانا، مخالفات الزراعة على أملاك الدولة، بالاضافة إلى 7,370 حالة إزالة مخالفات بناء على مساحة مليون و110 آلاف و77 مترا مربعا.
وأوضح اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، خلال اجتماعه اليوم الأربعاء للتمهيد للموجة السادسة عشرة لإزالة التعديات على أراضي الدولة، أن رئيس الجمهورية يتابع ملف إزالة التعديات على أراضي الدولة والأراضي الزراعية ومخالفات البناء بصورة مستمرة، كما يتم تقديم تقارير يومية إلى رئيس مجلس الوزراء حول النتائج التي يتم تحقيقها، لافتاً إلى أن هذه المتابعة المستمرة من القيادة السياسية أعطت قوة دفع كبرى لجهود المحافظات والتعاون الكامل على مدى اليوم مع قوات إنفاذ القانون ومديريات الأمن بكل المحافظات.
وشدد شعراوي، على أن الدولة ستتعامل بكل حزم مع كل التعديات وفرض هيبة الدولة وترسيخ سيادة القانون في موجة الإزالة التي سيتم تنفيذها اعتباراً من الأربعاء 8 يوليو، بالتنسيق بين مديريات الأمن وقوات إنفاذ القانون.
وأشار وزير التنمية المحلية إلى ضرورة الإسراع في إجراءات تقنين أراضي الدولة وفقاً للقانون، ومراعاة كل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للحالات الجادة.
طلاء المنازل وقطع المرافق خلال 3 شهور
طلاء وجهات المنازل مشروع ضخم يسهم في دعم الهوية البصرية بتجميل شكل المنازل الرئيسية في المدن الكبري وغيرها، أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكلف المحافظين بتنفيذها في الوجه البحري والقبلي عبر العمل علي دهان وطلاء المنازل وواجهاتها بلون موحد لتجميلها أمام المواطنين وضيوف المحافظات من الأهالي والسائحين.
ويأتي ذلك في إطار تنفيذ قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 الذي يلزم أصحاب العقارات بتشطيب الواجهات قبل توصيل المرافق لها، بالتنسيق مع الإدارات الهندسية بالأحياء والمدن أثناء استخراج تراخيص البناء للمنازل الجديدة وتطوير القديمة ودهانها.
ومنذ تكليف الرئيس كانت هناك استجابات بطيئة من المواطنين لتنفيذ القرار لاسيما في بعض المناطق أشادت الحكومة بها مثل عزب البرج بمحافظة دمياط والتي تم طلاء المنازل باللون المحدد؛ مما أعطاها واجهة جمالية أسهمت في زيادة القيمة السعرية للواحدات العقارية؛ لكن الحكومة لم تقف عاجزة أمام تجاهل المواطنين تنفيذ القرار.
وصدرت توجيهات رئيس الوزراء بضرورة وضع خطة تنفيذية تتضمن جدولًا زمنيًّا، لقيام أصحاب المباني بالانتهاء من طلاء واجهات وجوانب المباني، خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، على أن يتم اتخاذ إجراءات قطع المرافق من كهرباء ومياه عن المباني التي لا ينتهي أصحابها من طلاء واجهاتها، عقب انتهاء المهلة المقررة.
فيديو قد يعجبك: