إعلان

مؤتمر الإفتاء: الاختلاف الفقهي "رحمة واسعة"

06:33 م الثلاثاء 15 أكتوبر 2019

مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم

كتب - محمود مصطفى:

تصوير - نادر نبيل:

أكد الدكتور يوشار شريف داماد أوغلو أستاذ مساعد بجامعة آرسطوتاليس بقسم العلوم الإسلامية، ثسالونيكي - اليونان، أن الاختلاف الفقهي ضرورة من ضرورات الشريعة وهو رحمة واسعة على الأمة ما لم يؤد إلى التنازع والشجار والبغضاء، موضحا أن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا من قبلنا.

وقال يوشار شريف - في بحثه أمام مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، المنعقد بالقاهرة اليوم الثلاثاء وغدا تحت عنوان "الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي" والذي ينعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي ويشارك فيه 88 وفدا دوليا من مختلف دول العالم - إن الخلاف نوعان محمود ومذموم فالأول ما كان في فروع الدين وهو مستساغ ومشروع ولا يدعو إلى القطيعة والهجر بين المسلمين، بل هو رحمة وسعة على الأمة وهو الذي عبر عنه باختلاف التنوع، أما الاختلاف المذموم فهو الاختلاف في الأصول وبما كان قطعيا وواضح الدلالة والمخالف فيه خالف عن هوى ومكابرة وقد عبر عن هذا النوع باختلاف التضاد.

وتابع قائلا: أهم فوائد الاختلاف الفقهي يمكن أن تتحقق إذا ظل الاختلاف ضمن الحدود والآداب التي يجب الحرص عليها ومراعاتها، ولكنه إذا جاوز حدوده وضوابطه، ولم تراع آدابه فتحول إلى جدال وشقاق كان ظاهرة سلبية سيئة العواقب تحدث شرخا في جسد الأمة، فيتحول الاختلاف من ظاهرة بناء ورحمة، إلى معاول هدم ونقمة.

وقال الدكتور عبدالله المعتوق مستشار الديوان الأميري بالكويت، في كلمته، إن الاختلاف في المسائل الفقهية أمر طبيعي، لافتا إلى ضرورة إدارة الحوار البناء الذي يهدف إلى تنوير العقول ونشر العلم الذي يسهم في بناء الصرح الإسلامي ويعمل على النهوض بالأمة الإسلامية في جو يسوده الاستقرار والتسامح.

وأضاف أن الاختلاف العلمي سنة كونية منذ أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدا أنه ضرورة من الضروريات لمنع التنازع والعداوة والبغضاء.

بدوره، أكد الدكتور الحبيب علي الجفري رئيس مؤسسة طابا بأبوظبي تأصيل قبول التعدد والتنوع والاختلاف الذي لا يقتصر على فروع الفقه العقائدي فقط وإنما يصل إلى بقية العلوم، موضحا أننا بحاجة إلى التعلم والتنوير في شأن الاختلاف الفقهي حتى يسهم ذلك في القضاء على التناحر ونبذ العنف.

وقال الجفري إن التعامل مع التطرف والإرهاب إحدى الإشكالات المهمة، مؤكدا أنه يجب التنبه السريع لمتغيرات الزمان وفي طريقة نظرة الأجيال القادمة لها وتناولها فلابد من وجود ثقة في تبليغ كلام الله إلى هذه الأجيال من العلماء والأئمة وإعادة النظر في مسلسل الاختلاف ليتم إعداد جيل واع بما يتناسب مع متطلبات الزمان والمكان، مؤكدا ضرورة استيعاب ما يجري في واقعنا والتعامل معه.

وفي سياق متصل، دعا الدكتور على جمعه عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية السابق، إلى الاهتمام بوضع نظرية كلية لإدارة الخلاف الفقهي، يعد نمطًا جديدًا من أنماط التجديد الذي نسعى له جميعا لمواجهة كثرة التلاعب والتخبط الذي شاب ممارسات الجماعات المتشددة المعاصرة في قضايا الخلاف.

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء، في بحث له تحت عنوان "نحو نظرية كلية لإدارة الخلاف الفقهي" قدمه إلى مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وقرأه نيابة عنه الشيخ أشرف سعد محمود، أن أعضاء الجماعات المتشددة لم يتربوا في بيئة علمية محترمة مثل الأزهر الشريف ولم يتلقوا العلم على أيدي العلماء الربانين، فقست قلوبهم وحولوا الخلاف الذي هو في حقيقته مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية بالأمة المحمدية، وسبب من أسباب السعة والمرونة، إلى سبب من أسباب الشقاق وسوء الأخلاق.

وأشار جمعه إلى أن العالم الإسلامي يحتاج إلى صياغة هذه النظرية؛ لأن هؤلاء المتشددون لم يفرقوا بين الظني والقطعي ولا بين الثابت والمتغير، فاضطربت نظرتهم للفقه، وكفروا المخالف في قضايا الفروع، سواء أكانت فروعا في العقيدة أو فروعا في الفقه، والأمة الإسلامية الآن تتطهر من هذا الجمود والتشدد، وتتشبث بالمنهج الوسطي وسماحة الاعتدال، وتريد أن تعود بالدين غضا طريا كما كان في عهود سلفنا الصالح، وما تتابع عليه علماء الأمة جيلا بعد جيل.

وأوضح أن الحقيقة التي أجمعت عليها أمة الإسلام إجماعًا عمليا على مر القرون وتوالي الأزمان، أن اختلاف أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم في الظنيات رحمة كبيرة، وإن كان حديث (اختلاف أمتي رحمة) لم يرد مسندا بهذا اللفظ إلا أن معناه صحيح، والمسند المحفوظ ما أخرجه البيهقي والديلمي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء بأيما أخذتم به اهتديتم واختلاف أصحابي لكم رحمة».

وفي سياق متصل، قال الدكتور علي عمر الفاروق، مدير عام إدارة الحساب الشرعي وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن تقنين أحكام الفقه الإسلامي هو حلقة وصل بين الخلاف الفقهي والحكم القضائي لمنع تضارب الأحكام، واستقرار المعاملات بين الناس.

وأشار الفاروق إلى أن القضية ذاتها قد يختلف تفسيرها من فقيه إلى فقيه، ومن مذهب إلى مذهب، منوهًا بأن تنوع المذاهب يؤدي إلى السعة والتيسير ورفع الحرج.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان