مصر على موقفها من الأزمة السورية رغم أحداث "خان شيخون"
كتبت- ندى الخولي:
اتفق عدد من أساتذة السياسية والخبراء الاستراتيجيين، في التأكيد على أن الموقف المصري من الأزمة السورية ثابت منذ البداية، ويتماشى تماما مع البيان الصادر اليوم، الجمعة، من وزارة الخارجية المطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة إلى مائدة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأصدرت وزارة الخارجية، اليوم، بيانا أعلنت فيه أن مصر "تتابع بقلق بالغ تداعيات أزمة (خان شيخون) التي راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين الأبرياء بتأثير الغازات السامة المحرمة دوليا، وما ترتب على ذلك من تطورات خطيرة".
وشدد البيان على تأكيد مصر على أهمية تجنيب سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مخاطر تصعيد الأزمة حفاظا على سلامة شعوبها.
وصف مختار الغباشي، الخبير الاستراتيجي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، موقف مصر بـ"العام"، فهي تسعى دايما إلى الحل السياسي للقضية السورية من أجل وحدة الدولة السورية.
ولكن الغباشي، قال إنه كان ينبغي على مصر أن يكون لها موقف أكثر شدة وحسم مما جرى في خان شيخون؛ خاصة في ظل حالة الاستقطاب الدولي والإقليمي الشديد.
كانت عدة دول بينها فرنسا وبريطانيا وأمريكا، قد تناقشت من أجل دعوة مجلس الأمن لإصدار مشروع قرار لإدانة الهجوم بغازات سامة في منطقة خان شيخون بإدلب السورية، يهدف لحظر الأسلحة الكيماوية التي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 58 مدنيا، بينهم 19 طفلا و13 امرأة اختناقا، وإصابة 170 آخرين في قصف جوي بغازات سامة استهدف البلدة الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وتابع الغباشي "الموقف المصري واضح في رفض التدخلات العسكرية في سوريا للحفاظ على شرعية الدولة، في ظل وجود آليات عسكرية متعددة في الأراضي السورية".
وطالبت الخارجية المصرية في بيانها اليوم، بـ"ضرورة سرعة العمل على إنهاء الصراع العسكري في سوريا حفاظا علي أرواح الشعب السوري الشقيق ومقدراته، وذلك من خلال التزام كافة الأطراف السورية بالوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة الي مائدة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة".
كما دعت مصر كل من الولايات المتحدة الامريكية روسيا الاتحادية إلى التحرك الفعال على أساس مقررات الشرعية الدولية، وما تتحلى به الدولتان من قدرات، لاحتواء أوجه الصراع والتوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة السورية التي تفاقمت على مدار السنوات الست الماضية، وتكلفتها الباهظة في الأرواح، وتشريد المواطنين السوريين واتساع رقعة التدمير، وهو الأمر الذي بات ملحًا لإخراج سوريا من المنزلق الخطير الذي تواجهه، وذلك انطلاقا من مسئولياتهما تجاه حفظ السلم والأمن الدوليين.
ووصف الخبير الإقليمي ما حدث في "خان شيخون" بـ"فضيحة عربية بكل المقاييس"، وقال "نحتاج لموقف قوي يرقى لخطورة الحدث".
ولم يتفق الغباشي مع الربط بين الموقف المصري للأزمة السورية، وزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأمريكا مطلع الأسبوع الجاري، وكذلك عودة العلاقات المصرية السعودية، وقال "ربما الموقف الأمريكي تغير على خلفية ما حدث في خان شيخون، لكن ذلك ليس له علاقة بالموقف المصري".
مبارك أحمد، أستاذ العلوم السياسية والخبير بالمركز الإقليمي للدراسات والاستراتيجية، قدم قراءة مشابهة للموقف المصري من الأزمة السورية، مؤكدا أن "الموقف المصري ينطلق من أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب بشكل أساسي، بصرف النظر عن توجهات بعض القوى الإقليمية للاستفادة من الوضع في سوريا من أجل تحقيق مكاسب خاصة مثل إيران على سبيل المثال".
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن خروج العراق وسوريا من المعادلة الإقليمية العربية، يخدم مشاريع أخرى غير عربية مثل تركيا وإيران.
وتابع أحمد "الجانب الإنساني في القضية السورية مطلوب؛ لكن رؤية الدولة المصرية للوضع في سوريا يصب أساسا في وحدة الدولة".
أما بشير عبد الفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقد اختلف فقط في وصف الموقف المصري، مؤكدا أنه "لم يكن واضحا من البداية"، مفسرا "مصر ليست مع الأسد مئة في المئة، ولكنها أيضا مع وحدة سوريا. ومع التسوية السياسية للأزمة، ولكنها أيضا لم تدن التدخل العسكري من البداية".
واعتبر عبد الفتاح، أن الموقف المصري من أزمة "خان شيخون"، لم يكن واضحا أيضا، على عكس بعض الدول التي أعلنت صراحة تأييدها للضربة الأمريكية فجر اليوم.
وشنت قوات أمريكية غارة جوية فجر اليوم، الجمعة، استهدفت قاعدة جوية في مدينة حمص السودية، مات على إثرها تسعة أشخاص.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت أنها أطلقت صواريخ كروز على قاعدة جوية قرب حمص ردا على هجوم يُعتقد أنه كيمياوي استهدف بلدة خاضعة للمعارضة في محافظة إدلب.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إطلاق 59 صاروخا من طراز توماهوك من سفينتين في البحر المتوسط في الساعة 4:40 بتوقيت سوريا (01:40 بتوقيت غرينتش).
واختتم عبد الفتاح حديثه بـأن "البيان الصادر عن الخارجية المصرية اليوم، يتماشى كثيرا مع الموقف المصري منذ بداية الأزمة السورية، الذي لم يختر اتجاها معينا".
فيديو قد يعجبك: