إعلان

​"فضيحة علمية".. أثريون ينتقدون ترميم رمسيس الثاني بالأقصر.. والوزارة ترد

11:31 م الأربعاء 24 أبريل 2019

كتب- محمد عاطف:

أثارت إزاحة وزير الآثار الستار عن التمثال السادس للملك رمسيس الثاني بمعبد الأقصر، جدلا بين أثريين بعدما تم وضعه على هيئة "أوزيرية" -قدماه في وضع متساو-، وأنه كان يجب أن يكون في وضع حربي بأن تتقدم الرجل اليسرى عن الرجل اليمنى كما هو الوضع في باقي التماثيل الأخرى الموجودة بواجهة المعبد.

في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الآثار أن ما حدث إنجاز كبير على صعيد إعادة أمجاد قدماء المصريين، وتخليد لتاريخهم، اعتبر أثريون أن ترميم التمثال بهذا الشكل خطأً يستحق الاعتذار عنه، وطالبوا بإزالة التمثال لأنه "يشوه أحد أهم المعابد الأثرية في مصر".

الدكتور أحمد صالح، مدير عام آثار أسوان السابق، قال إن "ما حدث في معبد الأقصر جريمة يعاقب عليها القانون؛ لأن من قام ببناء هذا التمثال في موضعه قام بتغيير معالم أثر"، موضحًا أن إضافة تمثال "سابق أو تالي" لعصر الملك رمسيس الثاني إلى صرح من "عصر سابق أو تالي" وهو معبد الأقصر، ووضعوا التمثال أقصى يمين الصرح، مما يعد تغيير صريح لمعالم المعبد.

وأضاف صالح لمصراوي، أنه قبل ثلاث سنوات لم يكن أمام معبد الأقصر إلا تمثالين للملك رمسيس الثاني، ومسلة واحدة، إلى أن تفتق ذهن المسؤلين على إكمال الواجهة كما كانت في عهد رمسيس الثاني.

وقال: "كان من المفترض أن يكون ذلك من خلال دراسة وافية للموضوع بحيث يتم تشكيل لجنة من علماء الآثار تدرس بقايا التماثيل الموجودة وكيفية تركيبها وترميمها، وهل هي موجودة في الواجهة أم لا، إلا أن ذلك لم يحدث".

وتابع صالح: "ما حدث أن المسئولين جمعوا بقايا التمثال الموجودة بجوار المعبد دون التأكد منها، وكانت النتيجة بمثابة فضيحة عالمية لأن التمثال في صورته النهائية أصبح تمثال أوزيري، أي في وضع تعبدي، بينما الوضع الصحيح وفق ما رسمه رمسيس الثاني حول واجهة معبده في الفناء الأول الذي بناه، أظهر النقش الأصلي أن التماثيل الأربعة المسنودة علي الحائط في حالة حركة واليدين في الجانبين".

وأشار صالح إلى أن "الجريمة الآن موجودة في التمثال الذي وضعوه أقصي اليمين"، مستكملًا: "لأنه عكس التمثال الذي وضعوه في أقصى اليسار، الأول لا يعود لعصر رمسيس الثاني أصلا، وهذا ما يعني أن هناك تزوير لأثر وتغيير معالمه".

وقال الدكتور أحمد عيسى أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة إن التمثال الذي أقيم أمام واجهة معبد الأقصر ويتخذ "الوضع الأوزيري"، لا يصح أبدا أن يكون مقاما أمام واجهات معابد الأرباب شرقي طيبة.

وأكد في تصريحات صحفية، أنه خطأ علمي كبير، خاصة وأن المعماري المصري ترك بنفسه على جدران معبد الأقصر رسما للواجهة بتفاصيلها كاملة ومنها التمثالان الجالسان والاربعة الواقفة.

وأوضح أن ما أثاره البعض حول نشر قديم للراحل الدكتور محمد عبد القادر رائد الأثريين المصريين الذن عملوا في الاقصر، حول بعض الرموز لبعض أجزاء تمثال تشتمل على المنطقة العلوية من صولجان "حقا" دفاعا عن الطابع الاوزيري لـ "التمثال الممسوخ" المقام حديثا أمام البرج الأيسر للصرح الأمامي لمعبد الأقصر، لا يعد دليلا لنصب هذا التمثال فى الوضع الأوزيري.


ولفت إلى أن الملك رمسيس الثاني في تمثاله الشهير بمتحف "تورين" يمثله حاكما قويا نبيلا وهو يمسك كذلك بصولجان "حقا"، والملك امنحوتب الثالث أثناء احتفاله بعيد "سد" المصور في مقبرة "خرو-اف" يمسك بصولجان "الحق" أيضا .

من جانبه، أشار الدكتور محمد عبد المقصود رئيس قطاع الآثار المصرية السابق بوزارة الآثار إلى أن الملك رمسيس الثاني وثق شكل الواجهة لمعبد الأقصر مرتين الأولى علي الفناء الأول واكتشف النقش الثاني أثناء ترميم مسجد أبو الحجاج بعد الحريق.

وأضاف أن المصري القديم عمل محاكاة لشكل الصرح الأول على الجدار الجنوبي للفناء الأول "اوسخت وبا"، ومعناها "الفناء الامامي"، والمنظر الموجود يصور رمسيس الثاني في هيئة رسمية وليس الهيئة الأوزيرية.

من جانبها أصدرت وزارة الآثار، بيانا فنّدت فيه ما أثير، مؤكدة أنه يوجد منظر منقوش في خلفية الصرح الأول للملك رمسيس الثاني يوضح شكل الصرح الأول يتقدمه تمثالان جالسان ومسلتان فقط.

وأكدت الوزارة أن "هذا المنظر الذي تم نقشه بالنقش الغائر يرجع لعصر الملك رمسيس الثاني، وكان يوضح شكل واجهة المعبد خلال فترة حكم الملك رمسيس الثاني، ويتطابق أسلوب النقش لهذا المنظر مع كل نقوش ومناظر الصرح".

ولفت إلى أن يؤكد تأريخه لعصر الملك رمسيس الثاني أما المنظر المنقوش على الجدار الجنوبي الغربي لفناء الملك رمسيس الثاني، فإنه يوضح شكل الصرح الأول يتقدمه تمثالان جالسان، وأربعة تماثيل واقفة مقدمة القدم اليسرى بالإضافة إلى المسلتين".

وأوضحت أن المنظر الذي تم نقشه بالنقش المحدد (حفر الخطوط الخارجية لعناصر المنظر)، يخالف في أسلوبه باقي النقوش الغائرة المجاورة له في نفس الجدران، ويرجع هذا النقش إلى عصر تالٍ للملك رمسيس الثاني؛ وبالتالي تعتبر التماثيل الأربعة الواقفة إضافة للصرح والتماثيل الجالسة في عصر بعد رمسيس الثاني (ربما أحد الرعامسة).

واكملت الوزراة: "يوجد مثال مشابه لذلك يتمثل في المنظر المشهور للملك رمسيس الرابع أثناء كتابة اسمه على شجرة "الإيشد"، في مقدمة الصرح الأول لمعبد الملك رمسيس الثالث الجنائزي (مدينة هابو)".

وتابعت: "رغم استخدام الملك رمسيس الثالث أسلوبًا مميزًا في النقش الغائر جدًا حتى يستحيل إعادة النقش عليه مرة أخرى، إلا أن الملك رمسيس الرابع غيّر بعض الكتل في واجهة الصرح واستبدلها بكتل أخرى، ونقش منظره الشهير بالنقش المحدد مثلما حدث في منظر فناء الملك رمسيس الثاني".

وقالت الوزارة إنه فيما يخص التمثال الذي تم إقامته مؤخرًا، "فقد تم العثور على قاعدته في مكانها الذي أقيمت فيه بواسطة د.محمد عبدالقادر عام 1958 وبها بقايا القدمين المتجاورتين، بما لا يدع مجالًا للشك أن هذا التمثال له وضع مختلف عن أقرانه، كما تم العثور على باقي أجزاءه في نفس موقع تهشمه بجوار قاعدته، وهو ما يؤكد إقامة هذا التمثال في هذا المكان".

وكانت البعثة الأثرية المصرية الأمريكية المشتركة نجحت في الانتهاء من تجميع وترميم وإعادة تركيب ورفع تمثال رمسيس الثاني في وضعه الأوزيري، ليكون بذلك آخر تمثال ضمن ٥ تماثيل أخرى للملك رمسيس الثاني، حيث نجحت وزارة الآثار خلال العامين السابقين بتجميع وترميم وإعادة رفع تمثالين آخرين للملك بالصرح الأول بمعبد الأقصر.

ويبلغ ارتفاع التمثال حوالي 12 مترا، ووزنه ما يقرب من 60 طنا، وهو مصنوع من الجرانيت الوردي ويصور الملك رمسيس الثاني واقفا وتم الكشف عن بقايا هذا التمثال أثناء أعمال حفائر البعثة الأثرية المصرية برئاسة الدكتور محمد عبد القادر داخل المعبد عام 1958 وحتى 1960، والتي تمكنت أيضاً من الكشف عن أجزاء تماثيل أخرى وجدت مدمرة أمام الصرح الأول، ويرجح أنها دمرت نتيجة تعرضها لزلزال مدمر في العصور المصرية القديمة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان