"مصراوي" في كنيسة مسطرد.. مسلمون ومسيحيون يتباركون بأثر "مريم"
كتب - إسلام ضيف:
تصوير- أحمد طرانه:
على غير العادة، استيقظت السيدة نجاة –61 سنة-، همّت في ارتداء عباءتها السوداء، وانطلقت من منزلها في حدائق القبة بالقاهرة، لتقطع مسافة ليست بقليلة إلى كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمدينة مسطرد بمحافظة القليوبية.
وصلت السيدة الستينية الكنيسة المُطلة على ترعة الإسماعيلية.. وقفت في طابور طويل أمام مدخل الكنيسة، تنتظر الدخول بعد أن تُفتش من قِبل كشافة الكنيسة التي فجر انتحاري نفسه على مقربة منها منذ أسبوع مضى.
سألتها إحدى فتيات الكشافة عن بطاقة هويتها، بعدما لاحظت ارتدائها "حجاب"، لتخبرها "أنا جيا أتبارك بستنا مريم"، لتسمح لها الفتاة بالمرور بعد أن تترك بطاقة هويتها على البوابة.
كل عام، وعلى مدار 15 يومًا من 7 أغسطس وحتى 21 من نفس الشهر، تحتفل الكنائس التي تحمل اسم "السيدة العذراء" بمولد السيدة مريم، ويصومون لذلك ابتهالًا وتقربًا منها. يزور غالبية الأقباط الكنائس، يحضرون قداسات، وصلوات نهضة صوم السيدة العذراء.
يأتي الأقباط وغير الأقباط لـ"عذراء مسطرد" من مختلف الأماكن وتتعدد أسباب زيارتهم، كنجاة التي تأمل أن تساعدها السيدة العذراء على قضاء حوائجها "نفسي أجوّز ابني، وعندي حاجات مكبوتة في قلبي، جاية عشان الكبت ده، وجاية أدعي للعدرا إنها تقف معايا".
لم تكن زيارة الحاجة نجاة للكنيسة هي الأولى، فقد سبقها زيارة في 2014 "أنا جيت من أربع سنين هنا، واتباركت بيها.. حفيدتي كان عندها كهربا زيادة في جسمها، وكانت بتترمي في الأرض.. بقينا نجيب لها في مشايخ ونروح بيها لجوامع وأضرحة، لكن ما فيش فايدة، فشار عليا جماعة مسيحيين حبايبي إني أوديها كنيسة ستنا مريم".
تحكي الحاجة نجاة عن أول زيارة لها للكنيسة "أول ما جيت هنا قالولي إن العدرا فيها بركة، ولو زهقانة أو تعبانة أو فيكي حاجة، بأمر الله هتهون عليكي الكرب، ففي قسيس من الكنيسة رحت له، وقلتله ممكن تقرأ على حفيدتي، سألني ليه، فهمته، فقالي ماليش في الحاجات دي، وشار عليا إننا نزور الكنيسة، ونروح نشرب من البير الموجود".
ترى الحاجة نجاة أن الاحتفال بمولد السيدة العذراء، ليس مقتصرًا فقط على الأقباط "أنا مش مسيحية لكن كلنا اخوات، والسيدة مريم لها مكانة كبيرة عندنا كمسلمين في القرآن.. أنا أصلاً من شبرا.. ومتربية في بيت فيه 6 شقق مسيحيين، وهما اللي كانوا مربيّني.. كنا معاشرينهم وكلنا أخوات".
تجلس السيدة الستينية، لتستريح قليلًا بعد زيارتها المغارة الواقعة بالكنيسة، والبئر الشهير "أخدت بركة من المكان، وغسلت وشي بمياه البير، وشربت منها.. ومليت منها في كيس عشان أخده معايه أرشّ منه في كل ركن في الشقة". على بعد أمتار من الحاجة نجاة، تعالت أصوات الزغاريد احتفالًا بتعميد أحد الأطفال في "الأيام المباركة".
على بُعد خطوات من الحاجة نجاة، تهمّ أم مينا في الدخول للردهة المؤدية لمغارة الكنيسة التي زارتها العائلة المقدسة. تقع المغارة والبئر يسار مدخل الكنيسة الضيقة.
تصل السيدة الخمسينية إلى المغارة الممتلئة بصور وأيقونات السيدة العذراء، تردد دعوات وصلوات، تتلمَّس صور السيدة العذراء أثناء حملها السيد المسيح "بستنى من السنة للسنة عشان أجي المكان اللي كانت قاعدة فيه العدرا".
تزور أم مينا الكنيسة مرة واحدة خلال الـ15 يومًا هي مدة الاحتفال "باجي لوحدي الكنيسة هي مرة عشان ساكنة في شارع بورسعيد، وعقبال ما باجي باخد وقت".
رغم وجود العشرات من الكنائس المسماة بـ"السيدة العذراء"، إلا أن أم مينا ترى "عذراء مسطرد" مميزة عن غيرها "في كنيسة مسطرد هنا ستنا العدرا كانت فيها، مش زي أي كنيسة اللي بيكون قداساتها حد وجمعة بس".
منذ عشرة أعوام تقريبًا، يواظب نبيل وزوجته على زيارة الكنيسة في شهر أغسطس. ترى زوجته أن عدد زائري الكنيسة هذا العام قد انخفض "الكنيسة عمرها ما كانت كده، طوال الأيام الـ14 كانت بتبقى موت.. الناس ما بقتش تيجي ولا تهتم بالحاجات دي، رغم أن الزيارة جميلة".
من عزبة رستم بشبر الخيمة جاءت أم رأفت بصحبة ابنتها "باجي الكنيسة عشان بتمنى من ربنا إنه يشفيني.. رجلي فيها غرغرينا، وعندي مرض في الكلى".
"دي كنيستي من زمان، من قبل ما أتصاب كنت باجي كتير فيها، وكل يوم في عيد العدرا، لكن من ساعة ما رجلي ما اتصابت، مبقدرش أتحرك كتير واجي الكنيسة"، تتابع أم رأفت في حزن.
برغم الانفجار الذي وقع على مقربة من الكنيسة إلا أن عدد كبير من الأقباط حضروا إلى الكنيسة في اليوم السابق لليلة الكبيرة للمولد. "ولا هيهمنا انفجار أو غيره العدرا حاميانا"، تقول أم رأفت.
فيديو قد يعجبك: