"إسرائيل دمرت ولا بذور لها".. قصة لوحة نصر "مرنبتاح" بعد نقل عموده
كتب ـ يوسف عفيفي:
"إسرائيل دمرت ولا بذور لها".. كانت هذه العبارة المدونة في لوحة نصر الملك "مرنبتاح" الذي حكم مصر بين 1213 - 1203 قبل الميلاد، سببا في ادعاء البعض أنه "فرعون الخروج"، الذي طارد سيدنا موسى وقومه بعد هروبهم من مصر.
الادعاءات نفسها أعيد طرحها اليوم مع نقل عمود الملك "مرنبتاح" من قلعة صلاح الدين إلى المتحف المصري الكبير، رغم تكذيب علماء المصريات لها أكثر من مرة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تستغل فيها عملية نقل عمود "مرنبتاح" في إطلاق هذه الادعاءات. يتذكر عالم المصريات الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، ما حدث حينما أمر بنقل العمود نفسه من المطرية إلى القلعة، قبل 12 سنة: العمود كان جزءا من معبد أقامه الملك مرنبتاح تخليدا للإله رع إله الشمس، ومقر عبادته في هليبوليس، والمعبد دمر تماما ولم يتبقى منه غير هذا العمود، وأثناء مروري بمدينة المطرية، رأيت العمود مليء بالقمامة والأتربة الكثيفة، فقررت نقله للقلعة لترميمه.
وأضاف: وقتها أثار بعض الخونة ومن يسعون لعمل بلبلة في الرأي العام زوبعة، وزعموا أن مرنبتاح هو فرعون الخروج وعليه كتابات ونقوش تشرح ذلك.
ورد الأثري المصري الكبير على هذه الادعاءات قائلا: هذه النقوش والكتابات الموجودة على العمود، تخص اسم الملك فقط وبعض الدعوات له ولا يوجد أي أثر إطلاقا لقصة الخروج وبني إسرائيل.
وأضاف: لا يمكن أن يكون مرنبتاح هو فرعون الخروج لعدة أسباب منها أن لوحة النصر التي ترجع لعهد الملك مرنبتاح الموجودة بالمتحف المصري يوجد عليها نص كتبه شاعر يمجد في الملك مرنبتاح، وهذا الشاعر يصف أنهم يعيشون في عصر رخاء "عصر مرنبتاح"، وأن شعب إسرائيل أبيد وانتهت بذرته، وطبقا لما ورد في الكتب السماوية فإن فرعون الخروج غرق.
وقال حواس: النص الخاص بلوحة الانتصار لا يمكن أن يكون كتبه الشاعر لمدح ملك ميت، ويؤكد أن مرنبتاح كان حيا، وأن فرعون الخروج هو أي شخص قبل مرنبتاح وكل ما قيل ويقال عن عمود مرنبتاح إشاعة تهدف لتدمير مصر بالمعلومات الكاذبة، ومن يزعم وجود للشعب الإسرائيلي وقتها كاذب ومضلل للتاريخ.
وأكد حواس: لوحة "الانتصار" مرنبتاح" بالمتحف المصري توضح أن شعب إسرائيل أبيد وانتهت بذرته أي أن شعب إسرائيل خرج قبل عهد مرنبتاح وليس له صلة بفرعون موسى إطلاقا.
ووجه حواس رسالة لكل من يضلل التاريخ، قائلا: "هم ليسوا وطنيين ويسعون للخراب وعليهم إظهار الحقيقة بعلم وفكر، وكل الإشاعات التي قيلت في عمود مرنبتاح قديمة وتدل على التخلف ومن أخرجها "حاصل على دبلوم صنايع".
من جانبه، قال أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار، إن كل ما ورد عن وجود نقوش على عمود الملك مرنبتاح تمثل خروج بني إسرائيل من مصر "كذب وتخلف"، وتدل على عدم الدراية بعلم التاريخ المصري.
وأوضح أن عمود "مرنبتاح" منقوش عليه نص من 4 أسطر يتحدث عن الانتصار التاريخي العظيم الذي حققه على الليبيين في العام الخامس من عهده في حدود الدلتا الغربية (حوالي عام 1208 ق.م)، وهي إحدى المعارك الحربية الشهيرة والخالدة خلال عصر الرعامسة.
وأكد أن عهد الملك مرنبتاح شهد العديد من الانتصارات التاريخية على الليبيين وشعوب البحر، وقال إن ما أشيع عن أنه "فرعون الخروج"، غير صحيح تماما ومرجع ذلك إلى أن كلمة إسرائيل وردت للمرة الأولى والأخيرة في النصوص المصرية في لوحة بالمتحف المصري تحمل رقم CGC 34025, JE. 31408، وهى اللوحة المسماة بـ "لوحة انتصارات الملك مرنبتاح"، والتى شاعت تسميتها خطأ في أوساط علم المصريات منذ اكتشافها بلوحة إسرائيل.
يعتبر ذكر قبيلة إسرائيل على اللوحة هو الدليل الأوحد بخلاف ذكرها في التوراة من مصدر تاريخي، وترجع تلك الفقرة إلى عهد الرعامسة. ولا وجود لذكرهم بعد ذلك إلا أثناء حكم النبي داوود الذي حكم فلسطين نحو عام 900 قبل الميلاد. وأما انتماء قبيلة يسرئل المذكورة في لوحة مرنبتاح إلى إسرائيل الدولة التي تأسست في عهد الملكين داوود وسليمان فيختلف المؤرخون بشأنه.
ويبلغ ارتفاع اللوحة 310 سنتيمتر وعرضها 160 سنتيمتر وسُمكها 32 سنتيمتر، وكانت أساساً لمعبد الموتى لأمينوفيس الثالث من الأسرة الثامنة عشر ومكتوب على خلفيتها تقرير عن المنشآت التي قام بها الملك في غرب طيبة وفي سوليب والأقصر والكرنك. وفي عهد العمارنة أزيل جزء من الصيغة المنحوتة عليها، واستخدمها الفرعون سيتوس الأول من الأسرة التاسعة عشر بعد ترميمها كلوحة تذكارية للإله آمون.
فيديو قد يعجبك: