هل يهزم الإعلام الرقمي القنوات المصرية في معركة الإعلانات؟ - ملف خاص
أعد الملف- محمد عمارة:
الوقت: الثامنة مساءً
الحدث: انتهاء مباراة الزمالك والاتحاد السكندري في الدوري العام
اليوم: الخميس 12 أبريل
هدف مباغت أحرزه ويلسن أكاكبو، لاعب الاتحاد السكندري لفريقه في شباك أحمد الشناوي، حارس مرمى الزمالك، في الدقيقة 83 من الشوط الثاني، يعقبها نظرة حزن من "الأب"، لتباغته زوجته، بأن موعد إذاعة المسلسل قد أوشك.
"لازم أشوف الاستديو التحليلي، لأن غالبا إيهاب جلال، المدير الفني للزمالك قدم استقالته"، يقولها الأب بنبرة يملأها الحسرة على تراجع مستوى ناديه، ومتمسكا بمتابعة ما آلت إليه الأمور، قبل أن تقاطعه زوجته: "لازم أشوف المسلسل، دي الحلقة الأخيرة"، ليدخل الابن على خط المناقشة: "هو لسه في حد بيستنى المسلسل على التليفزيون، كل أصحابي عندهم نيتفليكس إلا إحنا".
يرد الأب: "نيتفليكس إيه! مش كفاية اشتراك باقة كأس العالم بقت غالية، روح شغل اليوتيوب وهات المسلسل، لأن لازم أشوف الاستديو بعد الماتش"، يكمل الابن كلامه: "يا بابا عدد المشتركين في نيتفليكس تخطى الـ117 مليون مشترك من أسابيع بس، وبيقدم مسلسلات وأفلام حلوة أوي، لأنه عارف الناس عايزة إيه، وعشان كدا ناجح، دا حتى فيه شركة اتصالات هنا في مصر، أنتجت إعلان على النت، وحقق نجاح أكتر من الإعلان اللي اتعرض على التليفزيون، والشركة تقريبا اكتشفت إن جمهورها على النت أكتر، وبتقدر كمان تعرف عنهم كل حاجة، زي ما شركة أمازون اشترت في أمريكا سلسلة كبيرة من المتاجر، عشان تعرف جمهورها بياكل إيه، وتقدر من حجم المعلومات المتاحة ليها، إنها تقدم خدمات مناسبة لجمهورها".
يواصل الابن: "بذمتك يا بابا انت بقيت بتشتري جرايد زي الأول، طب انت عارف إن شركة كلينز بيركينز في أمريكا، قالت إن الإنفاق على التليفزيون تراجع في 2016 إلى 38% فقط ودا لصالح الانترنت اللي استحوذ على 20% والموبايل 21%، حتى في مصر، الفرد الواحد بيتعرض للنت بمعدل 8 ساعات و 9 دقائق، في حين بيتعرض للتليفزيون بمعدل ساعتين أو تلاتة بالكتير".
يشير الأب بيده: "يعني انت عايز تقولي إن التليفزيون بينتهي"، ليرد الابن: "لا، بس المستقبل كله للانترنت، زي ما الجرايد بتنتهي الانترنت هيغلب التليفزيون"، تتدخل الأم بنبرة مرتفعة: "نص المسلسل ضاع في نقاشكم دا.. الحلقة قربت تخلص".
ربما يحيلك هذا الحوار التخيلي، إلى أحاديث جانبية قد سمعتها في بيتك أو شاهدتها في أي مكان، عن حاجة الشباب لمشاهدة محتوى جيد عبر منصات أخرى غير التي يقدمها التليفزيون.
مصراوي، حاول أن يجيب عن السؤال: هل يهزم الإعلام الرقمي القنوات المصرية في معركة الإعلانات؟
يقول عمرو قورة، المنتج والخبير الإعلامي، إن بعض قنوات "ماتت ولازم تتقفل خلاص، والمنصات الإليكترونية ستقتل التليفزيون والسوق الإعلاني سيتغير، وأن المستقبل لمنصات الديجيتال، التي يفضلها المُعلن، كونه يستطيع معرفة عدد المشاهدين وتحديد الفئة المستهدفة".
وفي فبراير الماضي، نشرت فيلمتايك Filmtake، وهي شركة خدمات بحثية إعلامية مقرها الولايات المتحدة، تقريرًا يفيد بانخفاض عوائد الإعلانات للشبكات التليفزيونية الأربع الكبرى في 2017 بنسبة 8% لأول مرة منذ عشر سنوات، وسبقه تقرير آخر يفيد بخسارة خدمات التلفزيون الكابلي 2 مليون مشترك أمريكي في 2017، مع توقع خسارتهم مليونًا آخرين في الربع الأول من 2018. التقريران أكدا أن الإعلانات فرّت وراء المشتركين إلى الفضاء الإلكتروني.
هذا الانخفاض المستمر يمثّل ضربة قوية للشبكات التليفزيونية التي تعتمد في تمويل وإنتاج برامجها على الرعاية وعوائد الإعلانات، وبالتالي، فإن قدرة خدمات التليفزيون الكابلي على تقديم وجبة متنوعة من البرامج تقل مع قلة مشتركيه وبالتالي قلة عوائده. ومع توفير جوجل وفيسبوك خدمات أكبر للمعلنين كالقدرة على تحديد الجمهور المستهدف بدقّة في ظل قلّة تكاليف الإعلان الإلكتروني مقارنة بالتليفزيوني، فإن عوائد الشركات تستمر في الإنخفاض.
من حانبها تقول ليلى غويلاني ليارد، المتحدثة باسم Netflix في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إنهم يسعون لتوسيع قاعدة مشاهدتهم في المنطقة، وأنهم يعلمون أن المشاهد في العالم العربي يتجه إلى مشاهدة Netflix في شهر رمضان، وترتفع نسبة المشاهدة في منتصف الليل - وبالأخص بين الساعة 2 صباحًا - 5 صباحًا.
وأضافت لمصراوي: "الناس يحبون محتوى التلفزيون وأكثر من مليار ساعة من المحتوى التلفزيوني يتم مشاهدتها في جميع أنحاء العالم كل يوم. ولكن هناك مشاهدين يحبون عروض معينة ومميزة في وقت معين، وهذا هو السبب وراء تزايد الخدمات عبر الإنترنت مثل Netflix التي توفر المحتوى عبر الإنترنت في أي مكان".
محمد جودة، نائب مدير عام شركة ميديا لاين، الوكيل الإعلاني والمالكة لشبكة تليفزيون النهار، كشفا أبعادًا أخرى من الأزمة بأن سوق الإعلانات في مصر يشهد تخبطًا كبيرًا، لعدة عوامل، منها الحالة الاقتصادية لمصر، وكذلك تحرير سعر الصرف، الذي أدى إلى تقليص بعض الميزانيات.
وأضاف جودة لمصراوي، أن حجم الإعلانات كان 3 مليارات جنيه، أما الآن فهذا الرقم تقلص كثيرًا، موضحًا، أن المعلن يذهب إلى منصات الديجيتال، ويفضلها أكثر، وتتيح له فرصة معرفة حجم المشاهدة، وتقل تكلفتها كثيرًا عن التليفزيون.
وتوقع الوكيل الإعلاني لشبكة تليفزيون النهار، إغلاق بعض القنوات، أو إعلان إفلاسها، خلال السنوات الثلاث المقبلة، مؤكدًا أن المعلنين سيتجهون بشكل كبير للديجيتال، وعلى القنوات أن تحافظ على الشريحة التي ما زالت تشاهد التليفزيون، فحجم المشاهدة للشاشة الكبيرة الآن لا يتخطى 30 مليونًا، وهذا الرقم قابل للانخفاض.
وإلى قصة الصراع بين "التليفزيون والإعلام الرقمي"..
عمرو قورة: الديجيتال هو المستقبل وسيقتل التليفزيون - حوار
الوكيل الإعلاني لـ"النهار": نصف مليار جنيه سنويًا ميزانية إعلانات الديجيتال - حوار
المتحدثة باسم Netflix لـ"مصراوي": المحتوى الذي نقدمه وراء تزايد مشاهدة الشبكة
التليفزيون الأمريكي يخسر 2 مليون مشترك في عام واحد.. هل مصر على الطريق نفسه؟
فيديو قد يعجبك: