إعلان

"تفصلهما سِتارة".. كيف تقاسم إرهابي حلوان وإحدى ضحاياه غرفة المستشفى؟

10:18 م الإثنين 01 يناير 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – أحمد جمعة:

تساءل سمير لمعي: هل يُمكن أن يقتل إرهابي اثنين من أفراد أسرتك، ويُصيب والدتك، ثم تجده يرقد بجوارها في الرعاية المركزة؟

لم يكن الشعور سهلاً على أسرة السيدة "عواطف صفوري"، إحدى مصابات الهجوم على كنيسة مارمينا بحلوان، تلك العائلة التي صُدمت بما شاهدته فور دخولها إلى غرفة الرعاية المركزة بمستشفى الإنتاج الحربي بعد ساعات قليلة من الحادث، إذ وجد أفرادها القاتل نُصب أعينهم، لا يبعدهم عنه سوى بضعة أمتار، تجمعت ضدّه كل مشاعر الكراهية التي من الممكن أن يحملها أي إنسان، لكنه في عالم آخر، بينما أجهزة التنفس الصناعي موصولة به في محاولة لإنقاذه.

أوجاع عائلة "عواطف" لم تقتصر عليها فحسب، فالحادث الذي راح ضحيته 9 شهداء، وأصيب 5 آخرون، كان من بينهم ابنا شقيقتها "سميرة"، وهما: عماد وصفاء عبد الشهيد، وأصيب زوج صفاء، عماد فرج؛ بطلق ناري في البطن، ويخضع للعلاج بمستشفى معهد ناصر منذ يوم الجمعة الماضي، ليستمر عزاء الأسرة حتى إشعار آخر، بعد أن كانوا في قداس الذكرى السنوية لأحد أبناء العائلة وقت الهجوم على الكنيسة، وليسقط بينهم العدد الأكبر من الضحايا.

لـ3 أيام كاملة، كان تردد أبناء "عواطف" عليها في المستشفى صعباً، فوجود الإرهابي داخل ذات المستشفى، ونفس الدور، فرض تشديدات أمنية على الدخول والخروج، ولم تتح لهم رؤية والدتهم بسهولة إلا بعد الحصول على عدة موافقات، وفي كل مرة يدخلون إليها يتضرعون إلى الله عسى أن يلهم والدتهم مزيدًا من القوة للعودة مرة أخرى: "هي كبيرة في العمر حيث تبلغ 76 سنة، ومريضة بأمراض مزمنة مثل القلب والضغط، وكان من الصعب عليها أن تمر بحادثة زي دِه، وكان أملنا في ربنا كبيرًا بأن ترجع لنا تاني".

في منعطف الدخول إلى غرفة السيدة عواطف، شاهد أبناؤها وأفراد أسرتها الإرهابي إبراهيم إسماعيل، منفذ الهجوم على الكنيسة، محمولاً على "ترولي" ًفي سبيله إلى غرفة العمليات بحلول الثالثة عصر الجمعة؛ لإجراء جراحة إثر الرصاصة التي تلقاها وأسقطته أرضاً، بينما كان يوزع رصاص سلاحه الآلي عشوائيا في الشارع الغربي بحلوان، بعد دقائق من استهداف الكنيسة.

صرخات أطلقتها "ميري ميلاد"، بينما دلفت إلى حجرة "حماتها" عواطف: "شفناه بعنينا داخل قدامنا للعمليات، وافتكرت في المشهد دا صفاء وعماد وحالتهم الصعبة".

تخلص سمير لمعي ابن السيدة عواطف من كل مشاعر الكراهية تجاه القاتل. هو الآن مُسجى أمامه، لا يفصله عن والدته سوى "ستارة" داخل غرفة الرعاية. يتذكر ساعات الألم من فقدان أولاد خالته، ووالدته الموجودة بين الحياة والموت إلى جواره: "كنت بقول ربنا يسامحك ويشفيك، لأن ربنا هو اللي بيبرد نار أهالي الشهداء، وهو اللي هيجيب حقهم، الله يكون في عونه، لما ربنا يحاسبه على قتل ناس بسيطة ملهاش علاقة بأي حاجة، لكن مشكلة اللي عمله إنه موت ناس غلابة قوي، وكانوا عايشين اليوم بيومه".

سألناه: "هل كان ممكناً أن تنتقم منه؟"، لم يتردد، وأجاب على الفور: "الانتقام مش طبعنا، مبنقتلش ولا ننتقم، إحنا بنسيبها على ربنا"، لكن المشهد لم يكن يرضيه في جميع الأحوال: "حاجة كانت تضايق إننا نشوفه كل ما ندخل لأمي".

وبحسب مصدر طبي مُطلع، فإن الإرهابي خضع لعملية جراحية لاستخراج الرصاصة التي أصابت قدمه اليمنى، وعلاج بعض الكدمات المتفرقة بالجسد جراء اعتداء الأهالي عليه؛ لتسليمه إلى الجهات الأمنية والقضائية؛ لاستجوابه بشأن الحادث.

تحسنت الحالة الصحية للسيدة عواطف بعض الشيء، وخرجت من غرفة الرعاية المركزة بعد استقرار حالتها، لكنها لم تغادر المستشفى حتى الآن انتظارًا لاستكمال مراحل العلاج: "الطلقة دخلت في ظهرها من الجانب الأيسر وخرجت من بطنها، وعملت عملية استئصال بالأمعاء بعد تهتكها، وبتتكلم بسيط جداً معانا دلوقتي"، حسبما تقول ميري ميلاد.

لا تزال ميري مُمسكة بتفاصيل ما جرى يوم الجمعة "الدامي"، لن تنساها ما عاشت، ولن يغيب عنها صوت "صديقتها" صفاء وزوجها عماد، فهما "أغلب من الغُلب" حسب وصفها: "صفاء خدت الرصاص عن ماما، وسايبين حقنا عند ربنا".

ومع استقرار حال والدته، لا تزال في قلب "سمير لمعي" غُصة، ويأمل أن يجد أبناء "عماد وصفاء" الرعاية الكاملة من جانب الدولة: "المفروض يقفوا مع الناس دي، وياريت يعملوا حاجة لأولاد صفاء اللي ماتت وجوزها لسه في المستشفى، ودول أكتر حاجة تضايق في الحادثة، ويا ريت التعامل معاهم يكون زي شهداء البطرسية وينالوا الرعاية المناسبة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان