لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل ينجو الهلالي الشربيني من "مقبرة الوزراء" أم الرماد ينتظر من يوقده؟.. تقرير

10:11 ص الإثنين 11 يوليه 2016

كتبت- ياسمين محمد:

كل عام في مثل هذا التوقيت، تترد مطالب بإقالة وزير التربية والتعليم، بسبب امتحانات الثانوية العامة، التي يطلق عليها "مقبرة الوزراء"، والتي يزداد وضعها سوءًا عامًا بعد عام منذ ظهور ما يعرف بـ"صفحات الغش الالكتروني" .

نادى أولياء الأمور والطلاب بإقالة وزراء التربية والتعليم من قبل، وكان ما يحدث خلال الامتحانات لا يتجاوز "الغش الالكتروني"، حيث يتمكن طالب من دخول اللجنة مصطحبًا هاتفه المحمول، ليقوم بتصوير ورقة الأسئلة ويرسلها إلى إحدى صفحات الغش الالكتروني، وتقوم بدروها بنشر الورقة والاجابة عليها.

بهذه الطريقة كان بعض الطلاب فقط يتمكنون من الحصول على الإجابات، وذلك من خلال قدرتهم على دخول اللجان بهواتفهم رغم حظرها، كما أن بعض الإجابات التي تنشرها تلك الصفحات، عادة ما تكون خاطئة.

أما ما حدث هذا العام، فقد تجاوز كل ما كانت تتوقعه وزارة التربية والتعليم، حيث اقتصرت تصريحات الوزير وقيادات الوزارة على استعدادهم لمواجهة الغش الالكتروني، فيما لم تتطرق للـ"تسريب".

إلا أن التسريب كان بطل هذا العام، حيث تمكنت صفحات الغش الالكتروني من تسريب أكثر من امتحان قبل بدئهم بساعات مثل: امتحان التربية الدينية قبل موعده بساعة ونصف، أجزاء من امتحان اللغة الفرنسية قبل موعده بـ40 دقيقة، أجزاء من امتحان الاقتصاد قبل موعده بساعتين، وأخيرًا امتحان الديناميكا قبل موعده بـ7 ساعات، وقامت الوزارة بإعادة امتحاني التربية الدينية والديناميكا فقط.

وتمكنت صفحات الغش الالكتروني من نشر نموذج إجابة مادة اللغة العربية، خلال أداء الطلاب للامتحان، ما دفع الكثير للتساؤل: لماذا يستمر الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم والتعليم الفني في منصبه إلى الآن؟، ويتبعه التساؤل: هل إقالة الهلالي حلًا لأزمة الثانوية العامة؟.

حاول مصراوي رصد أراء خبراء التربية والتعليم، التي تراوحت بين المطالبة بإقالة الهلالي، ورفض الإقالة باعتبارها ليست حلًا لأزمة الثانوية العامة.

الفساد وراء التسريب

يقول الدكتور كمال مغيث الباحث التربوي بالمركز القومي للبحوث، إن إقالة الهلالي بسبب تسريب امتحانات الثانوية العامة، ليست حلًا للأزمة، حيث إن الامتحانات يتم تسريبها بأشكال مختلفة ومتعددة منذ عقود طويلة.

ويوضح مغيث لمصراوي، إن ما جعل الأمر ينتشر بهذه الحدة هو انتشار وسائل الاتصال الحديث، التي جعلت الامتحانات تنتشر بسرعة البرق بين أكبر عدد من الطلاب، على عكس الماضي، حيث كان من السهل معرفة مصدر التسريب وحصاره.

وأكد مغيث أن المسؤول عن تسريب الامتحانات منظومة كبيرة تتجاوز الوزير، تتمثل في فساد منتشر داخل ديوان عام وزارة التربية والتعليم من ناحية، وامتحان يمثل فرصة وحيدة للطالب تقدم له في ورقة واحدة ووقت واحد، وتقيس قدرته على حفظ المعلومات.

واتفقت معه الدكتورة محبات أبو عميرة أستاذ المناهج والعلوم التربوية بكلية البنات جامعة عين شمس والعميد الأسبق للكلية، حيث أكدت أن إقالة الهلالي لن توقف تسريب الامتحانات، فالقضية ليست قضية وزير، بل عصابات إجرامية داخل ديوان عام الوزارة. حسب قولها.

إقالة الهلالي ضرورة

في مقابل ذلك، يرى طارق نور الدين المعاون السابق لوزير التربية والتعليم، أن إقالة الهلالي وإن كانت جزءًا من حل أزمة الثانوية العامة، إلا أنها ضرورة، فلا بد أن يتحمل الوزير مسؤوليته السياسية، ولا بد أن تقيله الحكومة من أجل تهدئة الرأي العام وامتصاص غضبه.

وأشار نور الدين، إلى أنه من الصعب منح الوزير فرصة ثانية لإدارة امتحانات العام الدارسي المقبل، فلو كانت لديه خطة لتأمين الامتحانات من البداية، لكان أولى أن يقدمها هذا العام.

وأضاف نور الدين، أن الهلالي هو الذي يمنح الثقة للقيادات، التي تختار العاملين بالمطبعة السرية، والتي ظهر فيها خائن هذا العام، ورغم ما حدث، لم يقترب الهلالي من قيادات الوزارة حتى الآن، كما أنه المسؤول عن اعتماد خطة تأمين الامتحانات التي أظهرت فشلها.

وأكد نور الدين أن الابقاء على الهلالي في منصبه باعتبار أن الوزير لا علاقة له بفنيات إدارة امتحانات الثانوية العامة، يعد استفزازًا للرأي العام، مشيرًا إلى أن اعتبار الثانوية العامة "مقبرة الوزراء"، هو أن إدارتها تحدد مدى نجاح الوزير من فشله.

تعامل الوزارة مع الأزمة

رغم تأكيد الدكتور كمال مغيث، على أن إقالة وزير التربية والتعليم ليست حلًا لأزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة، إلا أنه يرى أن تعامل الوزارة فيما حدث لم يكن مناسبًا.

وقال مغيث، إنه كان يتوجب على الوزارة، إلغاء كافة الامتحانات بعد تسريب الامتحانات الأول، وإعادتها جميعًا، بشكل جديد لا يسمح بتسريب الامتحان، كالاعتماد على امتحانات الاختيار من المتعدد.

وأشار إلى التخبط الذي طرأ على أداء الوزارة خلال إدارتها للأزمة، حيث تم توجيه أصابع الاتهام لبعض العاملين بالوزارة والمطبعة السرية، برأتهم النيابة بعد ذلك، كما أعلنت الوزارة بالتعاون مع وزارة الداخلية عن القبض على مسؤول صفحة الغش الالكتروني "شاومينج" أكثر من مرة، دون جدوى.

واستنكر مغيث، عدم قدرة الوزارة، للوصول إلى مصادر تداول امتحانات الثانوية العامة عبر صفحات الغش الالكتروني حتى الآن، رغم قدرة خبراء الانترنت على تتبع تلك الصفحات.

عصابات الوزارة

قالت الدكتورة محبات أبو عميرة، إن وزير التربية والتعليم منذ تقلده المنصب في سبتمبر الماضي، فتح الكثير من ملفات الفساد، التي دفعت ما وصفتهم بـ"عصابات ديوان عام الوزارة"، لمحاربته من خلال المساهمة في تسريب امتحانات الثانوية العامة.

وأكد على كلامها، بشير حسن المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم، حيث قال إن الهلالي يحارب في أكثر من جهة لها علاقة بالعملية التعليمية منذ تقلده منصب الوزير، حيث يواجه مافيا الدروس الخصوصية من خلال إغلاق المراكز، والمدارس الدولية المخالفة بوضعها تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة، إلى جانب إلغاء بعض المكافآت التي كانت تمنح لبعض موظفي ديوان عام الوزارة بوجه حق أو بدون وجه حق.

ما الحل؟

يرى الدكتور كمال مغيث، إن الحل لمواجهة ازمة تسريب امتحانات الثانوية العامة يتمثل شقين، الشق الأول هو محاربة الفساد داخل ديوان عام وزارة التربية والتعليم، والشق الثاني هو وضع منظومة جديدة للثانوية العامة.

وأوضحت الدكتورة محبات أبو عميرة أن هناك أكثر من حل لتطوير منظومة الثانوية العامة، على المدى القصير، بدءًا من العام الدراسي المقبل، مشيرة إلى أحد تلك الحلول هو "لا مركزية الامتحانات"، من خلال وضع الامتحانات على مستوى المديريات التعليمية بالمحافظات، حتى إذا حدث تسريب للامتحان يتم إلغاءه بمحافظة واحدة وليس على مستوى الجمهورية.

واكدت أبو عميرة أن شرط تنفيذ هذا المقترح أن تقوم لجنة قومية بوضع معايير للورقة الامتحانية تطبق على جميع المحافظات.

وأضافت أن هناك حلول أخرى يمكن اتباعها على المدى المتوسط والطويل، تتمثل في تخصيص 60% من الدرجات للامتحان النهائي، و40% على امتحان قدرات يؤديه الطلاب داخل المدرسة، حسب رغبته في الكلية التي يريد الالتحاق بها، ليتم جمع الدرجتين معًا وتقديمهم لمكتب التنسيق.

وتابعت أنه من ضمن الحلول، اعتبار الثانوية العامة سنة عادية جدًا، حيث يتم حساب درجات الطالب التراكمية، خلال المرحلة كاملة، ويتحدد بناءً عليها تقديره العام كما يحدث بالجامعات.

وأضاف طارق نور الدين، أن من ضمن الحلول، كذلك، الامتحان المشفر والطباعة اللامركزية، حيث يتم طباعة أسئلة الامتحان داخل لجان النظام والمراقبة قبل بدء اللجان بساعة واحدة، من خلال "كود" يعطى لرئيس اللجنة ولا يُفعل إلى قبل بدء الامتحان بساعة، وباستخدام أوراق من الصعب تصويرها.

وأكدت أبو عميرة، أن الوزارة لا بد أن تسير في تنفيذ تلك الحلول فورًا، لتطبيقها بدءًا من العام الدراسي المقبل 2016/2017، مشيرة إلى اعتراضها على ما أعلنه المجلس الرئاسي التخصصي للتعليم، من تطوير نظام الثانوية العامة مع الجيل الجديد الذي سيلتحق بالصف الأول الابتدائي عام 2016/2017، ما يعني تطوير المنظومة بعد 12 عام.

وأكدت أبو عميرة أن الخطة التي وضعها المجلس الرئاسي تعد خطة طويلة المدى، ولكن إلى جانب ذلك لا بد من اتباع خطة قصيرة المدى يبدأ العمل بها فورًا لحل الأزمة مع العام الدراسي الجديد.

ولفتت أبو عميرة إلى أن ما يتم تطويره على المدى البعيد هو المناهج، أو منظومة التعليم كاملة، أما أزمة الامتحانات فلابد من وضع حلول قصيرة المدى ثم متوسطة المدى ثم طويلة المدى، حيث لا بد من إيجاد حل عاجل لامتحانات العام الدراسي القادم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان