"السلف والشحاتة والصدقة".. 4 روايات لعمال لم يتقاضوا رواتبهم من شهور
كتبت – نورا ممدوح:
يأتي أول يوم بالشهر وينتظر العمال صرف راتبهم الذي عملوا من أجله على مدار 30 يوما، فيصدمون بقرار وقف الصرف دون أسباب معلومة، يظنون في البداية أنه تأخُر سيدوم لساعات وربما لأيام قليلة، ثم يكتشفون بأنه قرار غير معلوم المدة والتي تصل إلى عدة شهور متتالية.
يجد العمال أنفسهم أمام قرار "مُجحف" لم يكن في حسبانهم، وفي المقابل فهناك متطلبات معيشية والتزامات عديدة على كلا منهم عليه توفيرها، فيقف العامل حائراً فاقد القدرة على التصرف، إلا أنه يضطر إلى اللجوء لسُبل غير مألوفة بالنسبة له ولكنها خارجة عن إرادته التي قيدها قرار وقف صرف راتبه ، فمنهم من يتجه إلى السلف وأخر يتجه إلى فرصة عمل بديلة "باليومية"، وهناك من يجد نفسه مكتوف الأيدي من جميع الاتجاهات ويعتبر نفسه من مستحقي الصدقات والزكاة .
يعرض مصراوي 4 روايات لعمال من شركات مختلفة تأخر صرف رواتبهم بها لاختلاف الاسباب وظروف العمل، وكيف قضى كلا منهم شهر رمضان وتحمل حاجة اسرته ومتطلباتها.
"عايشين ع الصدقة والزكاة"
"عايشين ع الصدقة" ، هو الوضع الذي أصبح عليه عمال شركة النيل لحليج الأقطان، بعد أن توقف صرف رواتبهم منذ شهر يناير الماضي، فلم يجدوا أمامهم غير الوقفات الاحتجاجية سبيلاً على مدار الستة أشهر الماضية.
يقول محسن داود، رئيس اللجنة النقابية، إن الشركة حصلت على حكم قضائي بالدعوى رقم 37512 بتاريخ 17 ديسمبر 2011 بالعودة إلى الشركة، كما أنه لم يتم تنفيذ قرار حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء الأسبق رقم 1326 لسنة 2013 بالموافقة على تنفيذ الحكم.
ويضيف داود، "مقبضناش مليم من 6 شهور وعايشين في ذل ولم يعد لاحد من العمال أي مصدر دخل من أي اتجاه لان أقل العمال سنا خمسين عاما فلم يعد هناك فرصة للعمل في أي مهنة اخرى جديدة، والعيشة بقت صعبة" .
وتابع رئيس اللجنة النقابية، "دخل علينا رمضان دون امتلاك أي اموال للصرف منها على أسرنا، وعايشين ع الصدقات والزكاة التي يحرص البعض على إخراجها في شهر رمضان،"، مشيرا إلى أن البعض الأخر يعيش على السلف من اقاربه او زملائه "حتى فاض الكيل بيهم" .
وأشار إلى أنه لم يتم صرف أي إعانات طوارئ من وزارة القوى العاملة او وزارة قطاع الأعمال أو مجلس الوزراء وأن كلا منهم يرمي المسؤولية على الأخر، وأنهم كانوا قد توجهوا إلى قصر الاتحادية لتقديم مذكرة بمطالبهم وحصوا على وعد بحل أزمتهم خلال 15 يوما إلا أن أحدا لم يتواصل معهم حتى الان.
وأعلن أن عمال الشركة يعتزمون التوجه إلى مقر قصر الاتحادية عقب إجازة العيد مباشرة للمطالبة بصرف أجورهم المتأخرة وتنفيذ الحكم القضائي بعودة الشركة للدولة.
"بنشتغل باليومية"
محمد النويهي، أحد العاملين بمصنع النويهي للأخشاب، يقول إن أزمتهم بدأت في شهر فبراير الماضي عندما أبلغهم صاحب المصنع برغبته في التصفية بسبب عدم توافر الخامات أو الأموال اللازمة لإدارة المصنع.
وأوضح النويهي، أن صاحب المصنع أبلغهم بأنه سيعطيهم شهر إلا ربع فقط من أجرهم، وأنه لا يمتلك أكثر من ذلك، بالإضافة إلى أنهم فوجئوا في نهاية شهر مارس فوجئوا بوضع جنازير على ابواب المصنع ومنعهم من الدخول، مشيرا إلى أنهم قاموا بالاتصال بالشرطة وتم تحرير محضر بالواقعة.
وأضاف أنهم توجهوا في اليوم التالي إلى مديرية القوى العاملة، وقاموا بالاتصال بصاحب المصنع وإحضاره إلى المديرية وتم مناقشة صرف مرتب الشهر كاملاً، وهو ما رفضه صاحب المصنع في البداية إلا أن وكيل المديرية حذره من أنهم طالما أنهم عملوا شهرا كاملا فلابد من أن يتقاضوا رواتبهم بدون نقصان.
وتابع "بالفعل تم صرف مرتبات شهر فبراير كاملا، إلا أن أزمة تصفية الشركة لم تُحل، وانتهى الأمر إلى أن صاحب الشركة قال أنه سيعيدهم بشكل جزئي، من وقت لأخر، إلا أن ذلك لم يتم وهو ما دفع العمال إلى رفع عدد من القضايا عليه"
"بنشتغل في أي حاجة يوم هنا ويوم هناك" قالها النويهي، بعد أن أصبح بدون عمل ثابت أو راتب شهري منذ شهر مارس الماضي، مضيفا " انا متجوز وعندى 3 اولاد ، اتجهت للعمل في أعمال البناء و ورش النجارة ولم يعد لدي شغل ثابت واصبح أجري باليومية حتى اتمكن من سداد احتياجات منزلي، واحيانا بيكون المرتب اسبوعي 150 جنيه، وربنا اللي بيكرم ويوم كدة ويوم كدة وبتشيل بعضها".
واستطرد " دخل علينا رمضان وجاي العيد بعده ومفيش شغل ثابت ولا تأمين ولا اي حاجة، وإذا اعترضت صاحب الورشة بيقول هي دي المرتبات المتوفرة ولو مش موافق بلا، ولازم نرضي بالأمر الواقع علشان نعيش "
"العمال بتشحت"
أما غريب صقر، أحد العاملين بشركة مصر إيران، فيقول إن الشركة متوقفة عن العمل منذ رمضان العام الماضي، وحتى الآن، وأن العمال لا يتقاضون رواتبهم خلال هذه الفترة، مشيرا إلى أن أخر إعانة تم صرفها من وزارة القوى العاملة كانت في شهر إبريل.
وأضاف صقر، إن إدارة الشركة أصدرت قرار بإيقاف الشركة عن العمل تمهيدا لتصفيتها وتشريد العمال، موضحا أن عدد العاملين بالشركة كان 2200 عامل وأصبح عدهم 1050 بعد خروج عدد كبير منهم على المعاش المبكر.
" في ناس بتشحت بدون مبالغة " هو ما وصل إليه حال العمال بعد عام من توقف العمل، وعدم وجود مصدر دخل ثابت، كما يقول "صقر"، فضلا عن اتجاه البعض إلى العمل في المقاولين باليومية، حيث تصل إلى 30 جنيه في اليوم.
وتابع، " وضع العمال خلال هذا العام كان صعب للغاية، وعدى عليهم مواسم كثيرة وأعياد ولجئ بعضهم إلى بيع أثاث بيته لسد احتياجاتهم، غير أن خلال هذا العام توفي ما يقرب من 16 عامل بالشركة إثر ضغوط كبيرة عليهم، وعدم قدرتهم على العلاج، فضلا عن زيادة حالات الطلاق بين العمال لعدم تمكنهم من إدارة بيتهم".
وأرجع "صقر" ما وصل إليه حال الشركة إلى إدارة الشركة التي يقول عنها أنها كانت سبب في سقوطها، وعلى رأسهم محسن الجيلانى عضو مجلس إدارة الشركة، 79 عاما، و عادل ياسين 78 عاما، قائلا " هؤلاء مثال مصغر لدولة العواجيز، فهم كانوا سببا في مخالفات جسيمة بالشركة وفقا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات"
وأشار إلى أنه تم إصدار قرار بتشغيل الشركة يوم الأربعاء الماضي، إلا أن العمال رفضوا ذلك إلا بعد حصولهم على مستحقاتهم المالية المتأخرة على مدار العام المنصرم، مشدا على أن العمال لن يتنازلوا عن مطلب جدولة رواتبهم المتأخرة، إلا أن 10 فقط من العمال هم من قبلوا بالوضع وعادوا لعملهم أي ما يعني تشغيل 7 مكينات فقط من 300 مكينة بخط الإنتاج.
"سلف ودين"
قال هشام البنا، رئيس اللجنة النقابية بشركة وبريات سمنود، إن مجلس إدارة الشركة، كان قد أصدر قرارا في مارس الماضي بفصل 8 من عمال الشركة، هو بينهم وعدد من أعضائها علي خلفية مطالبة العمال بعلاوة 2014 وحافز التطوير وضمان صرف الرواتب والمستحقات في موعدها.
أضاف البنا، أنهم تقدموا بشكوى في مديرية القوى العاملة بعد صدور هذا القرار الذي وصفه بـ" المتعسف" وبعد تدخل من قبل عدد من المسئولين تم إعادتهم إلى عملهم بعد مرور 3 شهور بدون تقاضي رواتبهم، أو الحصول عليهم بأثر رجعي .
"كنا عايشين على السلف والدين" هو الوضع الذي كان عليه هؤلاء الـ8 عمال علي مدار الثلاث أشهر التي تم فصلهم بها وفقا لما قاله "البنا"، مضيفا " العيشة بقة تحت خط الفقر بمراحل، اسرتي مكونة من 6 أفراد وعملي الوحيد هو الشركة وجميعهم في مراحل تعليم مختلفة، ومرت مدة ال3 شهور بشكل صعب للغاية ودخل لينا رمضان بدون أي مستحقات".
أشار رئيس اللجنة النقابية بالشركة، إلى أنهم عادوا إلى عملهم ولكن بدون صلاحياتهم القديمة، بالإضافة إلى تخفيض العلاوة التي يتم صرفها لهم من رواتبهم، وحرمانهم من الحافز لمدة عام، وهو ما يندرج تحت مجموعة من الجزاءات التي قام بتوقيعها عليهم .
وأرجع "البنا" سبب عداوة رئيس مجلس إدارة الشركة لهم إلى أنهم يقفوا أمامه في ما هو يعتزم القيام به من تصفية للشركة، وأنهم تقدموا بشكوي ضده بإهدار 70 مليون جنيه من أموال الشركة، قائلا " هو يسعى إلى تخريب الشركة ولن يرتاح له بال إلا بتصفيتها ولكننا لن ينترك له المجال لذلك وهناك قرار سيادي بعدم تصفيتها".
فيديو قد يعجبك: