كرم جبر: الإعفاء ينتظر القيادات المُقصرة..وتحويل الورقي إلى إلكتروني فكرة "عفا عليها الزمن" -(حوار)
حوار - هاجر حسني وأحمد جمعة:
تصوير - أحمد النجار:
قال كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، إن ديون المؤسسات القومية تجاوزت 15 مليار جنيه، وتسعى اللجنة التنسيقية لإصلاح الصحف القومية لوضع مشروع الإصلاح معتمدة على 4 اتجاهات، مضيفًا في حواره لمصراوي، أن خطة الإصلاح لا تستهدف الإضرار بالعاملين وتعتبرهم "خط أحمر".
وعن الوقت الذي تتطلبه الخطة للنهوض بأوضاع المؤسسات، أكد جبر أن الأمر لن يستغرق كثيرا، وأن اللجنة تسعى إلى الانتهاء من وضع تفاصيل الخطة للبدء في تنفيذها، مشيرًا إلى أن هناك حساب لقيادات المؤسسات القومية لتقييم إنجازاتهم منذ تعيينهم، وأن الإعفاء ينتظر القيادات التي لا تحقق أي تقدم ملموس في مؤسساتها، وإلى نص الحوار:
حدثنا عن آخر ما توصلت إليه اللجنة المُشكَلة لإصلاح المؤسسات القومية؟
مشروع إصلاح الصحافة القومية بدأ بالتعاون مع وزارة التخطيط من خلال اللجنة التنسيقية، وأنا أتناوب الرئاسة مع الوزيرة هالة السعيد، وخلال أسبوعين أو 20 يوما على الأكثر سيتم الإعلان عن تفاصيل هذا المشروع، وعقدت اللجنة اجتماعين وضعت خلالهما الملامح الأساسية للمشروع، وتم الانتهاء من حصر كل الديون المتعلقة بالمؤسسات الصحفية بكل أنواعها خاصة وأنها ديون متراكمة منذ أكثر من 40 سنة، وتتجاوز الـ 15 مليار جنيه، وهذه الديون تحتاج إلى فحص لأن حوالي 70% منها يتعلق بالفوائد.
هل هناك خطة أو مؤشرات أولية للتعامل مع أزمات المؤسسات القومية؟
نعم، هناك أربعة اتجاهات لعمل اللجنة، أولها الديون ثم الأصول الخاصة بالمؤسسات والعمالة واللائحة النموذجية للمؤسسات الصحفية.
ما هي خطة الهيئة للتعامل مع هذه الديون؟
الهيئة ستبدأ في التعامل معها على عدة مراحل من خلال مفاوضات مع البنوك لإسقاط هذه الديون، أو السعي لسن تشريع لإسقاطها، خاصة وأن بعضها قديم وهذا النوع سيتم إرجاؤه إلى مرحلة لاحقة، ولكن بداية من الموازنة الجديدة سيتم سداد التزامات هذه المؤسسات أولًا بأول.
ذكرت أن أصول تلك المؤسسات كجزء من الخطة، ماذا أعدت اللجنة في هذا الإطار؟
المؤسسات الصحفية القومية تمتلك أراضي ومباني، تم حصر هذه الأصول والأعباء المُحَملة بها من نزاع قانوني أو إداري أو أقساط لم يتم دفعها، وطلبنا من المؤسسات البحث من جديد لإعادة استثمار هذه الأصول في أنشطة أخرى، وبعض هذه المؤسسات ستشهد نهضة كبيرة خلال الأيام القادمة لأن لديهم أصول قوية تمكنهم من الوقوف مرة أخرى.
وهل قدمت المؤسسات مقترحات لاستثمار هذه الأصول؟
بعض المؤسسات قدمت خططا فيما يخص الإعلانات الخارجية، وكذلك البعض قدم مقترحات فيما يخص استغلال الأراضي التي تملكها لإقامة جامعات، وهي مشروع استثماري ضخم، وقانون الهيئة يسمح للصحف بإنشاء شركة مساهمة مع مستثمر آخر، وسيكون هناك حركة جيدة ونتائج ملموسة.
وماذا عن ملف العمالة كاتجاه هام في إصلاح الصحف القومية؟
تم عمل حصر للعمالة الموجودة في كل مؤسسة بتاريخ دخول الخدمة والخروج والمؤهلات الدراسية الحاصلين عليها والاحتياجات التدريبية للمؤسسات، لإعداد برامج تدريبية تحويلية نستطيع من خلالها توظيف العمالة، لأن العمالة في الصحف لها سمتين أساسيتين؛ وهي أن الأعداد كبيرة والوظائف التكنولوجية والفنية والمهارات الخاصة مفقودة، لأن معظم الصحفيين العاملين بها من خريجي معهد التعاون أو الجامعات المفتوحة، وهذه ليست مسؤوليتهم ولكنها تراكمات حدثت بعد ثورة 25 يناير.
وماذا تقصد بالتدريب التحويلي للصحفيين؟
التدريب التحويلي مشروع كبير يستهدف حسن استخدام العمالة وكذلك برنامج تدريبي طموح للتحرير والدراسات القانونية، وأزعم أن عدد كبير من الصحفيين لا يعرف عن قضايا السب والقذف وما هو المسموح والمحظور في الكتابة، ولا يعرف الأحكام الصادرة التي تؤسس لأخلاقيات النشر، فلابد من وجود توعية حتى يعرف الصحفي كيفية التحرك، وكذلك تدريب القيادات الإدارية على أصول الهيكلة والإدارة.
وهل تتضمن الخطة نية للاستغناء عن عدد من العاملين بالمؤسسات؟
بالطبع لا، فالهيئة وضعت قاعدة تتضمن عدم المساس بالعمالة وحقوقها، لأن العمالة خط أحمر، وإذا كان هناك خطة للإصلاح فهي تستهدف رفع مستوى العاملين وليس الإضرار بهم.
حدثنا عن الاتجاه الرابع في خطة الإصلاح والمتعلق باللائحة النموذجية للمؤسسات؟
اللائحة النموذجة للمؤسسات الصحفية تتضمن القوانين والإجراءات وضرورة إجراء الاجتماعات في أوقات محددة لأن قانون الهيئات ينص على أن مجالس التحرير هي المختصة بسياسة التحرير وتكون هي الإدارة الفعلية وليس رئيس التحرير وحدة، فهو لا ينفرد بالقرار ولكن ينفذ السياسة التي وضعها مجلس التحرير، وبالتالي فالهيئة تم إخطارها ببعض أسماء أعضاء مجالس التحرير في بعض الصحف وستستكمل خلال هذا الأسبوع المقبل تلقي باقي الأسماء، فالهيئة لابد أن تعي صلاحيات مجلس الإدارة والوظائف الهامة كمديرين العموم.
وما دور الهيئة في ذلك؟
قانون الهيئات ينص على اجتماع مجلس الإدارة مرة كل شهر، فلابد أن تطلع الهيئة على محضر الاجتماع والقرارات والسياسة التحريرية لمراقبة هذه الصحف.
كيف تم رصد الأوضاع المالية للصحف؟
كل مؤسسة صحفية قدمت في السنة الجديدة تصور شامل للإيرادات كاملة، وكذلك النفقات، وهناك فجوة في معظم المؤسسات بين الاثنين، وكذلك قدمت تصور لخطة لزيادة الإيرادات وخفض النفقات حتى نصل إلى تقليل العجز، وهذه الخطة بعد مناقشتها مع مجالس إدارات الصحف تناقشها الهيئة معهم وتحدد البنود التي تعهدت بها كل صحيفة وامكانية تنفيذها، لأن هذا التصور سيكون ورقة الحساب لرؤساء مجالس الإدارات.
ما هي آلية محاسبة قيادات الصحف والإجراءات التي ستتخذها الهيئة في حالة التقصير؟
سيتم مراجعة ما توصلوا له مرة كل ثلاثة شهور، وبالتالي سيرتبط الدعم المقدم من صندوق دعم الصحفي بالهيئة بمدى الانجازات التي تم تحقيقها في كل مرحلة، وفي نهاية العام سيكون هناك حساب يُتيح للهيئة اتخاذ أي إجراء ضد قيادات المؤسسات التي لم تحقق إنجازات، وتصل هذه الإجراءات لإعفاء هذا المسؤول من منصبه.
ولكن ألا ترى أن هذه الإجراءات تتطلب وقتًا طويلًا؟
ربما يرى البعض أن هذه الإجراءات طويلة، ولكن قديمًا كانت خطط الإصلاح يتم وضعها من قبل لجان تتخذ سنوات لوضعها، أما الهيئة فلخصت كل التوصيات ووضعت إطار زمني أسبوعين أو ثلاثة للانتهاء من خطة الإصلاح، على أن تعقد اجتماع تحضره وزيرة التخطيط للوصول إلى برامج إصلاحية تطمئن الهيئة إلى جدواها ثم تنفيذها.
هل فكرة الدمج مطروحة ضمن خطة الإصلاح؟
الخطة التي سيتم وضعها لإصلاح المؤسسات الصحفية ستكون متفقة مع وضع هذه الصحف وليست خطة عامة تُطبق على أي شركة أو كيان، لأن معظم هذه الخطط التي تتبعها شركات أو كيانات أخرى تعتمد على ركنين أساسيين وهما التصفية والدمج ونحن نرفض ذلك، إلا إذا رأت بعض المؤسسات أنها تحتاج للدمج ونحن وضعنا خط أحمر في هذه النقطة وهو عدم المساس بحقوق العاملين.
وهل نقل العمالة من مؤسسة لأخرى أمر وارد؟
ليس مطروح الاستعانة بعمالة من مؤسسة إلى مؤسسة أخرى، لأن كل مؤسسة بها ما يكفيها ويزيد من العمالة.
هل طلبت الهيئة وقف التعينات؟
لا نحن لم نطلب ذلك، ولكن نطلب من المؤسسة توفيق ظروفها حسب أوضاعها، لأن دور الهيئة ليس إملاء قرارات ولكن مساعدتها للتوصل إلى قرارات سليمة.
كيف ترى فكرة تحويل الصحف القومية إلى إلكترونية؟
تحويل الورقي لإلكتروني فكرة "عفا عليها الزمن" وتعتبر من الأفكار التي تًقال دون التدقيق فيها، لأن الصحافة تقوم حاليًا على وسائط النشر المتعددة، والورقي وسيط من الوسائط بجانب الوسائط المسموعة والإلكتروني ومواقع التواصل، وبالتالي فلابد أن ننهي الفروق بين الصحفي الإلكتروني والورقي، لأنهما في النهاية صحفيين، وقانون الهيئات ينص على أن الصحيفة هي كل إصدار ورقي أو إلكتروني وبالتالي فالصحفي الإلكتروني ليس درجة ثانية، ولكن الصحفي الورقي مطلوب منه أن ينمي قدراته في الصحافة الحديثة.
هل تسعى الهيئة إلى الاستفادة من دول أخرى في تجربة إصلاح الصحفي القومية؟
من ضمن الخطط التي نناقشها أن دولا مثل الهند واليابان حدثت بها طفرة عظيمة في الصحافة الورقية ووزعت ملايين النسخ، مع إن اليابان والهند دول متقدمة تكنولوجيًا، ومع ذلك حدثت طفرة، فنحن طلبنا من الدكتور محمود علم الدين عضو الهيئة جمع هذه الدراسات وإعدادها لكي يتم الاستفادة منها، بحيث تكون الدراسة هادية ومرشد لنا، ومن الممكن أن تكون بعض عوامل هذه النهضة أن تكون مفيدة للصحافة الحزبية والقومية والخاصة، خاصة وأن ظروف الهند كدولة نامية قريبة من ظروف مصر، ونحن عاكفين على إصدار الدراسة وتحديد ما يمكن تمصيره منها.
كيف سيتم التعامل مع الإصدارات التي لا تحقق الحد الأدنى من التوزيع؟
كل الصحف القومية بلا استثناء معدلات التوزيع بها هبطت بشدة، وهناك 3 صحف مازالت تتصدر التوزيع وهي الأهرام والأخبار والجمهورية، فالإصدار الورقي يحتاج ثورة تحريرية وتغيير مفاهيم، وأن يلجأ الصحفي لما يريده القارئ وتطويع مفاهيمها للاقتراب منه، حتى يجد القارئ في الصحيفة ما لا يجده في صحيفة أخرى أو في المواقع الإليكترونية، وهذا يتطلب جهدا وحلولا إبداعية، وأزعم أن الفئة الأكثر قراءة في المجتمع هي الشباب، ولكنهم لا يجدون ما يبحثون عنه، ولذلك فالصحافة الورقية هي ضحية الصحفيين.
مضى شهرين على قرارات التعيينات الجديدة.. كيف ترى الأوضاع حاليًا؟
هناك بدايات مبشرة خاصة وأن أوضاع المؤسسات في الفترة الماضية كان يشوبها الغموض، فبدأت السلطة الحقيقية في إدارة المؤسسات تعود لمجالس الإدارات بدلًا من اختزال رئيس مجلس الإدارة لها والذي أدى للكثير من المشكلات والتعثر وقتها، وخلال الفترة القادمة سيكون هناك نهضة كبيرة في شكل ومضمون الصحف.
وما هي الإصدارات التي بدأت في التغيير؟
الأهرام بدأت تعود لرسالتها، وأخبار اليوم كذلك لكونها جريدة شعبية، كذلك الجمهورية تميزت بانطلاقة جديدة، ومجلة كحواء بها طفرة جيدة جدًا، وكذلك مجلة الديوان.
وماذا عن "صحف الجنوب" –أي روز اليوسف ودار الهلال ودار المعارف؟
لم يعد هناك فرق بين صحف الشمال والجنوب وكان المعيار قديمًا في التفريق بينهما هو القدرات المالية لكل مؤسسة، وحاليًا المؤسسات جميعها تعاني من مشكلات مالية وبالتالي سقطت هذه الفروق.
ما هي أبرز ملاحظات الهيئة على قانون الصحافة والإعلام؟
القانون تم مناقشته وهو قانون جيد وبه ضمانات للصحفيين وحرية الصحافة، وطلبنا تعديل على مادتين وهما مد سن للصحفيين حتى 65 عام ولكن بضوابط وهي أن تكون مدة الإجازات التي تمتع بها الصحفي لا تزيد عن ثُلث مدة خدمته، وهذا منطقي لتحقيق العدالة والمساواة، وضمان آخر وهو التواصل في الكتابة والإنتاج، أما المادة الأخرى كانت اختلاف رؤية الهيئة والبرلمان حول الجمعيات العمومية، فهناك رؤية في البرلمان أن يتم إلغاءها وتعود صلاحيتها للهيئة ونحن اعترضنا على ذلك واقترحنا تفعيل دورها وتقليص حجمها وتزويدها بخبرات مالية وإدارية لأن الجمعية العمومية دورها مناقشة الموازنة العامة كل عام، ولابد أن يكون هناك شخص على دراية بالميزانيات بجانب الصحفيين.
فيديو قد يعجبك: