إعلان

حفيد عائلة سعد زغلول: ورثنا عنه عزبتين وبعناهم "حوار"

04:11 م السبت 16 مارس 2019

علاء حمدي الشوالي

حوار- محمد نصار:

قال علاء حمدي الشوالي، أحد أحفاد عائلة سعد زغلول، وعضو حزب الوفد، إن سعد زغلول لم يترك ميراثًا ماديًا كبيرًا خلفه، لافتًا إلى أنه كان فقيرًا قبل أن يتزوج من صفية زغلول، وأنه كان لديه شك في إمكانية تحرك الشعب المصري وقيامه بثورة، كما أنه لم يعلم بقيام الثورة إلا في الثالث من أبريل.

وأضاف الشوالي، في حوار لمصراوي، أن أحد أعضاء الحزب الوطني كان صاحب مقولة "بيت الأمة" وليس سعد زغلول، مؤكدًا أن سعد كان عبقريًا في فكرة جمع التوكيلات، رغم تعرضه للكثير من الطعنات من جانب الكثيرين إلا أن الشعب المصري آمن به ولذلك أيده، وإلى نص الحوار.

بداية.. ماذا تمثل لك هذه الذكرى على المستوى الشخصي؟

عمري كله، يعني لما تكون صغير وييجي والدك يشد ودنك علشان أنت بتلعب في سبحة سعد زغلول، وجدانك تشكل على الوفد والأهل والعائلة، لما تقرأ عن مئوية 1919 وكيف خرجت وتفاعل الناس فيها تشعر بالفخر، هذه الثورة أفرزت الكثير.

لم تتح لك الفرصة للقاء سعد زغلول.. لكن ألم تسمع عنه من أسرتك؟

الدنيا كلها بتتكلم، الحكاوي من والدي أو أعمامي الوفديين الكبار أو القراءات، وأنا تبحرت في القراءة لمعرفة من هو سعد زغلول، وكيف أنه لم يصنع نفسه زعيمًا للأمة، ولكن الأمة هي من جعلته زعيما لها، ودي الميزة اللي موجودة فيه.. سعد عرض فكره على الناس، والناس قبلت وشعرت أن توجهه صحيح واستطاع لمس مشاعر الناس وتجميع الأمة على هدف واحد، ولذلك أرى أن الأمة هي صانعة الزعامات.

ما الحكاية الأكثر تأثيرًا فيك بشأن سعد؟

عبقرية سعد زغلول في فكرة جمع التوكيلات وجمع الأمة كلها في توجه واحد يطالب بالاستقلال، سعد قدر يوحد المسلمين والمسيحيين واليهود، ولليهود دور هام وكبير في ثورة 1919 لا يقل عن دور المسلمين والمسيحيين، رغم أنه يتم تجاهله.

حينما ذهب لمقابلة السير وينجتون للمطالبة بالسفر لعرض مطالب مصر على مؤتمر الصلح، ما درسناه في التاريخ يقول إن السير وينجتون قال لسعد إنك لا تمثل الأمة المصرية لتتحدث باسمها، ولكن الحقيقة غير ذلك.

ماذا الحقيقة إذًا؟

دخل الوفد الذي يرأسه سعد على المعتمد البريطاني، وطلبه منه السفر، واستقبلهم بشكل جيد، وأخبرهم في النهاية بأنه سيعرض الأمر على ملك بريطانيا، ولكن بعد مغادرتهم اتصل المعتمد البريطاني بحسين باشا رشدي، رئيس الوزارة في مصر وممثل الدولة الرسمي، أخبره بوجود سعد ومطالبه، وأنهم لا يمثلون الأمة المصرية، وذلك بتاريخ 13 نوفمبر 1918، انتهت المكالمة وحسين رشدي أبلغ سعد بمضمون المكالمة.

في نهاية هذا اليوم شكل سعد زغلول نواة الوفد المصري للمطالبة باستقلال مصر "ليس حزب الوفد" للسفر إلى مؤتمر الصلح، من 7 (سعد زغلول - عبدالعزيز فهمي - علي شعراوي - محمد محمود - أحمد لطفي السيد - عبداللطيف المكباتي - محمد علي علوبة) شكلوا هيكل الوفد، ورأى سعد أن هؤلاء الـ7 لا يمثلون الأمة ففطن إلى فكرة جمع التوكيلات، وكانت الفكرة موجودة لدى آخرين.

هل كانت هناك محاولات لإنشاء وفد آخر بخلاف وفد سعد زغلول؟

بالطبع كانت توجد محاولات لتأسيس 4 وفود وهي (وفد سعد زغلول - وفد حاول تشكيله الأمير عمر طوسون - وفد رسمي يشكله حسين رشدي وعدلي يكن - وفد يسعى إليه محمد فريد من منفاه) لكن لم يكن بد من تأييد مساعي سعد زغلول، وأدخل 7 آخرين يمثلون أطياف الأمة، ومن ثم تم إعداد صيغة التوكيل، ونزل سعد للبسطاء في الشارع بنفسه يطلب مساعدتهم للمطالبة بالاستقلال عبر التوقيع على التوكيل.

كم عدد التوكيلات التي جمعها؟

استطاع سعد زغلول جمع 2 مليون توكيل من أمة تعدادها 14 مليون مواطن، وهذا الرقم حدده الدكتور المؤرخ محمد صبري، في كتابه الثورة المصرية، وهو الوحيد الذي كتب عدد التوكيلات "كان في ناس بتضرب في الضهر وتخون" وكان يوجد شخص يدعى الشيخ محمد إبراهيم الجمل، وهو شيخ لأحد الطرق الصوفية حاول جمع توقيعات تؤيد بقاء الاحتلال.

هل دفع هذا الشعب إلى تأييد سعد؟

بالتأكيد، لأن الناس وثقت فيه، والدليل على ذلك تحرك الناس دون علمه، وكان حينها في طريقه للمعتقل ومن بعدها المنفى، وتحركت الثورة يوم 9 مارس، ولم يعرف سعد بوجود ثورة في مصر إلا في 3 أبريل.

ما أبرز مقتنيات سعد لديك أو لدى أفراد العائلة؟

الحاجات بسيطة ومتناثرة، أحد بيوت العائلة لديه ساعته، وآخر لديه السبحة، ومنزل آخر في إبيانة لديه الكرسي الذي صممه سعد ليجلس عليه الخديوي عباس حلمي الثاني، المقتنيات ضعيفة، وكل تراثه كانت في المتحف، لكن توجد الوثائق منها لائحة الوفد وقانونه وبعض المراسلات.

ما مصير منزل العائلة في قرية إبيانة؟

البيت تم تحويله إلى مدرسة، كان عبارة عن سرايتين الأولى سلاملك والثانية حرملك، وبنى المنزل لاستقبال الخديوي عباس، وبعد ثورة يوليو استولت عليه الدولة وتحول إلى مدرسة وحديقته تم بناء مبنى تابع للأبنية التعليمية عليها، ونطالب منذ فترة طويلة أن يتم تحويله لمتحف لكن لا استجابة.

ما يجب أن نهتم به ميراث سعد الفكري وليس مقتنياته الشخصية، سعد زغلول قال إن الوفد فكرة والفكرة لا تموت، وهذه الفكرة رسالة مستمرة لأجيال متعاقبة، وهذه مشكلة الوفد حاليًا، أنه توجد فكرة لا يستطيع الناس حملها.

هل مازالت عائلة زغلول تعمل بالسياسة؟

العائلة متفرقة، والمصريين بشكل عام غير مهتمين بالسياسة، العائلة متشعبة ولها تفريعات كثيرة جدًا، مفيش حد مهتم بالعمل السياسي بخلافي، والعمدة نادر، ومحمد نجيب زغلول، لكن بشكل العام العائلة غير مشتغلة بالسياسة.

ما صحة ما تردد حول اتجاه سعد زغلول للعب القمار؟

دي مش محتاجة كلام، سعد زغلول نفسه اعترف بهذا الأمر في مذكراته، في فترة من الفترات اتجه للعب القمار، وقال أوصي من يأتي من بعدي إذا مت على هذه الخصلة الذميمة، شرع الله لا يوجد به جدال، ولكن ظروف المجتمع من الممكن أن تدفع الإنسان إلى ارتكاب أخطاء قد تصل للمحرمات دون أن يشعر، ولكنه أقلع عنها قبل وفاته، وكتب في المذكرات إنه ضيع في القمار ثروة كبيرة رغم أنه كان فقيرًا "شحات" مفيش حيلته حاجة.

كيف هذا؟

حد عنده معلومة غير دي، سعد زغلول كان باشا من الناحية الاجتماعية، لكن لم يكن يملك شيئًا، حينما تزوج صفية هانم زغلول مفيش حيلته أي حاجة، والده كان شيخ البلد لكنه متوسط الحال "مستور" صفية كتبت باسمه عزبة 50 فدانًا من أملاكها في مسجد وصيف، علشان شكله يبقى كويس، ودي العائلة باعتها عام 1990 كان نصيب والدي فدان وشوية، وكان في صديق بيمر بأزمة مالية ومحتاج يبيع عزبته في بني مزار بالمنيا بأقل من ثمنها وعرض الأمر على سعد واشتراها، وبعناها عام 1994 للمغربي، واتقسمت على جيش، علشان كده طلع على الوفد حزب الجلابيب الزرقاء، حتى تحول في أواخر أيامه إلى حزب البشوات والصورة المطبوعة حاليًا.

هل كان يتفاخر سعد بكونه زعيمًا للفقراء؟

كان سعد يتفاخر بكونه زعيمًا للرعاع ورددها أكثر من مرة "في مرة راح ليه أصحاب الحنطور يريدونه منع السيارات من الانتشار في شوارع القاهرة، وتحدث معهم بهدوء لحل الأزمة وأقنعهم أن هذا تطور الحياة، وهما خارجين قالوا يعيش سعد باشا زعيم الأمة، رد عليهم: قولوا يعيش سعد زعيم العربجية" ولهذا السبب استمر سعد في التواجد حتى يومنا هذا وكل من انشق عليه أو سار ضده ليس لهم وجود في ذاكرة المصريين.

ماذا كان يقصد بمقولته "ويل لمن يطالع ذلك من بعدي"؟

كان يقصد بها التفاصيل السياسية والكواليس التي تحملها المذكرات ولم يكن المقصود بها حديثه عن القمار.

الناس تعرف سعد السياسي لكن ماذا عن سعد الزوج أو الجد؟

سعد زغلول لم ينجب، لم يكن جدًا مباشرُا لأي أحد، ولكنه كان جدًا لأفراد العائلة، وبعد المسافات وقتها بين القاهرة وكفر الشيخ كان يجعل من التواصل أمرًا صعبًا، كان سعد يتواصل مع أفراد العائلة في القاهرة مثل مصطفى أمين وعلي أمين "دول اتربوا في بيت سعد" كما أن دور صفية زغلول حينما كان حيًا وحينما مات يوضح كيف كان سعد.

صفية حكت إن يوم الفرح، والدتها طلبت منها "تدلع" عليه يوم الفرح، العُرف حينها إن سعد ينزل من العربية ويطلب منها النزول، وقال لها "اتفضلي يا هانم 3 مرات تدللت فيهم.. تقلت عليه.. سابها ومشي، نزلت جري لمت الفستان وجريت وراه ومن يومها بتجري وراه، وده على لسانها.

ولكن لم يتطرق أي أحد إلى الحديث عن حياته الأسرية بشكل مباشر، حتى ان العقاد حينما كتب عنه لم يذكر أي شيء عن سعد الزوج.

إذا كان سعد فقيرًا وصفية من الأثرياء.. كيف قبلته زوجًا؟

والدها كان ذكيًا، وهذا فارق بين الناس، مصطفى باشا فهمي، قرأ مستقبل سعد السياسي، حينها كان يوجد نخبة حقيقية بعكس نخبة اليوم التي أراها مزيفة، وأرى أن "خيبتنا في نخبتنا" وكانت هذه النخبة معدودة وتمثل واجهة المجتمع وكلهم يعرفون بعضهم، واتضح صحة كلامه، وأصبح سعد كما نعرفه اليوم.

هل تنطبق مقولته "مفيش فايدة" على الوضع السياسي الآن؟

توجد هنا مفارقة، فهذه الجملة قالها لصفية ولا تحمل دلالات سياسية، قالها حينما كانت تعطيه الدواء وهو على فراش المرض فقال لها "مفيش فايدة من اللي بنعمله خلاص" لكن تم تحويل الكلمة لشعار سياسي، وفعلًا مفيش فايدة إلا في حالة واحدة أن يوجد من يحرك هذه الأمة من جديد ووضع الحياة الحزبية اليوم دليل على ذلك.

الجميع يتحدث عن مبادئ الوفد.. ما هي هذه المبادئ؟

دائما الناس تتحدث عن مبادئ الوفد وهذا كلام استهلاكي، الوفد ليس له مبادئ أو ثوابت بمعناها الواسع، بل مبدأ واحد فقط هو الاستقلال، يتفرع من هذا المبدأ تفريعات كثيرة منها استقلال سياسي واستقلال اقتصادي واستقلال اجتماعي واستقلال علمي، خرج من هذا المبدأ المطالبة بالدستور وهي قضية وليست مبدأ.

هل توافق مئوية الحزب مئوية ثورة 1919؟

هذا غير صحيح، 9 مارس هو مئوية ثورة 1919 وليس مئوية حزب الوفد، لأن الحزب تأسس كحزب سياسي رسميًا حينما دخل انتخابات عام 1924 وتشكلت وزارة سعد الأولى، لكن الوفد الممثل للأمة وليس الوفد الحزب كان يوم 13 نوفمبر الماضي ولم يتم الاحتفال به.

من صاحب مقولة بيت الأمة؟

ليس سعد زغلول ولا الناس، حينما تم الاتفاق على صيغة التوكيل الأولى، تضمن عبارة "استقلال مصر في ظل مبادي الحرية التي ترعاها دولة بريطانيا العظمى" وهذه الصيغة أثارت أزمة حينما أراد سعد زغلول جمع كافة الأطياف المصرية للتوافق على الصيغة وضم 2 من الأقباط و2 من وفد حسين رشدي، و2 من الجزب الوطني، ومحمد الباسل كزعيم قبلي، وتشكل الوفد من 14 فردًا، وتم عقد اجتماع بمنزل سعد زغلول مع 4 من الحزب الوطني، وحدثت مشادات بينهم على صيغة التوكيل لأنه لم يذكر فيه وضع السودان واعترضوا على عبارة حسب المبادئ التي أرستها دولة بريطانيا العظمى، وتم التطاول على سعد وقال لهم "انتوا بتشتموني في بيتي" ورد محمد زكي علي أحد أعضاء الحزب الوطني: نعتبر أنفسنا في بيت الأمة ليس في بيت سعد، وتم تغيير صيغة التوكيل وظهر مصطلح بيت الأمة من الحزب الوطني.

وللعلم الوفد لم ينتج الثورة، لكن الشعب من قام بها وخاصة الشباب، سعد سافر وفي نفسه شك في مدى صحة توقعاته بتحرك الناس.

ما دور اليهود في الثورة؟

مثلهم مثل باقي الشعب، الحاخام الأعظم لديهم حرر توكيلات لسعد وكذلك الطائفة اليهودية، منهم لين كاسترو، الذي أصدر جريدة باللغة الفرنسية يحكي فيها فظائع الإنجليز، العلم اللي كان في التظاهرات وقتها كان عليه الهلال والصليب ونجمة داوود، لكن العلم اللي عليه الهلال والصليب فقط ده علم حسن الإمام، والوفد عمره ما كان ليه شعار، كانت عبارة عن كلمة الوفد المصري فقط وذلك حتى عام 1952، وكان العلم باللون الأحمر وليس الأخضر، وأحد ضحايا الثورة كان يهوديًا وخرج جثمانه من الأزهر، وكان يوجد أحد الأشخاص حكم عليه بالإعدام من أبطال الثورة ديفيد هازال، والوزير يوسف قطاوي، اليهود كان لهم دورُا في الثورة، وكانت مصر غير اللي موجودة دلوقتي، لذلك غاندي كان يقول "كنت ماشي على خطى سعد وكنت معجب بطريقته في طبعات الوفد ونجحت في إدخال الطبقة الوسطى والمعدمة داخل الثورة مثلما نجح سعد، ولكنني فشلت في توحيد المسلمين والهندوس".

فيديو قد يعجبك: