صيادون مصريون يروون قصة إنقاذ يونانيين من حرائق الغابات
كتبت- مروة شوقي:
كلف محمد سعفان، وزير القوى العاملة، مكتب التمثيل العمالي التابع للوزارة بالسفارة المصرية بأثينا في اليونان، بلقاء الصيادين المصريين الذين ساهموا في عملية إنقاذ الناجين من حرائق الغابات بمنطقة "أتيكا" المحيطة بالعاصمة أثينا، وتقديم الشكر والتقدير لهم على ما أظهروه من شجاعة وجسارة في عملية الإنقاذ.
وتلقى الوزير تقريرًا عبر المستشار العمالي باليونان، أشرف فؤاد، أشار فيه إلى أنه زار الصيادين المصريين الذين أسهموا في عملية الإنقاذ للناجين من الحريق، في مدينة نياماكري.
وعرض المستشار العمالي في تقريره، وصف عملية إنقاذ اليونانيين من قبل الصيادين المصريين، قائلين: "أخرجنا عشرات الأفراد من عمق البحر في غضون ساعات قليلة، بعد أن تحولت قرية ماتي اليونانية، التي تقع على بعد 29 كيلومترًا شرقي أثينا، يوم الاثنين قبل الماضي، إلى كتلة من ألسنة اللهب المشتعلة وصل ارتفاعها عشرات الأمتار في الجو، اكتست السماء على إثرها بسحابة من الدخان الكثيف، وخلفت الكارثة مشاهد مأساوية لعائلات متفحمة، وأطفالًا لفظوا أنفاسهم الأخيرة في أحضان آبائهم، وغرقى على سطح البحر بعد أن فروا إليه خوفًا من الموت حرقًا، في حرائق هي الأكبر في تاريخ اليونان".
وبحسب التقرير، "كانت انطلاقة الاستغاثة الأولى من فيديو بث مباشر أطلقه الصياد المصري، محمود السيد موسى، يستنجد خلاله بمراكب الصيد الموجودة بالمنطقة القريبة من القرية لمساعدته في إنقاذ عشرات الأهالي، بعد أن تلقى صاحب المركب الذي يعمل على متنه، ويملكه الصياد اليوناني كوستاس أرفانيتي، استغاثة من أحد اليونانيين، يطلب منه مساعدته في العثور على زوجته المفقودة في البحر، فارتدى ملابس البحر وأحضر عوامات الإنقاذ، وانطلق هو وصاحب المركب اليوناني في طريقهما إلى القرية المنكوبة دون خوف من الموت".
وقال "موسى": "كنا هنحتفل في بيت صاحب المركب بعيد ميلاده، وفجأة جاتلي مكالمة منه يطلب أن أقابله لإنقاذ أهل قرية ماتي المنكوبة".
ويستكمل حواره مع المستشار العمالي، قائلًا: "تصادف يوم الحريق الذي اندلع نحو السادسة مساءً من الاثنين قبل الماضي، مع ذكرى ميلاد صاحب المركب اليوناني إلا أن الاحتفالية تحولت إلى مهمة إنسانية لإنقاذ أرواح العشرات من أهل القرية المنكوبة".
ويقول الصياد المصري: "كلما اقتربنا تجاه القرية ارتفع الدخان الأسود حتى غطى سطح البحر، وحجب عني الرؤية تمامًا، حتى وجدت نفسي أمام خيار صعب، إما خوض التجربة لإنقاذ الأهالي من الغرق، والموت خنقًا بدخان الحريق، الذي غطى السماء وحجب الرؤية في عرض البحر، وإما التراجع والنجاة بروحي، كان همي الأكبر إنقاذ الأهالي من الغرق، فكنت أول ما فعلته لحظة وصولي موقع الحدث، أن أطلق بثًا مباشرًا من المكان عبر صفحتي على فيسبوك استغيث بأصحاب المراكب والصيادين في المناطق المجاورة".
"اعتمادنا الوحيد في إنقاذ الناس كان على تتبع الأصوات، كل ما نمشي وسط الدخان نسمع صراخ الناس والأطفال، الحقونا الحقونا".. هكذا وصف الصياد المصري ابن عزبة البرج بمدينة دمياط المشهد في عرض البحر، مشيرًا إلى أنه كان يطلق عوامات مربوطة في حبل بالمركب في أماكن صوت الاستغاثات، ويسحبها ويجد شبابًا ونساءً ورجالًا عالقين بها، يضعهم على متن المركب حتى وصل عددهم في أول دفعة 23 فردًا و4 كلاب، جرى توصيلهم إلى البر، مردفًا: "كنا بنمشي ورا صوت صراخ الناس بس، ومش شايفين أي حاجة".
وعن أصعب موقف تعرض له "موسى"، قال: "لحظة استخراج طفل لم يتجاوز الخمس سنوات من عمره من وسط البحر، وأول ما طلعته اتعلق في رقبتي، وكان بيحضني، ويبوسني من فرحته".
ولا يزال مركب الصيد الأول الذي شارك في عملية إنقاذ أهل القرية المنكوبة يحوي آثار الفاجعة، بحسب قول "موسى": "عندنا في المركب بقايا هدوم بعض الأطفال اللي أنقذناهم مع أهاليهم".
وتحدث الصياد المصري الثاني "الخميسي"، والذي يعمل على مركب صيد شنشلا، وهي أكبر من الذي يعمل عليها الصياد الأول: "عثرنا على جثة رجل عجوز فضل ماسك إيد بنته لحد ما خرجناها على الشط.. وكانت هي عايشة".
وعلى متن إحدى مراكب الصيد، التى جاءت لتلبية الاستغاثة التي أطلقها "موسى"، حضر الصياد هاني الخميسي، ليشارك في عمليات الإنقاذ بصحبته 7 صيادين آخرين.
ووفق الخميسي، فإنه "فور وصولهم مكان الحادث في نحو الثامنة مساءً، فوجئ الجميع بظلام تام ودخان أسود يحجب الرؤية تمامًا في عرض البحر، وكما فعل المركب الأول، تتبعنا من معه أصوات نداءات الغرقى، واعتمدنا على ضوء الكشافات للتمكن من الرؤية، وكان أول الناجين فتاة في السابعة عشرة من عمرها.
وأضاف: "البنت كانت في المنطقة الغريقة في آخر البحر أول ما طلعناها قالت أنا مش مصدقة إني لسه عايشة.. عمري ما أنسى شكلها كانت فرحانة إزاي.. الروح حلوة".
وتمكن "الخميسي"، الذي يعمل باليونان منذ 11 عامًا، من إنقاذ 20 فردًا من عمق البحر، والصيادون المصاحبون له على متن المركب، وحسب وصفه، كان من بين الأفراد جثة رجل مُسن لقى مصرعه غرقًا، وظل متشبثًا بيديه في يد ابنته وزوجته اللتين ما زالتا على قيد الحياة، "فضل ماسك في إيد بنته حتى بعد ما طلعناه على سطح المركب وهو ميت".
لم تقتصر مهمة الصيادين المصريين على إنقاذ أهل القرية الفارين من الحريق إلى البحر فقط، بل قدموا لهم المياه، وبعض الأطعمة الخفيفة، حتى سلموهم إلى رجال الإسعاف اليونانيين في إحدى الجزر المجاورة، وبعد أيام قليلة من يوم الحادث، حاول بعض الناجين الوصول إلى الصيادين المصريين لشكرهم على شجاعتهم التي أنقذت حياتهم.
يقول "الخميسي": "معظم الناجين كل يوم بيكلمونا يشكرونا على اللي عملناه معاهم.. بس ده واجب قمنا بيه تجاه ناس منكوبة".
وشارك في عمليات الإنقاذ أيضًا كل من الصياد حسن الخميسي، ومحمد الزرقاوي وحسن طبنجات، وحسن الشربيني، وأشرف البرولسي، وكانوا يعملون على مركب صيد شنشلا.
فيديو قد يعجبك: