لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سجناء "القلم".. صحفيون على "بلاط الزنزانة" -(3 مشاهد)

06:29 م الأحد 21 فبراير 2016

أرشيفية

كتبت ـ هاجر حسني:

لا يخفى على أحد ما يعاني منه السجناء في السجون، أوضاع متردية نالت منهم ومن صحتهم وأصبح المحتجزين أشباح لأشخاص عهدهم ذويهم مفعمين بالصحة والشباب قديما. ولم تقتصر المعاناة على المحتجزين فقط بل نالت من ذويهم الذين يذوقون مرار غيابهم ومرار لقاءهم الذي يأتي بعد رحلة طويلة من التعب والإرهاق للحصول على فرصة زيارة لا تدوم سوى لدقائق، ولم يكن الصحفيون المحتجزين هناك بمنآى عن ذلك فالأوضاع لا تفرق بين شخص وآخر الكل سواء، الفارق الوحيد هو أن هؤلاء لم يتوقعوا يومًا أن تجور عليهم مهنتهم وتلقي بهم في غياهب السجن.

تدهور صحي

لم يعلم حسن القباني في البداية الجُرم الذي ارتكبه سوى كلمات أعتاد هو أن يقرأها ويسمعها توجه لزملاءه من الصحفيين ممن قُبض عليه، "التخابر مع دولة أجنبية" اتُهم حسن بعد اختفاءه لثلاثة أيام منذ أن تم القبض عليه من منزله في 22 يناير 2015، ثم ترحيله على سجن العقرب بعد ذلك، "عرفنا إنه كان موجود في أمن الدولة" هكذا تروي آية علاء زوجته، التحقيق مع الصحفي الثلاثيني كان غريبا نوعا ما "كانوا بيسألوه عن رأيه في السيسي ونظام الدولة مش أسئلة تحقيق، طبعا لأنهم عارفين إنه صحفي وله رأي" تقول آية، عقب التحقيقات تم حبس القباني احتياطيا على ذمة التحقيقات ومنذ ذلك الحين ويتم التجديد له.

وفي الوقت الذي يعاني فيه حسن من ويلات الحبس كانت تعاني أسرته مثل باقي أسر المحتجزين في سجن العقرب للحصول على فرصة زيارة لا تدم سوى لدقائق بسيطة من وراء حاجز زجاجي "عدد الزيارات محدد كل أسبوع وفي 180 أسرة بتروح الزيارة، يعني علشان يجي دوري هزوره كل 5 شهور مرة".

تعد آية نفسها في كل زيارة لخوض رحلة تبدأ من العاشرة ليلا حتى تتمكن من الزيارة في الساعة الحادية عشرة صباحا من اليوم التالي "بنروح من بليل وبنفضل قاعدين قدام السجن في البرد علشان لو روحنا متأخر شوية ممكن معرفش أدخل للزيارة، ومتأخر دي معناها إني أوصل الساعة 3 الفجر مثلًا"، وفي النهاية يتم اختصار مدة الزيارة والتي لا تتعدى 15 دقيقة والذي وصفته آية بأنه تعنت مقصود "العدد مش كبير في العقرب، سجن الاستقبال في عدد أكبر ومدة الزيارة أطول وبدون حائط زجاجي، ده غير إن العقرب في 8 كباين للزيارة 4 منهم بس هم اللي شغالين".

20 كيلو فقدهم القباني خلال عام منذ أن نُقل للعقرب وخاصة بعد ما أسماه الأهالي "حملة التجويع" التي أطقتها إدارة السجن في رمضان فضلًا عن إصابته بأمراض مزمنة، جسده الهزيل المنهك لم ينسيه أنه صاحب قضية "هو مش فارق معاه كل ده بس على الأقل من حقه يتمتع بحقوقه في الزيارة وجوه السجن"، خلال عام غاب فيه راتب القباني وبقي فقط بدل نقابة الصحفيين.

أُجبرت آية على العمل حتى يكون هناك مورد ثابت يعادل توقف الراتب الشهري "بدل النقابة مبيعيش حد، وأنا دلوقتي بصرف على بيتين الوجبات في السجن غالية ومحتاجة إني اسيب فلوس لحسن في الكانتين لأن أكل السجن سئ جدًا"، الأطفال كان لهم نصيب بمرورهم في تجربة مؤلمة في سن صغيرة فهم لا يعلمون لماذا يُحتجز والدهم مع المجرمين في مكان واحد وخاصة أن الصحفي يكشف الحقيقة دائمًا مثلما يُقال لهم "في الأول كانوا بيسألوا عليه كتير ومكنتش بحب أخدهم معايا لحد ما فهمتهم بس لما راحوا اتصدموا من المنظر، ولما بقت الزيارة مهينة بالشكل ده مبقتش أخدهم معايا".

حبس انفرادي

بين جدران أربع، يقبع الصحفي أحمد سبيع منذ عام تقريبًا، الأسباب وراء مكوثه في الحبس الانفرادي حتى الآن لا يعلمها أحد، انتمائه لجماعة محظورة هي التهمة التي وُجهت له بعد أن قضى عامًا في التحقيقات نُقل على إثرها لسجن العقرب ليعايش ما يعيشه غيره من المحتجزين هناك، تقول إيمان محروس زوجته "الظروف في العقرب معروفة لكل الناس، السجن عامل نظام بيدخل فيه 30 زيارة بس في اليوم، ويا تدخلي يا متدخليش".

الأزمة الأساسية التي يواجهها المحتجزون في سجن العقرب هي منع دخول الطعام والملابس في ظل عدم توفير إدارة السجن لهما بشكل جيد "مفيش أكل بيدخل ولو دخل بيبقى فُتات، وجبة لا تصلح لطفل صغير، ولما بندخل أكل من اللي احنا جايبينه بياخدوا منه الأكل المطبوخ بس"، كما تمنع إدارة السجن أيضا دخول بعض الأدوية "كان في مراهم أنا كنت عايزة أدخلها ورفضوا رغم إن ده علاج".

خشونة شديدة في فقرات الرقبة والظهر والتهاب في الأطراف يُعاني منها سبيع منذ أن انتقل إلى العقرب بسبب الأوضاع هناك "بيناموا على الأرض جوه الزنازين ومفيش أغطية كفاية ده غير الملابس الخفيفة جدا اللي بيلبسوها"، لم تجد الزوجة سبيل سوى الاستعانة ببعض الجهات التي ربما تجد لديها ما تفعله "نقابة الصحفيين قدمت طلب لنقل زوجي إلى سجن المزرعة ومساعد وزير الداخلية قالهم انسوا النقل"، ومن خلال شكوى جماعية وقعت عليها في المجلس القومي لحقوق الإنسان تساءلت كيف لا يستطيع أعضاء المجلس الدخول للزنازين في زياراتهم "في المجلس قالوا لي إن المحتجزين مش بيرضوا يقابلوهم وبيقولوا عليهم مجلس انقلابي، فتقدمت بشكوى خاصة والأستاذ محمد عبد القدوس وعدني إنه هيتابعها بنفسه والنقابة كانت مقدمة طلب للنائب العام بإخلاء سبيله وأنا طلبت منها تقدمه تاني".

حبس الصحفي الأربعيني احتياطيا مستمر حتى العام الحالي خاصة بعد سقوط الحكم في جلسة النقض، ضمن 27 صحفيا في قضايا متنوعة ما يقرب من 20 منها يتعلق بالمهنة بخلاف صدور أحكام غيابية وأولية بالحبس في مواجهة 7 صحفيين فيما تم إحالة 8 صحفيين للجنايات بسبب ممارستهم لعملهم بحسب ما رصدته لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، الأوضاع أصبحت صعبة وبدأ البعض في اللجوء إلى أساليب أخرى في محاولة لتحسينها "زوجي قالي الزيارة الأخيرة إنه هيبدأ إضراب عن الطعام".

أوضاع متقاربة

ظل علي في آخر زيارة لأبيه يحدق فيه صامتا، لم يستوعب الأمر حتى الآن، لماذا لم يعد والده معهم؟، لماذا يراه مرة واحدة كل شهر وحتى عندما يراه لا يُسمح له بأن يحتضنه، تقول نيفين سعد زوجة الصحفي محمود مصطفى "أولادي الكبار حبيبة ويوسف متفهمين الوضع وفخورين بوالدهم بس في نفس الوقت رافضينه، لكن علي 3 سنين ومش عارف يستوعب، حتى ابني الكبير يوسف بقى عدواني جدًا، وحبيبة كانت مرتبطة بوالدها وده أثر على دراستها".

مضى على وجود محمود في سجن استقبال طره 4 أشهر محبوسا احتياطيا بناءً على اتهامه بنشر أخبار كاذبة "محصلش أصلًا تحقيق من وكيل النيابة والاتهامات دي كاذبة"، الوضع لا يختلف كثير عما يحدث في العقرب فتقريبا ذات المعاملة والشكاوى أيضا التي يتحدث بها الأهالي "بنقعد 10 ساعات علشان ندخل الزيارة وبيرفضوا الألبان والفاكهة وبياخدوا الأكل المطبوخ بس، والأكل اللي بيترفض بيترمي كله على بعضه علشان ناخده واحنا خارجين، طبعا مش بنبقى عارفين أكلنا فين، أد إيه بنحس بالقهر والظلم وقتها"، تقول نيفين، لا يرغب الصحفي الأربعيني في الشكوى وخاصة أمام عائلته فيحاول إظهار عكس ما يخفيه "بيحاول يتأقلم مع الوضع إلى حد ما قدامنا علشان ميقلقناش".

مثل أي سجين أثر وجود محمود في طره على صحته، فأربعة أشهر كانت كافية لإصابته بخشونة في الركبة وخاصة بسبب طبيعة الحمامات هناك "الحمام هناك بلدي كمان الجو برد جدا ومش مسموح لينا اننا ندخلهم بطاطين زيادة وجسمه بدأ يوجعه من البرد"، ورغم الحالة الصحية السيئة للصحفي الشاب إلا أن كل ما ينغص عليه مرارة السجن أكثر هو عدم السماح بدخول الكتب "محمود حياته في الكتب ممكن ينسى الأكل والشرب لكن القراية لأ، هو كمان حضر ماجستير قبل ما يتقبض عليه وأحيانا بندخلها سرقة كده بس معظم الأوقات مش بيسمحوا"،

الأوضاع السيئة التي يعاني منها الصحفيين ضمن محتجزين آخرين في السجون لم تتوقف حتى الآن وخاصة بعد أن شنت نقابة الصحفيين حملة للمطالبة بتحسين الأوضاع ولكنها تحسنت وقتها جزئيا، ففي تقرير لجنة الحريات بنقابة الصحفيين أكدت وجود شكاوى عدة من أهالي الصحفيين في بعض السجون على رأسها العقرب من بينها منع الزيارة والدواء وإدخال الملابس الشتوية، وحملت النقابة مسؤولية الحالة الصحية المتدهورة للزملاء ذوي الحالات الصحية الصعبة لوزارة الداخلية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان