40 عامًا على زيارة السادات التاريخية للقدس
القاهرة - (أ ش أ)
في مثل هذا اليوم قبل 40 عاما، سافر الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس في زيارة تاريخية، فاجأ الجميع بالإعلان عنها أمام مجلس الشعب المصري، مستهدفا دعم نصر أكتوبر 1973، واستعادة كامل أرض مصر دون إراقة المزيد من دماء المصريين.
الإعلان عن زيارة القدس كان مبادرة غير مسبوقة خطفت أنظار العالم في حينها، وأحدثت مفاجأة ودوى كبير في المشهد السياسي العالمي، منذ أعلن السادات عن استعداده للذهاب إلى القدس قائلا، "ستدهش إسرائيل عندما تسمعني أقول الآن أمامكم إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم".
إعلان سبقه زيارات متتالية لعدد من الدول على رأسها رومانيا، إيران، السعودية، سوريا، وإجراء مجموعة من الاتصالات السرية، حيث تم إعداد لقاء سري بين مصر وإسرائيل في المغرب، تحت رعاية الملك السابق الحسن الثاني، وفيه التقى آنذاك وزير الخارجية الإسرائيلي، موشى ديان، وحسن التهامي نائب رئيس الوزراء برئاسة الجمهورية.
في بداية الأمر أعتقد البعض أنها فكرة مستحيلة، ورحب مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل والأمريكيون بإعلان السادات عن استعداده لزيارة القدس، وتم تحديد موعدها ليكون يوم السبت الموافق 19 نوفمبر عام 1977، وعشية الزيارة أعلن بيجين في "غزل سياسي"، أن إسرائيل لا يمكن أن تعود إلى حدود عام 1967، كما أنها لن تعترف بالدولة الفلسطينية، ولن تقبل بإجراء اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تثن هذه التصريحات السادات عن القيام برحلته.
ووصل السادات إلى القدس بعد غروب شمس يوم السبت، ووصف وصوله للقدس بأنه يماثل وصول الإنسان إلى القمر، وفي اليوم التالي وقف أمام الكنيست الإسرائيلي وألقى خطابه التاريخي، الذي بدأه بإلقاء السلام قائلا "السلام عليكم ورحمة الله، والسلام لنا جميعا، على الأرض العربية وفي إسرائيل، وفي كل مكان من أرض هذا العالم الكبير، المعقد بصراعاته الدامية، المضطرب بتناقضاته الحادة، المهدد بين الحين والحين بالحروب المدمرة، تلك التي يصنعها الإنسان، ليقضي بها على أخيه الإنسان".
واستطرد قائلا "جئت إليكم اليوم على قدمين ثابتتين، لكي نبني حياة جديدة، ونقيم السلام وكلنا على هذه الأرض، أرض الله، كلنا، مسلمين ومسيحيين ويهود، نعبد الله، ولا نشرك به أحدا وتعاليم الله ووصاياه، هي حب وصدق وطهارة وسلام، املأوا الأرض والفضاء بتراتيل السلام، املأوا الصدور والقلوب بآمال السلام، اجعلوا الأنشودة حقيقة تعيش وتثمر، اجعلوا الأمل دستور عمل ونضال".
تحول استراتيجي في سياسة مصر الخارجية تجاه إسرائيل، جاء نتيجة تعثر محادثات السلام بين مصر وإسرائيل رغم مرور 4 سنوات على حرب أكتوبر، وكذلك نتيجة للزيارات المكوكية غير المثمرة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكية السابق هنري كيسنجر، في محاولة من الولايات المتحدة للقيام بدور الوسيط في المفاوضات بين الجانبين العربي والإسرائيلي، وعدم التطبيق الكامل لبنود القرار رقم (338)، نظرا لعدم وجود اتفاق كامل بين وجهات النظر في المواقف.
نجحت زيارة السادات للقدس، فكانت النواة الأولى لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ودعا الرئيس "السادات"، "بيجن" لزيارة مصر، وعقد مؤتمر قمة في الإسماعيلية، وبعد اجتماع الإسماعيلية بدأت اللقاءات، وأيضا المماطلات الإسرائيلية، فألقى السادات خطابا في يوليو عام 1978، قال فيه "إن بيجن يرفض إعادة الأراضي التي سرقها، إلا إذا استولى على جزء منها، كما يفعل لصوص الماشية في مصر"، إلى أن بدأت مفاوضات السلام في منتجع كامب ديفيد الرئاسي بولاية ميريلاند الأمريكية بالقرب من العاصمة واشنطن.
انتهت رحلة البحث عن السلام، بعد 12 يوم من التفاوض، ووقع السادات وبيجين على اتفاقية السلام لاسترداد الأرض وتحقيق السلام في 17 سبتمبر عام 1978 برعاية الرئيس الأمريكي جيمى كارتر، وحصل الرئيس أنور السادات على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين في 27 أكتوبر 1978، لجهودهما في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، ولكنه تبرع بكامل جائزته المالية لأهل قريته ميت أبو الكوم بالمنوفية.
فيديو قد يعجبك: