إعلان

هل ينال الاختفاء القسري من الأطفال؟

06:05 م السبت 05 مارس 2016

هل ينال الاختفاء القسري من الأطفال؟

كتبت ـ هاجر حسني:

خلال الفترة الأخيرة، تداول عدد من النشطاء والأهالي، أنباء عن اختفاء ذويهم -من البالغين- قسريًا، في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الداخلية مرارًا، عدم وجود حالات اختفاء قسري بالسجون المصرية، في ظل ثبوت ادعاء البعض لذلك، وظهور ذويهم بعد مدة غياب.

وعلى الرغم من وجود حالات لأطفال تم القبض عليهم في قضايا سياسية، وصدر بحقهم أحكام قضائية، إلا أن حالات الاختفاء القسري بين الأطفال لم تمثل ظاهرة يمكن الاستناد إليها، خاصة وأن عدد قليل من الأسر، هم من أكدوا أن أطفالهم مختفون قسريًا.

وفي تقرير لها منتصف العام الماضي، قالت منظمة هيومن رايتس مونيتور، إن ظاهرة الاختفاء القسري في مصر، وصلت لمستويات غير مسبوقة، لافتة إلى أن مصر شهدت تصاعدًا سريعًا وخطيرًا في أعداد حالات جريمة الاختفاء القسري؛ لتصل إلى الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة.

وأضافت أن أعداد المختفين قسريًا خلال 2015 بلغت 464 حالة، منها 139 حالة اختطاف من المنزل، و25 من مقر العمل، في حين اُختطف الباقون من الشارع أو محطات المترو أو الموانئ الجوية، بجانب اختفاء 4 حالات من محبسهم، و21 بعد صدور أمر النيابة بإخلاء سبيلهم أو تبرئتهم من المحكمة، وفق متابعات وتقارير حقوقية، حسب المنظمة.

وخلال حملة، أطلقتها صفحة أوقفوا الاختفاء القسري، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، دون عدد من الأهالي على هاشتاج يحمل اسم الحملة، قصص عن ذويهم المفقودين، وكان من بينهم أطفال لم يتعدوا 18 عامًا.

ويقول محمد عبده إمام، أستاذ بجامعة الأزهر بالإسكندرية، إن ولديه ـ مروان وعبد الرحمن ـ ظلا مختفيين لمدة 8 أيام، بعد القبض عليهم من إحدى الأسواق التجارية يوم الأربعاء 3 فبراير الماضي، وبمراجعة كاميرات المراقبة الخاصة بالمتجر، اتضح أن أشخاص بزي مدني وآخرين تابعين لجهاز الشرطة، ألقوا القبض عليهما واقتادوهما حتى سيارة الشرطة "البوكس" في الثالثة فجرًا.

بعد القبض على الشابين، داهمت قوة من الشرطة -في اليوم التالي- منزلهما، وتم تفتيش المكان بالكامل، وبعد محاولات باءت بالفشل للعثور على الولدين اللذان لم يتخطا عامهما الثامن عشر، اتضح أنهما بقسم المنتزه. "سألنا في مديرية الأمن والأقسام وفي الآخر ناس نعرفهم شافوهم في قسم المنتزه وهما بيزورا حد قريبهم"، يقول الأب.

سارعا الأب والمحامي، إلى قسم المنتزه؛ لاستيضاح المعلومة، ولكنهما لم يجدا ما ينشداه، فاسماء الشابين غير موجودة بكشوف القسم. انتقل الأب إلى مديرية الأمن، ولكنه وجد نفس الشئ، وبحلول يوم 14 فبراير، أبلغ المحامي، الأب، أن الأطفال سيتم عرضهما على النيابة في هذا اليوم، "اليوم ده النيابة أفرجت عن عبد الرحمن الصغير (17 سنة)، ومروان ظل حبيسًا قيد التحقيقات لمدة 4 أيام، وعرفنا بعد ذلك إنه متهم في قضية بالانتماء لتنظيم الفجر".

يقول الأب الأربعيني، إن عبد الرحمن أكد تعرضهما للضرب والإهانة، خلال فترة اختفائهم، وذلك في إحدى غرف الطابق الرابع بمديرية أمن الإسكندرية، المعروف عنه أنه مخصص للمحتجزين على ذمة قضايا سياسية، بخلاف أنهما كانا بصحبة 35 آخرين عمرهم لم يتعدى 18 عامًا.

ويرى أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال، إنه دائما ما يتم إبلاغ الحقوقيين بحالات الاختفاء القسري، بعد ظهور الأطفال وتحويلهم للمحكمة، مؤكداً أنه لم يصله أي شكوى، أو حالة اختفاء قسري بين الأطفال.

وأضاف مصيلحي، أنه من الوارد وجود حالات خاصة بالختفاء القسري للأطفال، قائلًا "طالما أجهزة الدولة سمحت لنفسها إنها تقبض على أطفال في إعدادي وثانوي بتهمة إثارة بلبلة، يبقى ممكن يكون في حالات اختفاء قسري بين الأطفال".

وتابع "في قطيعة مؤخرًا بين عناصر الإخوان والحقوقين، لاعتقادهم بأن المنظمات الحقوقية تمثل النظام الحاكم، وبما أن معظم حالات القبض والاختفاء حاليًا لأشخاص مؤيدين للإخوان، ففي الأغلب يتم الاستعانة بمحامين على صلة بهم، وليس نحن" وفق قوله.

وقالت دعاء عباس، رئيسة الجمعية القانونية لحقوق الطفل والأسرة، إن كلمة الاختفاء القسري، أصبحت تُردد دون وعي بمعناها الحقيقي، لأن المصطلح يعني وجود اختفاء لطفل من قبل الشرطة، وليس فقط تغيب، أو أن يكون طفل مفقود.

وأضافت أن معظم الحالات التي تَرِد للجمعية، تكون إما تغيب أو اختطاف، ومعظم الحالات التي يتوقع الأهالي فيها أن أطفالهم مختفون قسريًا، يتضح أنه كان محتجز على ذمة قضية، ولذلك فلا بد من وجود ثقة كاملة من أن الطفل مختفي قسريًا قبل الترويج لذلك.

وتابعت عباس "هناك بعض المتربصين بالدولة، ممن يحاولون إثارة قضية الاختفاء القسري، وخاصة بعد الترويج لهذا الاختفاء بين البالغين، لافتة إلى أن ذلك يحدث للفت الأنظار بعيدًا عن القضية الأساسية وهي الإرهاب".

من جانبه، رفض محمود البدوي، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث، ترديد مصطلح اختفاء قسري للأطفال دون وعي به، لافتًا إلى أن أحد الدخلاء على قضية حقوق الأطفال دأب على ترديد المصطلح، ولكن إذا طُلب منه احصائية أو إثبات لن يستطيع، وفق قوله.

وأضاف "لكن بمعنى أوضح، هناك أطفال متهمين في قضايا، ومعروض أمرهم على جهات التحقيق والتقاضي".

وعن شكوى بعض الأهالي من اختفاء أطفالهم، يقول البدوي، إن هذه الحالات تنحصر في الهروب من الأسرة على سبيل المثال، أو خطف هؤلاء الأطفال واستغلالهم في أعمال منافية للآداب، وبالتالي فلا يجوز أن نطلق لفظ اختفاء قسري على أي طفل اختفى أو هرب من أسرته، وخاصة أنه لا يوجد دليل أو إثبات أن هناك جهة أمنية اختطفته، أو ألقت القبض عليه.

ولفت إلى أنه حتى في حالات الاختفاء القسري للبالغين، ثبت أن بعضهم كان مهاجرًا بطريقة غير شرعية، أو هارب من أهله، مضيفًا "بل إن بعضًا منهم أثبت في النهاية أنه منضم لتنظيم داعش، ولذلك فالتأكيد لا بد أن يكون بوثائق".

وتابع "لو الطفل ملوش ميول سياسية أو غير ناشط سياسيًا، واختفى، هل يجوز وقتها أن نقول عليه أنه مختفي قسريًا؟!، بالطبع لا، نقول اختفاء فقط لحين استيضاح الأمر من الجهات الرسمية، فإذا كان بسبب جهة أمنية، وقتها نقول اختفاء قسري"، لافتًا إلى أنه لم يصل للجمعية أية حالات اختفاء قسري بين الأطفال.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان